يبدو أن تعنت الاحتلال الإسرائيلي في الاستجابة لمطالب الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، يدفع باتجاه التصعيد وتدهور الأوضاع الميدانية، لا سيما في ظل انتشار فايروس كورونا في القطاع وتردي الحالة الصحية والإنسانية نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 13 عاما.
وتشهد حدود قطاع غزة منذ عدة أيام تصعيدا، وإطلاق بالونات اتجاه مستوطنات غلاف غزة، وكذلك بعض النشاطات لوحدة الإرباك الليلي، فيما يقصف الاحتلال بشكل شبه يومي مواقع للمقاومة الفلسطينية، ما تسبب بأضرار مادية فادحة.
وعلى إثر ذلك وصل وفد أمني مصري قبل أيام لقطاع غزة والتقى مع قادة حركة حماس والفصائل الفلسطينية ونقل مطالبهم للاحتلال الإسرائيلي، فيما عاد الوفد للقاهرة عقب التعنت الإسرائيلي في الاستجابة لمطالب رفع الحصار، الأمر الذي دفع الوسيط القطري للتدخل لكن يبدو دون جدوى في ظل استمرار الرفض الإسرائيلي لفك الحصار.
وغادر السفير القطري محمد العمادي، مساء أمس، قطاع غزة بعد أن وصلها قبل يومين، دون التوصل لاتفاق يُلزم الاحتلال بتنفيذ تفاهمات التهدئة وتنفيذ المشاريع الكبيرة التي جرى الاتفاق عليها قبل أشهر.
وتشير المعطيات على أرض الواقع أن الأوضاع الأمنية قد تشهد تصعيدا جديدة في ظل الرفض الإسرائيلي، خاصة وأن فصائل المقاومة الفلسطينية أعلنت اليوم الخميس، أنها لن تقف صامتة أمام الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وشددت الفصائل في بيان لها، أنه في حال لم يرفع الحصار ولم يتم ادخال كامل المستلزمات الطبية والمعيشية لمواجهة الجائحة، فإنها لن تقبل أن يعاني الشعب الفلسطيني وحده، وسيرى العدو من بأسها الشديد، وفق تعبيرها.
**** معيقات الاحتلال
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني، أن استراتيجية البابونات والنفس الطويل والاستنزاف هي الأمثل في ظل الواقع في غزة الراهن وانتشار حالات كورونا داخل المجتمع.
ويستبعد الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن يدفع الضغط الشعبي الذي يمارسه الشباب الثائر الاحتلال إلى الدخول في مواجهة عسكرية مع الاحتلال، وإنما قد تدفع نتنياهو باتجاه الموافقة لمطالب المقاومة.
ويوضح أنه لا يمكن القول بأن الوساطة القطرية والمصرية فشلت ولكن هناك معيقات تحاول (إسرائيل) أن تضغط على الفصائل الفلسطينية بأن يتم خفض المطالب التي تطالب بها.
ويضيف "لا شك أن إسرائيل تغامر ولكن لا تريد مواجهة عسكرية كون أن المواجهة في الوقت الراهن سيكون لها انعكاسات سلبة على مشروع نتنياهو الاستراتيجي في التطبيع وتثبيت أركان حكمه"، وفي المقابل فإن المقاومة أيضا لا ترغب في الذهاب لأي مواجهة محدودة او مفتوحة في ظل انتشار فايروس كورونا.
ويلفت الدجني إلى أن الحل الأمثل هو استمرار اطلاق البالونات كحالة استنزاف، قد تجبر (إسرائيل) على التعاطي مع المطالب الفلسطينية، كونها مطالب عادلة وعبرت عنها مجالس حقوق الانسان والأمم المتحدة أنه لا يمكن لإسرائيل إبقاء قطاع غزة محاصر.
** مواجهة محتومة
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن ما دار من حديث في اللحظات الأخيرة بين قيادة حماس والسفير القطري قبل مغادرته غزة، يعطي مؤشرا كبيرا أن التعنت الإسرائيلي في رفع الحصار عن القطاع لا زال سيد الموقف.
ويبين الغريب عبر صفحته بالفيس بوك أن الاحتلال بهذا التعنت يدفع المنطقة باتجاه مواجهة عسكرية محتومة مع الفصائل في المستقبل القريب.
وأشار إلى أن ما فشل الوفد المصري في تحقيقه بمهمته الأخيرة في غزة لن ينجح فيه الوسيط القطري ما لم تتحقق مطالب الفلسطينيين بكسر حلقات الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات.