بوتيرة متسارعة يقضم الاستيطان ما تبقى من الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة والقدس، بعد أقل من شهر على اتفاق التطبيع بين بعض الدول العربية والخليجية والاحتلال الإسرائيلي؛ رغم ذرائع تلك الدول بأنها ذهبت للتطبيع مقابل تجميد الاستيطان.
وصادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مشاريع لبناء 2126 وحدة سكنية استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وذلك قبل أقل من شهر منذ توقيع (إسرائيل) اتفاقيتي تطبيع مع كل من الإمارات والبحرين.
فيما يأتي ذلك بعد اعطاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر للمجلس للمصادقة على بناء 5 آلاف وحدة استيطانية.
وكانت مصادر مطلعة في مكتب نتنياهو أكدت قبل أيام لصحيفة "يسرائيل هيوم" أن توجيهات نتنياهو لانعقاد مجلس التخطيط الاستيطاني والمصادقة على آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية الجديدة، يدحض المزاعم بأنه جمّد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية.
ونقلت الصحيفة العبرية عن المصادر قولها إن "نتنياهو هو عراب المشاريع والمخططات الاستيطانية بالضفة، وكان التأخير بالمصادقة على مشاريع استيطانية لأسباب مفهومة في سياق الاختراقات التاريخية مع دول خليجية، ولكن الآن وبعد اتفاقية التطبيع، لم يعد هناك أي سبب لتأجيل المصادقة على المخططات ومنح التراخيص للبناء الاستيطاني".
ووفقا لصحيفة "هآرتس"، فإن المرة الأخيرة التي عقد مجلس التخطيط الاستيطاني اجتماعا للمصادقة على منح تصاريح بناء بالمستوطنات كان قبل أكثر من نصف عام، وأتى تعليق الجلسات بسبب الانتخابات الثالثة للكنيست التي أجريت في مارس/آذار الماضي.
ويعيش أكثر من 450 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة التي بنيت على أراضي الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم نحو 2,8 مليون نسمة.
مشاريع مستمرة
ويؤكد الكاتب والباحث في شؤون الاستيطان بالضفة عبد الهادي حنتش، أن نتنياهو نجح في خداع دول التطبيع واستطاع جرها نحو التطبيع، فيما استمر بعملية الضم ومواصلة الاستيطان.
ويوضح حنتش لـ"الرسالة" أن المشاريع الاستيطانية مستمرة على مدار الساعة ولم تتوقف، وباتت تنقسم إلى نوعين، الأول استيطان معلن والذي تعلن عنه حكومة الاحتلال وتصادق عليه كمشاريع متكاملة.
ويضيف "وآخر غير معلن وهو الأخطر ويتم عبر أشخاص متنفذين في حكومة الاحتلال ومنظمات صهيونية تدعي أحقية اليهود بالأرض وتسعى إلى السيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية وتحويلها لبؤر استيطانية".
ويشدد حنتش على أن سياسة الاحتلال والمصادقة على تلك الوحدات تأتي في وقت الانشغال العربي بالتطبيع وغياب رد الفعل على جرائم الاحتلال وسرقته للأرض وتهويده للمقدسات.
ويشير إلى أن الاحتلال يتبع شريعة الغاب ويضرب عرض الحائط بكافة القوانين والأعراف الدولية والمعاهدات الإنسانية التي تكفل حق الفلسطينيين بإقامة دولة لهم على حدود 67 ووقف الاستيطان والاعتداء على الأراضي الفلسطينية.
توسع استيطاني
ويحذر مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس، من توسع استيطاني خطير جداً يجرى خلال الشهر الجاري والماضي في الضفة المحتلة.
ويقول دغلس إن آلاف الوحدات الاستيطانية أقرت من قبل حكومة الاحتلال خلال هذه الفترة، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) تسابق الزمن قبل نتائج الانتخابات الأمريكية، خاصة أنها تتوقع فشل ترامب.
ولفت دغلس إلى أن اللوبي الصهيوني لا يفكر إلا بالاستيطان والتوسع الاستيطاني علناً، وأن الضم الاستيطاني الصامت يجري على الأرض في الأغوار والمعلن في بقية أنحاء الضفة المحتلة.
وأضاف "نتنياهو يعيش أزمة، وأي مسؤول صهيوني يعيش الأزمة يتجه نحو اليمين، واليمين المتطرف، لإرضائهم لكي يسكتوا عنه، عبر إعطائهم هذه الوحدات الاستيطانية على حساب الشعب الفلسطيني".
وتابع "في أي يوم سيخرج نتنياهو من الحكم سيذهب إلى المحاكم ومن ثم إلى السجن، فهو يقاتل للنفس الأخير لإرضاء المستوطنين على حساب الحقوق الفلسطينية، وترامب يتعامل بنفس الطريقة".
وأوضح دغلس أن ترامب يحلم بأصوات اللوبي الصهيوني للبقاء في الحكم، وهذا ما يجهله القادة العرب، فهو يريد البحرين والإمارات والسودان ورقة انتخابية.
وأكد مسؤول ملف الاستيطان، أن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن بروحه وأرضه وقضيته، لافتًا إلى أن كل ما يفعله نتنياهو وترامب مقابل بقائهم في الحكم.
وأكمل "الإمارات وقعت على اتفاق التطبيع مع كيان الاحتلال دون أن تقرأه، والتاريخ سيسحقهم والجماهير العربية ستلعنهم".