تلك الفتاة الشابة التي لم تفكر بأحلام الصبايا الوردية كباقي رفيقاتها العشرينيات. لم تضع صوب عينيها فستان الزفاف الذي يجب أن تتحدث عنه قريناتها والأمير العاشق صاحب الحصان الأبيض. فكرت أحلام بما يفكر فيه الوطني الكبير.
أحلام التميمي ذات الأصول الفلسطينية جاءت من الأردن تحمل جنسيتها الى الضفة الغربية حاملة في قلبها الحماس وفي عقلها الذكاء.
التقت احلام بمن يوصلها الي ما تريد فهي لم تكتف بجهاد الكلمة من خلال عملها الصحفي بل وصلت الي نيل تأشيرة الشرف والعذاب معا للدخول في كتائب عزالدين القسام.
في عام 2001 هناك في القدس مطعم سبارو وجيثارة شهدا على ثلاثية الجمال والاتقان بين عبد الله البرغوثي وعز الدين المصري وأحلام التميمي، أبطال تلك العملية التي كانت ردا على قهر ووجع عيون وقلوب اطفال ونساء فلسطين من العدو المحتل.
خاضت أحلام الدرب وهي تعلم بأن شبح الاعتقال يحوم حولها، وحينما أطبق على حياتها ذاك الشبح حُكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة أي 1584 عاما، والتوصية بعدم الافراج عنها في أية عملية تبادل محتملة للأسرى.
لكن أحلام أفرج عنها في عام 2011 بعد قضاء 10 سنوات اعتقال بعدما كان يقينها بالله ثم بالرجال خلفها وكما قالت في مقابلة مع تلفزيون العدو حينما سألها الصحفي آنذاك هل تتوقعين الخروج من المعتقل؟ أكدت حينها على ذلك وقالت: "ورايا رجال".
جاء خروج أحلام ضمن صفقة وفاء الاحرار التي ضمت 1047 أسيرا مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط ومن ثم تم ابعادها إلى الأردن.
تمت خطبة أحلام داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي على ابن عمها نزار التميمي، الذي يتبع لحركة التحرير الفلسطيني (فتح ) وقد اعتقل في تسعينيات القرن الماضي بعد قتل جندي اسرائيلي ثم أُفرج عنه بدوره ضمن صفقة وفاء الأحرار ليتوجا حياتهما الجديدة بالزواج.
وفي مارس 2017، طالبت وزارة العدل الأميركية الحكومة الأردنية بتسليم أحلام لمحاكمتها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وترتكز الإدارة الأميركية في دعواها إلى حجج قانونية أولها أن التفجير الذي حدث في مطعم سبارو في مدينة القدس عام2001 الذي شاركت أحلام في التخطيط له أودى بحياة 15مواطنا أميركيا وكذلك ثمة اتفاقية بين الأردن وأميركا لتسليم المجرمين.
كما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يضع احلام في قائمة الإرهابيين المطلوبين، وأعلنت وزارة العدل الأميركية اتهامها بالتآمر لاستخدام سلاح دمار شامل ضد مواطنين أميركيين.
كما أن هناك بعضا من الحجج القانونية تستند اليها الأردن لتواجه دعوة الولايات المتحدة الأمريكية أولها أن أحلام قضت حكما لجهة قضائية إسرائيلية وأن البرلمان الأردني لم يصادق على تلك الاتفاقية التي ارتكزت اليها الحجة الأمريكية فقد تم توقيعها ولكن مجلس الأمة لم يصادقها، والأهم أن أعلى محكمة في القضاء الأردني (التمييز) صادقت على قرار محكمة الاستئناف، وهو منع تسليم أحلام التميمي إلى الولايات المتحدة.
وفي يونيو الماضي تجدد طلب الحكومة الأميركية للأردن بتسليم أحلام لمحاكمتها.
مازالت الدعوة قائمة قدمها سبعة من أعضاء الكونغرس عبر رسالة إلى السفارة الأردنية في واشنطن.
ولكن بقعة الجدل اتسعت في قضية أحلام بعد وصول قرار الترحيل من الأراضي الأردنية لزوج أحلام نزار التميمي وأنه شخص غير مرغوب فيه، حيث أن القرار جاء بشكل قطعي دون توضيح الأسباب كما أن التهديد كان فيه واضحا، إن لم يتم تنفيذ القرار في المدة المحددة وهي أسبوع، بتسليم احلام ونزار للجانب الاسرائيلي.
خرج نزار مرغما الي قطر التي يحمل جنسيتها تاركا أحلام وأحلامه وراءه فإبعاده هو انصياع أردني للمطلب الأمريكي حيث يراهنون بأن تخرج أحلام خلفه، لتكون حينها عرضة للاعتقال والمحاكمة في امريكا حيث أن الحكم الأمريكي اما الاعدام أو المؤبد.
كما أن دور اللوبيات الصهيونية الضاغطة في الولايات المتحدة، بارز وينشط بذات الاتجاه لهذا تخشى الأردن من تداعيات موقفها الرافض لتسليم احلام، بتعليق الادارة الأمريكية لمساعداتها التي تم رفعها من 275 مليون دولار الى 1.3 مليار سنويا وهذا ما لوح به السفير الأمريكي في عمان.
كما أن الأردن وحيدة في مواجهة الغطرسة الأمريكية حتى أننا لم نسمع للسلطة الوطنية الفلسطينية أي صوت لا من قريب ولا من بعيد، في المقابل تخشى الأردن من الاقدام على تسليم أحلام التميمي بشكل مباشر؛ فهذا يخدش عروبتها ويوقعها تحت سطوة غضب الشعبين الاردني والفلسطيني اللذين ما زالا في حالة تضامن كامل مع أحلام ونزار.