غزة - أمينة زيارة
جسد التعصب الرياضي شرخاً هائلاً في عالم الرياضة الجميل، فأفقدها طعم المنافسة الشريفة ولطخها بطلاء اسود من التمادي في الاحتقار والحقد، فالتعصب وما أورثه من شغب الملاعب هو السرطان الذي يتفشى جسم الرياضة ليدمرها ويقتل أي انجاز تاريخي.
"الرسالة" بحثت في أسباب هذا التعصب؟ وبحثت مع المختصين عن حلول لهذه الظاهرة المسيئة للرياضة.
فهم خاطئ
"محمد رجب" لاعب سابق في اتحاد الشجاعية، فقد استهجن هذه الظاهرة التي قضت على أحلام وانجازات الأندية الرياضية، ويذكر: "الشجاعية" من أعرق الأندية الرياضية بغزة، فقد واجه انتقادات كثيرة من اجل مشجعيه الذين يتميزون بالتعصب المفرط للفريق، فلا تمر أي مباراة دون حدوث أي إشكاليات، تبدأ بالشتم على حكم غير عادل، أو لاعب متهور وآخر منافس غير شريف، وتنتهي بالاشتباك بالأيدي، مشدداً على أن هذا الأمر تسبب في خسارة الفريق في عدة جوالات.
ويضيف: شباب اليوم فهم معني التشجيع فهماً خاطئاً وأصبح لديه تعصب رياضي مقيت جعل عيونهم تنظر إلى شي واحد دون مراعاة انجازات الآخرين، داعياً إلى ضرورة إيجاد علاج سريع للحد من هذه الظاهرة المسيئة للمجتمع الفلسطيني.
إفراط ومبالغة
ويعرف خالد أبو زاهر المحلل الرياضي ظاهرة التعصب الرياضي على أنها الإفراط والمبالغة في حب اللاعب أو الفريق في لعبة معينة بصورة تتغلب فيها العاطفة على العقل ما يحدد بالفعل خطورة السلوك الناجم عن هذه الغلبة، حيث تتلاشى فيه صفة الصدق في التشجيع والاستمتاع بنشوة الانتصار أو الرضا بالهزيمة وتقبلها بصدر رحب أو بروح رياضية دون التقليل من شأن المنافس أو إلحاق الأذى النفسي أو المادي باللاعب أو الفريق، ويكمل: التعصب وما افرزه من شغب ظاهرة موجودة في جميع دول العالم وليست مقتصرة على فلسطين وخير دليل ما حدث مؤخراً في المباراة بين صربيا وايطاليا عندما خسّر الاتحاد الدولي لكرة القدم صربيا المباراة بسبب أعمال الشغب والعنف التي حدثت في المباراة، ويضيف: نحن كشعب فلسطيني تأثرنا بالكثير من الأمور السلبية ومنها التعصب الرياضي وشغب الملاعب فالشغب غول يطل برأسه في أي مباراة تجرى لأثاره السلبية على الانجازات الرياضية، ويرجع أسباب تفشي هذه الظاهرة إلى أن ثقافة التعصب سائدة في المجتمع فأي شخص يحدث شغب يثير غضب الآخرين، وللاعب دور في إثارة العنف من خلال سلوكياته الخاطئة في الملاعب التي تستنفر الآخرين، كذلك الحكم غير العادل والإداري العصبي.
ويتابع: في الآونة الأخيرة ونظراً لتوقف النشاط الرياضي لم نلمس أي عنف أو شغب في الملاعب وإن كانت هناك مباريات رسمية أو ودية كنا نرى أفراد من الشرطة في المكان، منوها إلى ضرورة وجود قوة شرطية مدربة لحماية الملاعب وتوفير الأمن للحكام والجمهور، ويضيف: الانتصار شي ايجابي والتعصب الأعمى قبيح فالقبيح دائما يقتل الجميل وهو بذلك قتل روح التشجيع الذي من شأنه أن ترتقي وتطور في الأداء باعتباره عامل تحفيز للاعبين.
فرقة شرطية خاصة
وعن المؤتمرات التي عقدت بخصوص هذا العنوان والخروج بتوصيات ينتقد أبو زاهر عدم تطبيقها على ارض الواقع فقد بقيت حبر على ورق حتى اللحظة وكذلك لم تحمل المضمون الجيد الذي يبحث عن الحلول والعلاج لهذه الظاهرة، منوهاً: نحن لا نعول على نتائج وتوصيات مؤتمرات بل سنتابع بأنفسنا هذه الظاهرة للحد منها لأنها تسيء للرياضة الفلسطينية بانجازاتها العريقة.
