أعلن رئيس مالي إبراهيم أبو بكر كيتا تنحيه عن السلطة وحل البرلمان والحكومة، وذلك ساعات بعد أن احتجز عسكريون كيتا ورئيس وزرائه بوبو سيسي.
وبث التلفزيون الرسمي كلمة مسجلة للرئيس المعتقل في معسكر قرب العاصمة بماكو أعلن فيها استقالته من كل مناصبه.
وقال كيتا في كلمته إنه "إذا كان بعض عناصر قواتنا المسلحة ارتأوا اليوم أن الأمر يجب أن ينتهي بتدخلهم فهل لدي حقا خيار؟ أنا أرضخ لأنني لا أريد أن تراق أي قطرة دم من أجل أن أبقى في منصبي".
ويشكل هذا التطور ذروة الخلاف بين الرئيس والمعارضة بدأ قبل نحو عامين عندما رفضت المعارضة نتائج الانتخابات.
مجلس الأمن
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا مغلقا الأربعاء لمناقشة الأزمة في مالي، وذلك بناء على طلب فرنسا والنيجر.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية في مالي قد أكدت اعتقال الرئيس ورئيس الوزراء على يد قوة عسكرية وصفتها بالمتمردة، وقالت إنه جرى أيضا اعتقال قائد الأركان العامة للجيش ورئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ووزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد.
وخلال ساعات تحولت حركة التمرد -التي انطلقت من قاعدة كاتي العسكرية- إلى محاولة انقلابية أدانها المجتمع الدولي، خصوصا فرنسا التي تنشر 5100 عسكري في منطقة الساحل الأفريقي -وبالذات في مالي- في إطار عملية برخان.
وسيطر المتمردون على القاعدة والشوارع القريبة، قبل التوجه ضمن قافلة إلى وسط العاصمة بماكو، حيث استقبلهم بالترحاب متظاهرون تجمعوا للمطالبة برحيل الرئيس.
تنديد دولي
وسارعت الأسرة الدولية إلى التنديد بالانقلاب العسكري، فيما أيده المتظاهرون الذين يطالبون منذ أشهر برحيل رئيس الدولة.
فقد طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الرئيس أبو بكر كيتا، وحض كل الفرقاء المعنيين -خاصة قوات الدفاع والأمن- على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
وقال متحدث باسم غوتيريش في بيان إن "الأمين العام يدين بشدة هذه الأعمال، ويدعو إلى العودة الفورية للنظام الدستوري ودولة القانون في مالي".
كما بحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأزمة في بماكو مع نظرائه في النيجر محمد يوسفو، وساحل العاج الحسن وتارا، والسنغال ماكي سال، وأكد "دعمه التام لجهود الوساطة الجارية من دول غرب أفريقيا".
وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس ماكرون يتابع عن كثب الوضع في مالي، وإنه يدين محاولة التمرد القائمة هناك.
وفي السياق، عبرت الولايات المتحدة عن معارضتها ما يجري، وأعلن المبعوث الأميركي لمنطقة الساحل بيتر بام عبر تويتر "نتابع بقلق تطور الوضع اليوم في مالي، إن الولايات المتحدة تعارض أي تغيير للحكومة خارج إطار الدستور، سواء من قبل الذين هم في الشارع أو من جانب قوات الدفاع والأمن".
من جانبه، أعرب ميخائيل بوغدانوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشمال أفريقيا وبلدان أفريقيا عن قلق موسكو إزاء الانقلاب العسكري في مالي، وقال إنهم يتابعون عن كثب تطور الأوضاع هناك.
وأشار بوغدانوف -وهو يشغل أيضا منصب نائب وزير الخارجية- إلى أن السفارة الروسية في العاصمة بماكو أفادت بأن المتمردين استولوا على القصر الرئاسي، حيث جرى تبادل لإطلاق النار.
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه لا يمكن أن يكون ذلك ردا على الأزمة الاجتماعية والسياسية العميقة التي تضرب مالي منذ أشهر عدة.
وأدان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد اعتقال الرئيس المالي، وقال في تغريدة عبر تويتر "أدين بشدة اعتقال الرئيس كيتا ورئيس الوزراء وأعضاء آخرين في حكومة مالي، وأدعو لإطلاق سراحهم فورا".
وأضاف "أدين بشدة أي محاولة لتغيير الدستور، وأدعو المتمردين إلى وقف استخدام العنف، واحترام المؤسسات الجمهورية".
وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن عسكري -قالت إنه أحد قادة التمرد- قوله "يمكننا أن نؤكد لكم أن الرئيس ورئيس الوزراء في قبضتنا". وأوضح العسكري -الذي طلب عدم كشف هويته- أنه تم اعتقالهما من منزل الرئيس.
كما نقلت الوكالة عن مصدر عسكري آخر في معسكر المتمردين أن "الرئيس كيتا ورئيس الوزراء في آلية مدرعة متجهة إلى كاتي"، وهي القاعدة العسكرية التي بدأ فيها التمرد.
من جهتها، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن شهود عيان قولهم إن جنودا متمردين حاصروا مقر الرئيس وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء.
بدورها، قالت وكالة رويترز نقلا عن مصدرين أمنيين إن جنودا متمردين اعتقلوا الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا، بعد اعتقال عدد من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
أزمة خطيرة
وتواجه مالي أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة منذ يونيو/حزيران، ونظمت المعارضة مظاهرات جديدة هذا الأسبوع من أجل المطالبة باستقالة الرئيس، وبلغت المظاهرات ذروتها باحتلال مكان رمزي في وسط العاصمة بماكو يومي الجمعة والسبت.
وتضم حركة 5 يونيو -التي تقود المظاهرات المناهضة للسلطة- تحالفا متنوعا بين رجال دين وسياسيين ومنظمات من المجتمع المدني.
ورفضت الحركة الخميس الماضي اقتراحا تقدم به الرئيس النيجيري السابق جودلاك جوناثان من أجل الاجتماع بالرئيس كيتا، مشترطة قبل ذلك بشكل خاص إنهاء "قمع" ناشطيها.
الجزيرة نت