تصادف، اليوم الخميس، الذكرى الـ64 لمجزرة كفر قاسم، التي ارتكبتها قوات حرس الحدود الإسرائيلية، وأسفرت عن مقتل واحد وخمسين شخصا من سكان القرية، بينهم أطفال ونساء ومسنون ورجال، وجنين واحد أيضا.
وتأتي هذه الذكرى في ظل جائحة كورونا، واستبعاد تنظيم المسيرة السنوية التقليدية القطرية التي يشارك بها عشرات الآلاف من أهالي كفر قاسم والمجتمع العربي، حيث تنطلق مراسيم من قبالة النصب التذكاري بمهرجان جماهيري ومسيرة تطوف شوارع البلدة لتحط في مقبرة الشهداء.
وعلى الرغم من ذلك، تتواصل الفعاليات المحلية في كفر قاسم، من خلال مسيرة مصغرة لأهالي المدينة مع الحفاظ على تعليمات وزارة الصحة والوقاية من كورونا، حيث تنطلق المسيرة صباحا من قبالة النصب التذكاري بكلمة لرئيس البلدية المحامي عادل بدير، ومن ثم تجوب شوارع البلدة لتحط في مقبرة الشهداء.
وعوضا عن المسيرة القطرية والفعاليات التقليدية، حثت لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، أعضاء الهيئة التدريسية والمدارس ومدرائها ومعلميها، بإحياء ذكرى مناسبة مجزرة كفر قاسم الـ64، مع الطلاب عبر الوسائل المتاحة. وأرفقت اللجنة عدة محتويات مرئية لتساهم في عمليّة التوعية حول إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم.
وجاء في بيان اللجنة "ندعوكم هذا العام إلى إحياء هذه الذكرى الهامة بأنشطة تربوية تلائم ظروف المرحلة وتساهم في تعريف الطلبة على أحداث المجزرة ومعانيها وشهدائها والمشاركة في النشاطات المحلية والقطرية المتعلقة بهذه الذكرى".
وفي العودة إلى أحداث المجزرة، ففي 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956، فتح عناصر حرس الحدود النار على المواطنين العائدين إلى منازلهم في قرية كفر قاسم، فقتل 51 مواطنا معظمهم من الرعاة، والمزارعين، وأصاب 31 في 11 موجة قتل، توزعت في أنحاء القرية.
وفي تفاصيل المجزرة أعطت قيادة الجيش الإسرائيلي أمرا يقضي بفرض حظر التجول من الساعة الخامسة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، فيما طلب قائد الكتيبة شدمي، من ملينكي، أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً بإطلاق النار وقتل كل من يخالف وليس اعتقاله، حيث قال له "من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال، ولا أريد عواطف"، فما كان من ملينكي إلا أن أصدر تعليماته لقواته بتنفيذ قرار حظر التجول دون اعتقالات وأبلغهم بأنه "من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى"، ومن ثم قام بتوزيع قواته على القرى العربية في المثلث.
وتوجهت مجموعة من قوات حرس الحدود بقيادة الملازم آنذاك جبريئل دهان إلى كفر قاسم، حيث قام بتوزيع قواته إلى أربع مجموعات، بحيث بقيت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة، وأبلغوا مختار كفر قاسم في ذلك الوقت وديع أحمد صرصور، بقرار منع التجول، وطلب منه إبلاغ الأهالي بذلك، حيث رد صرصور بأن هناك 400 شخصاً يعملون خارج القرية ولم يعودا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، غير أنه تلقى وعدا من قبل مسؤول مجموعات حرس الحدود بأن هؤلاء الأشخاص سيمرون ولن يتعرض أحد لهم، وفي تمام الساعة الخامسة مساء ارتكبت قوات حرس الحدود مجزرة كفر قاسم.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت إخفاء جريمتها، غير أنها لم تستطع، فقد بدأت الأخبار تتسرب، إلى أن أصدرت الحكومة الإسرائيلية بيانا يفيد بنيتها تشكيل لجنة تحقيق بما حدث، وتوصلت اللجنة إلى قرار يقضي بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحكمة العسكرية، لتستمر محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين.
وفي السادس عشر من تشرين الأول لعام 1958 أصدرت المحكمة بحق مرتكبي الجريمة أحكاما متفاوتة بالسجن، تتراوح ما بين 15-17 عاما، بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربيا، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن الفعلي لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربيا، غير أن هذه العقوبة لم تتم، فقد قررت محكمة الاستئناف تخفيف المدة، حيث أطلق سراح آخرهم مطلع العام 1960، فيما قدم يسخار شدمي، صاحب الأمر الأول في المذبحة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ، ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.