ويقدم أبو زاهر علاجاً لهذه الظاهرة قائلاً: لابد من وجود فرقة خاصة من أفراد الشرطة مدربة للتعامل مع الشغب حتى يكون هناك رادع، وكذلك على الاتحادات الرياضية المعنية أن تقوم بدور الرادع لمن له علاقة بالاتحاد سواء إداري أو مشجع بالإيقاف أو الغرامات المالية وهذا منصوص عنه في اللوائح الرياضية، بالإضافة إلى تثقيف اللاعبين والمدربين بعدم إثارة الشعب وتحمل قرارات اللعبة التي، أما على الأندية الرياضية أنفسها أن تعمل على عدم اصطحاب مثيري الشغب ومنع بعض المشجعين بالاسم من دخول الملعب حتى لا يؤثر على الجمهور.
ظاهرة عدوانية مؤسفة
ومن جانبه أشار الإعلامي الرياضي شاهر خماش إلى أن أعمال الشغب والعنف من أبشع صور الإضرار بأمن المجتمع واستقراره، ناهيك عن أنها تفقد الأنشطة الرياضية قيمتها الرائعة وخصائصها الممتعة، ثم أن التصرفات غير المسئولة للتعبير عن حالات الفرح التي قادت البعض إلى حوادث مروعة، تندرج في سياق مظاهر الشغب المقيتة وصورها المرفوضة، ويتابع: تتضح معالم الشغب الرياضي في التجاوزات والتصرفات غير المقبولة التي تصدر من بعض الأفراد داخل وخارج أسوار الملاعب الرياضية التي تعد ظاهرة عدوانية مؤسفة تقلق المجتمعات، وقد أشارت الإحصائيات بأن ظاهرة العنف وشغب الملاعب في ازدياد تدريجي.
ويبين: العنف في الملاعب هو شكل من أشكال الانفعال الرياضي الذي يظهر على شكل المهاجمة بقصد إلحاق الأذى أو الضرر بالآخرين وقد شوهت بالفعل المفهوم الحقيقي للتشجيع، ويضيف: نرفض اعتبار ظاهرة شغب الملاعب على أنها ظواهر مرضية أو ميولات شخصية.
قلة الوعي
ويوضح المحلل الرياضي خماش على أن التعصب الرياضي قضى على كل معنى سامي ورفيع للرياضة وجعلت منها مجرد ماكينة لربح المال وتحقيق الشهرة وتحريك الجماهير العريضة وخلق الأحداث التاريخية، ولقد غدت ظاهرة مقيتة تؤرق الوسط الرياضي محلياً وتتسبب في خلافات وصلت إلى مستويات سياسية على الساحة العربية وخير دليل ما حدث بين مصر والجزائر بعد أحداث مباراة التأهل لكأس العالم وما اتبعه من إشكاليات على المستوى المحلي والرسمي والسياسي، لذا لابد من التصدي لظاهرة شغب الملاعب ومحاولة الإسهام في وضع الحلول الناجعة لها.
ويفيد: يصدر الشغب الرياضي من الجمهور نتيجة قلة الوعي الجماهيري والتعصب للأندية والمنتخبات، اللاعبون لرغبتهم في الفوز بأي وسيلة أو عدم الإيمان بروح المنافسة الشريفة، والحكام، حتى إداريو الأندية الرياضية عن طريق عدم الإلمام بالوعي الإداري الرياضي والبحث عن كبش فداء لتغطية الفسل والإخفاق أو قد يكون عدم وجود القرار الإداري الرادع من قبل مسئولي الرياضة.
إيجاد قرارات صارمة
ويؤكد خماش على أهمية توعية الجمهور للحد من شغب الجماهير، وعدم الإنصات لأهل الفتنة الذين لا يريدون لرياضتنا التطور والتقدم ويعملون على زيادة التشنجات بين الجمهور، داعياً الاتحادات الرياضية إلى بذل مجهود كبير لتطور الرياضة بشكل عام عن طريق إصدار قرارات صارمة للحد من هذه الظاهرة السيئة، ويشير إلى أهمية وجود قوات الأمن التي لها الدور الكبير في الحد من انتشار هذه الآفة، من خلال تفتيش الجماهير الذين يدخلون إلى أرضية الملعب، لأننا في الآونة الأخيرة شاهدنا أدوات حادة بين أيدي الجماهير أدت إلى إصابات كثيرة، وتطرق إلى أهمية الإعلام والصحافة فيقول: يجب على الإعلام توعية الجماهير من خلال وسائله المختلفة لعدم حصول حالات شغب، ودراسة هذه الظاهرة بكل جدية ووضعها أمام المسئولين، ويختم: تبقى مسألة معالجة ظاهرة شغب الملاعب من الحالات التي تتطلب دراسة على مستوى رفيع من خلال تفعيل دور الأندية وروابط المشجعين بها والعمل على غرس التوعية والثقافة الرياضية المطلوبة لتجنب تفاقم هذه الظاهرة؛ والتي تسعى كافة الأطراف على المستوى المحلي إلى عدم تفاقمها وتواجدها بملاعبنا الفلسطينية.