مقاومة واعتقال ومطاردة ثم استشهاد، هكذا كانت حياة "توأم المقاومة" رائد العطار ومحمد أبو شمالة بعد مسيرة جهادية زاخرة بالبذل والتضحية والعطاء توجت بالارتقاء خلال معركة العصف المأكول عام 2014.
وتصادف غدا الجمعة الذكرى السادسة لاستشهاد القائدين برفقة القائد محمد برهوم، بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال الحربية بتسعة صواريخ منزلاً بحي تل السلطان بمدينة رفح فجر الحادي والعشرين من أغسطس عام 2014م.
ختمت مسيرة قادة القسام الثلاثة في رفح بالشهادة بعد أكثر من عشرين عاماً من المطاردة والجهاد في ميادين المواجهة مع العدو الغاصب، منذ تأسيس كتائب القسام مروراً بانتفاضة الأقصى والحروب الثلاث على قطاع غزة.
الانتفاضة الأولى
الباكورة الجهادية للقائدين رائد العطار ومحمد أبو شمالة كانت في فعاليات الانتفاضة الأولى من خلال رشق دوريات الاحتلال بالحجارة والكتابة على الجدران وتنظيم المظاهرات والإضرابات، كما كان لهما البصمة في عشرات العمليات الجهادية وملاحقة العملاء وتصفيتهم.
ظلم السلطة
وفي عام 1995 مع قدوم السلطة إلى قطاع غزة اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لها القائدين العطار وأبو شمالة، بتهمة التدريب على أسلحة غير مشروعة، وأمضيا في سجونها قُرابة الثلاث سنوات.
ليس هذا فحسب، ففي مارس عام 1999م، حكمت محكمة أمن الدولة التابعة للسلطة ظلماً بالإعدام على القائد رائد العطار، والسجن المؤبد مع الأعمال الشاقة على القائد محمد أبو شمالة، على خلفية مقتل شرطي أثناء مطاردته ثلاثة من المجاهدين، إلا أنها تراجعت عن الحكم بتدخل من الرئيس الراحل ياسر عرفات؛ إثر احتجاجات شعبية واسعة ضد الحكم.
اللبنات الأولى
وكان للقائدين العطار وأبو شمالة السبق مع الرعيل الأول لكتائب القسام، إذ أشرفا على إعادة ترتيب صفوف الكتائب في مدينة رفح مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000م، بعد أن عملت أجهزة السلطة على تفكيكه، فغدى العطار قائداً للواء رفح في كتائب القسام، وعضواً في المجلس العسكري العام، في حين أصبح أبو شمالة قائداً لدائرة الإمداد والتجهيز، وعضواً في المجلس العسكري العام للكتائب.
عمليات نوعية
وفي العمل الجهادي شارك القائدان وأشرفا على عشرات العمليات النوعية والاستشهادية، أبرزها سلسلة عمليات الأنفاق خلال انتفاضة الأقصى، مثل عملية براكين الغضب و"محفوظة" و"حردون" و"ترميد" والتي أدت إلى مقتل أكثر من عشرين جندياً "إسرائيلياً" وإصابة أكثر من 70 آخرين بجراح متفاوتة.
الوهم المتبدد
وفي كبرى عمليات القسام "الوهم المتبدد" والتي أسر خلاها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من داخل دبابته، وقتل قائد الدبابة ومساعده عام 2006، كانت بصمات العطار وأبو شمالة جلية فيها، إذا شكلت العملية تطوراً نوعياً في مسار المقاومة في غزة، بعد الانسحاب "الإسرائيلي" منها، فقد امتازت بالدقة والتخطيط وبراعة التنفيذ.
وكان الإنجاز الأبرز للقائدين المشاركة الفاعلة في إتمام صفقة وفاء الأحرار في 18 تشرين أول/أكتوبر 2011م والتي أفرج بموجبها عن 1027 أسيراً من ذوي الأحكام والمؤبدات، بعد الاحتفاظ بالجندي الإسرائيلي لمدة 5 أعوام في قطاع غزة.
الحروب الثلاث
حنكة القائدين العطار وأبو شمالة تجلت في قيادة العمل العسكري لكتائب القسام خلال معارك الفرقان، وحجارة السجيل، والعصف المأكول من خلال التصدي لقوات الاحتلال المتوغلة براً شرق مدينة رفح، من خلال التخطيط المحكم والإعداد والتجهيز المسبق.
ومن أبرز العمليات التي قادها رائد العطار عملية صوفا في معركة العصف المأكول، وكذلك إيقاع العدو في العديد من الكمائن، أبرزها كمين أبو الروس الذي فقد خلاله الضابط " الإسرائيلي" هدار غولدن" خلال معركة العصف المأكول صيف عام 2014 شرق رفح.
تضحية تتوج بالشهادة
وبعد رحلة الجهاد والعطاء كان القادة الثلاثة العطار وأبو شمالة وبرهوم على موعد مع الشهادة في الحادي والعشرين من أغسطس عام 2014م بعد استهداف طائرات الاحتلال منزلاً بحي تل السلطان غرب مدينة رفح بعدة صواريخ من طائرات الـ F16 ما أدى لاستشهادهم وخمسة مواطنين وإصابة أكثر من أربعين.