خان يونس – أمين خلف الله
على بعد أمتار من الحدود الشرقية لقطاع غزة, حيث أبراج المراقبة والرادارات وبنادق المحتل ترصد كل صغيرة وكبيرة ، جلست عجوز كفيفة تستظل بما بقي من ركام بيتها المدمر وبين يديها حصى تقبض عليها , بينما يجمع زوجها كل ما تناثر من حطام البيت , مستذكرا بيتا كان يجمع بين جدرانه سعادة أربع أسر.
ولا يزال الحاج محمد طافش وعائلته المكونة من سبعة عشر فرداً يعشون في منزلهم الذي دمرته جرافات الاحتلال جزئياً خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة رغم الخطر المحدق بالعائلة الفلسطينية التي ترفض الرحيل من أرضها.
وتقطن عائلة طافش في بلدة خزاعة الريفية، وتعتاش من المحصول الذي تجنيه من أرضها التي داستها آلة الحرب الإسرائيلية خلال الحرب الماضية التي خلفت أكثر من 1400 شهيداً.
وتقذف التحركات الإسرائيلية على خط الهدنة الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 الرعب في قلوب عائلة طافش التي ترفض مبدأ الحيل من أرضها ومنزلها المدمر جزئياً.
ويبعد منزل عائلة طافش حوالي 700 متر عن الحدود, وفي المنزل المدمر يقطن الأب محمد وزوجتة وأربعة من أبنائه المتزوجين.
لن ترك أراضينا
يقول طافش (65 عاماً) لـ "الرسالة نت" : " لقد دمروا كل ما نملك وكل مصدر رزق (..) لم أحزن على البيت مثلما حزنت على أشجاري ربيتها منذ ثلاثين عاما... أشجارك كأبنائك ولكن الاحتلال جاء بسهولة وخلعها من جذورها".
ويضيف المسن : " لن نترك أراضينا وسنعمل عل ترميم البيت بأي شيء رغم إمكانياتنا الضعيفة جدا".
وتابع : "الاحتلال يريد منا أن نهرب من بيوتنا .. الهجرة حدثت مرة واحدة ولن تتكرر لن نتركهم لينجحوا في سياسة الأرض المحروقة وإيجاد مرمى نيران ليحموا عن وجه الأرض".
وحمّل الحاج طافش "الرسالة نت" سؤالا لاصطحاب الشأن: "هل ترميمه الجزئي لبيته المدمر والذي لا يصلح للسكنى يعني سقوط حقه في التعمير كما وعدت الحكومة".
ودمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي ألاف المنازل خلال الحرب الإسرائيلية التي شنتها الشتاء الماضي وتسببت في تدمير البنية التحتية للدولة الفلسطينية في قطاع غزة.
ويقول ضياء طافش النجل الأكبر للعائلة الفلسطينية المنكوبة: "لقد أغاظهم الفلاح الذي يداعب أرضه وهي تزدهر حوله مخضرة منزلة بالشجر والثمر ".
واستذكر ضياء في العقد الرابع من العمر حادث تدمير منزل عائلته وحقلهم الزراعي قائلاً: "اضطررت وزوجاتي الاثنتين وأطفالي إلى العيش في غرفة بعد أن دمر الاحتلال بيتنا ، وحجز أفراد الأسرة في غرفة واحدة أكثر من 18 ساعة، ووالدتي الكفيفة وأطفالي حديثي الولادة".
وكانت جرافات الاحتلال هدمت الجزء الشرقي من عائلة طافش بينما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي الجزء الغربي من المنزل بصاروخ لم ينفجر بحسب ما قال ضياء.
نعمر الدمار
ومن اللافت للنظر أن أفراد تلك العائلة لم يتوقفوا بمعاونة أصدقائهم عن جمع بقايا الحجارة ويحطموها ليستخرجوا منها حصى تنفع لبناء لبنات في ما بقي من أشلاء البيت.
وقال الحاج طافش: "ماذا نفعل كل عائلة تحتاج إلى الكثير من الأموال إذا فكرت أن تستأجر منزلاً يحميها من برد الشتاء وحر الصيف".
ولعل ما يؤلم الحاج طافش هو العذاب الذي تعرض له نجلة طارق خلال اقتحام قوات الاحتلال للمنزل بعد تدمير جزء واسعة منه".
ويستذكر قائلاً لقد التفوا حول ابني وضربوه بمطارق حديدية (..) هؤلاء قتله استهدفوا منطقتنا بالفسفور الأبيض ليحرق كل شئ حولنا ولنجد أنفسنا محجوزين في غرفة من البيت والجرافات تدمر كل شئ".
زوجة الحاج طافش قالت لـ" الرسالة نت" قبل أن تغادر المنزل المدمر: "مستعدة لأضحي بأولادي وزوجي وكل شئ مقابل أن نعيش بكرامة وتعود إلينا حقوقنا".
وقال الطفل محمد قديح أحد جيران عائلة طافش: "كنت اغني للقسام عندما كان اليهود يحبسونا .. لم أخاف منهم وكنت اسألهم لماذا انتم في بيتنا اخرجوا من بيتنا".