انخفضت أسهم شركة صناعة الرقائق الصينية "إس إم آي سي" (SMIC) بنسبة 23% تقريبا في هونغ كونغ يوم الاثنين؛ بسبب المخاوف من أن تصبح الشركة أحدث ضحية لحرب التكنولوجيا الأميركية الصينية.
وأفادت الأنباء أن وزارة الدفاع الأميركية تعتزم إضافة الشركة إلى القائمة السوداء بوزارة التجارة، وهو ما يعرقل أعمالها مع الشركات الأميركية.
تصنع شركة "إس إم آي سي" الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، ويعتقد البنتاغون طبقا لتقرير أن الشركة تمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي؛ بسبب علاقاتها مع الجيش الصيني.
وتواجه الشركات الموجودة في القائمة الأميركية السوداء تحديات كبيرة في الحصول على التكنولوجيا الحيوية؛ لأن الشركات الأميركية يُحظر عليها البيع لهذه الشركات إلا بعد الحصول أولا على ترخيص للقيام بذلك، وتُهدد القيود المتصاعدة على شركة التكنولوجيا الصينية هواوي، التي أضيفت إلى القائمة في العام الماضي، بشل أعمالها حول العالم.
شبهة التعاون مع الجيش الصيني
تعتقد السلطات الأميركية أن لشركة "إس إم آي سي" علاقات قوية مع الجيش الصيني، ورأت يينان هاي البروفيسورة الأميركية -ذات الأصول الصينية في جامعة لاهاي بولاية بنسلفانيا، والمتخصصة في الشؤون الصينية الأميركية- أن هذا التطور "لا يمثل مجرد جزء من محاولة مستمرة لحرمان شركة هواوي من توريد الرقائق؛ لكن أيضا خطوة في اتجاه جديد، وهو قطع الطريق أمام الجيش الصيني لتصنيع الرقائق، أو منتجات أشباه الموصلات المتقدمة".
وتعد الشركة الصينية من أكبر موردي شركة هواوي بالرقائق وأشباه الموصلات.
وجاءت الخطوة الأميركية عقب إصدار البنتاغون قبل أيام تقريرا تفصيليا عن قدرات الجيش الصيني العسكرية والتكنولوجية.
وأشارت البروفيسورة هاي في حديث مع الجزيرة نت إلى أنه "وبالنظر للإنذار الذي أطلقه تقرير البنتاغون الجديد عن القوة العسكرية الصينية، فقد تتخذ واشنطن تدابير إضافية من الآن فصاعدا لمنع نقل كل من التكنولوجيات الحساسة عسكريا والتكنولوجيات المدنية إلى جيش التحرير الشعبي، والتي كانت تُعد في السابق غير حساسة إلى هذا الحد، مثل رقائق أشباه الموصلات أو برامج الكمبيوتر أو أدوات التصوير الدقيق".
ورأت البروفيسورة هاي أن هناك مجموعة كاملة من المؤسسات الأكاديمية الصينية قد وضعت على قائمة كيانات واشنطن؛ بسبب دورها في استراتيجية "الانصهار العسكري المدني" الطموحة، التي وضعها الرئيس الصيني شي جين بينغ. "أتوقع أن نرى المزيد من الشركات المصنعة المدنية في الصين تظهر على القائم" تقول هاي.
ورأت أن تظل العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مستقرة إلى حد ما قبل الانتخابات، خاصة بعدما لعب ترامب بملف الصين من خلال كروت أخرى مثل شركة هواوي، وفيروس كورونا، ومعاهد "كونفوشيوس" (Confucius).
وتوقعت أن تؤثر الانتخابات الرئاسية على مستقبل علاقات الدولتين. "بعد الانتخابات، واعتمادا على من يصل إلى البيت الأبيض، قد يتجدد الاحتكاك التجاري مع فوز ترامب، في حين ستبقى الأوضاع هادئة حال انتصار جو بايدن، وذلك على الرغم من أن احتمال إلغاء التعريفات التي فرضها ترامب دون تنازل صيني كبير ضئيل للغاية" تقول هاي.
خطوة أخرى وليست أخيرة
تمثل خطوة الإدارة الأميركية جزءا حديثا من جهد مستمر للضغط على شركات التكنولوجيا الصينية، وذكرت شركة "إس إم آي سي" في بيان أصدرته يوم الأحد الماضي أنها فى حالة صدمة وحيرة تامة، وأكدت في بيانها أنها تقدم خدمات فقط للمستخدمين النهائيين المدنيين والتجاريين.
ونفت الشركة أي علاقة لها بالجيش الصيني، وقالت إن "أي افتراضات لعلاقات الشركة مع الجيش الصيني هي تصريحات غير صحيحة واتهامات كاذبة، وأكدت أنها منفتحة على التواصل الصادق والشفاف مع الوكالات الحكومية الأميركية على أمل حل سوء الفهم المحتمل.
ويُنظر إلى الشركة على أنها لاعب رئيسي في جهود الصين لتعزيز صناعة أشباه الموصلات المحلية، وهو الطموح الذي ضاعفت من أهميته الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
ومن شأن فرض قيود وضوابط على الصادرات الأميركية لشركة "إس إم آي سي" أن يؤثر على الشركات الأميركية التي تبيع تكنولوجيا صناعة الرقائق إلى المصنعين في الصين.
وأعلن مسؤولون أميركيون مؤخرا أن حكومتهم ستشدد القيود على "هواوي" (Huawei) كبرى شركات التكنولوجيا الصينية من أجل اتخاذ إجراءات صارمة ضد وصول شركة الاتصالات إلى الرقائق المتاحة تجاريا.
وتمنع هذه القيود "هواوي" من الحصول على أشباه الموصلات دون ترخيص خاص، وتعد شركة "إس إم آي سي" من أكبر مصنعي الرقائق لصالح شركة هواوي.
ومع تفاقم التوترات بين الولايات المتحدة والصين، يدفع المسؤولون الأميركيون الحكومات الأخرى حول العالم إلى فرض قيود على شركة هواوي، بحجة أن الشركة توفر بياناتها للحكومة الصينية، وتنفي هواوي أنها تتجسس لصالح الحكومة الصينية.
كما أصدرت إدارة ترامب أوامر تنفيذية الشهر الماضي تحظر المعاملات مع عدة شركات، إضافة للضغط على تطبيق "تيك توك" (TikTok) و"ويتشات" (WeChat) لتصفية أعمالهما في الولايات المتحدة، أو نقل ملكيتهما لشريك أميركي.
المصدر : الجزيرة