عانت السلطة الفلسطينية من قلة المانحين خلال السنوات الأخيرة، وانسحابهم من منح الأموال لميزانية السلطة التي تعاني كثيرا في ظل أزمتي المقاصة وكورونا.
ولعل مبررات قلة الدعم المالي، تحدث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صراحة، لرئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، بالبيت الأبيض، على هامش توقيع اتفاق التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي والمنامة: "طلبت من الدول الثرية أن لا يدفعوا للفلسطينيين".
ووفق تقرير لوزارة المالية برام الله، فإن المنح الخارجية لعام 2019 بلغت 500 مليون دولار، بعد أن وصلت عام 2013 مبلغ 1.1 مليار دولار، وهو ما يعكس حجم الخلل الحاصل في الميزانية.
تفاصيل المنح
وأظهرت بيانات الميزانية الصادرة عن وزارة المالية، أن 132 مليون شيكل (38.93 مليون دولار)، تمثل إجمالي الدعم العربي للموازنة منذ مطلع 2020 حتى أغسطس الماضي.
وكان إجمالي المنح والمساعدات المالية العربية الموجهة لدعم الميزانية الفلسطينية، بلغ 716 مليون شيكل (210 مليون دولار) في الفترة المقابلة من 2019.
ووفق وزارة المالية، فإن المنح والمساعدات المالية تراجعت من الدول العربية، للميزانية الفلسطينية بنسبة 81.5% على أساس سنوي، خلال أول ثمانية شهور من العام الجاري، مؤكدة تصريحات أمريكية بشأن وقف الدعم الموجه للمالية العامة الفلسطينية.
وكان وزير المالية في حكومة اشتية، شكري بشارة، أعلن في يوليو الماضي، أن "دولا شقيقة علّقت المنح والمساعدات الموجهة لدعم الموازنة دون تقديم مبررات لذلك".
وفي تفصيل الدعم العربي لميزانية السلطة، نجد أن الدعم السعودي الموجه للميزانية الفلسطينية تراجع بنسبة 77.12% على أساس سنوي، خلال أول ثمانية شهور من العام الجاري، إلى 31.58 مليون دولار، نزولا من 138 مليون دولار في الفترة المقابلة من 2019.
في حين بلغ الدعم من دولة الجزائر والتي تواجه متاعب مالية حادة بسبب هبوط أسعار النفط، صفر دولار حتى نهاية أغسطس الماضي، مقارنة مع 27.6 مليون دولار على أساس سنوي.
كما تقلص الدعم القطري للميزانية الفلسطينية بنسبة 81.6% على أساس سنوي، من 34.4 مليون في الفترة ذاتها عام 2019 إلى 6.3 مليون دولار حتى أغسطس الماضي.
وبلغ الدعم المقدم من سلطنة عمان لميزانية السلطة خلال أول ثمانية شهور من العام الجاري، مليون دولار، مقارنة مع صفر دولار خلال الفترة ذاتها في العام الماضي.
ويتزامن تراجع الدعم العربي، مع ضغوط مالية تواجه حكومة اشتية، بفعل تراجع الإيرادات المالية بسبب جائحة كورونا، وأزمة أموال المقاصة مع (إسرائيل)، وهو ما أفقد السلطة أكثر من 60% من مدخولاتها المالية.
ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي، الدكتور نائل موسى أن السلطة الفلسطينية تعيش أزمة مالية خانقة جراء التغيرات الكبيرة التي طرأت على ميزانيتها خلال الأشهر الأخيرة.
وقال موسى في حديث لـ "الرسالة نت": "ميزانية السلطة تلقت عدة صفعات خلال العام الجاري، بدءا من تراجع المنح والمساعدات من الدول العربية والشقيقة، مرورا بأزمة كورونا وتراجع الإيرادات المحلية، وصولا إلى أزمة أموال المقاصة التي ضاعفت المشكلة".
وأكد أن السلطة تراهن على سقوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات بداية الشهر المقبل، "وقتها سيخف الضغط على الدول العربية المانحة للسلطة، وسيعود الدعم الأمريكي مجددا".
ومنذ عام 2017 لم تتلق حكومة رام الله، دولارا واحدا من الولايات المتحدة، بعد أن أوقف دونالد ترامب دعم ميزانية السلطة.
وكان اشتية قد عبر عن تخوفه من فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية متمنيا فشله، بحسب الوكالة الفلسطينية للأنباء "وفا" التي نقلت أقواله.
وقال اشتية متوجها إلى البرلمان الأوروبي إنه في حال نجاح ترامب و"كان يتعين علينا العيش 4 سنوات أخرى معه.. فليساعدنا الله وليساعدكم وليساعد العالم أجمع".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوربي لا يزال يدعم ميزانية السلطة لدفع مخصصات الأسر الفقيرة ورواتب الموظفين المدنيين، وهو ما يجعلها من أكبر الداعمين للسلطة.
وتجدر الإشارة إلى أن اجمالي المنح الموجهة لميزانية السلطة، تراجعت 55%، مقارنة بين العام الجاري وعام 2015، في حين تشكل المنح الخارجية ما نسبته 15% من إجمالي الإيرادات المالية، وفق بيانات عام 2019.