كتشف فريق دولي من الباحثين كويكبا يقع خلف المريخ يشبه تكوينه بشكل لافت تكوين القمر، ويعتقد العلماء أن هذا الكويكب، قد يكون في الأصل قطعة قديمة من حطام القمر انفصلت عنه قبل 4 مليارات عام أثناء تشكل القمر والكواكب الصخرية الأخرى في نظامنا الشمسي.
ويبلغ قطر هذا الكويكب، الذي يصنف ضمن كويكبات طروادة، حوالي الكيلومتر الواحد وقد تم رصده قبل 22 عاما، لكن الدراسة الجديدة ستنشرها دورية "إيكاروس" (Icarus) في عددها الذي يصدر في يناير/كانون الثاني المقبل يكشف التشابه المذهل بينه وبين القمر.
ما كويكبات طروادة؟
كويكبات طروادة هي فئة من الكويكبات التي تتبع الكواكب في مداراتها مثل قطيع الأغنام الذي يتبع الراعي، وهي محاصرة داخل "ملاذات جاذبية آمنة" تقع على مدار الكوكب في موضعين أمام الكوكب.
ويطلق على هذه الملاذات التي تتعادل فيها جاذبيتا المريخ والشمس "نقاط لاغرانج" وتفصلها عن الكوكب -للمراقب من الشمس- زاوية تبلغ 60 درجة.
وتعتبر هذه الأجرام ذات أهمية كبيرة للعلماء، لأنها تمثل المواد المتبقية من مرحلة تشكل النظام الشمسي وتطوره المبكر. وتوجد عدة آلاف من كويكبات طروادة على طول مدار كوكب المشتري العملاق، وعدد قليل منها في مدار المريخ، الكوكب المجاور للأرض.
وقام فريق يضم علماء من إيطاليا وبلغاريا والولايات المتحدة بقيادة مرصد أرماغ والقبة السماوية (AOP) في أيرلندا الشمالية، وفقا لبيان نشره المرصد، بدراسة كويكبات طروادة على مدار المريخ في محاولة لفهم المزيد عن التاريخ المبكر للعوالم الداخلية لنظامنا الشمسي، إضافة إلى البحث عن كويكبات من هذا النوع قد تكون موجودة على مدار الأرض.
لمعرفة تكوين كويكبات طروادة المريخ، استخدم الفريق مقياس طيف (X-SHOOTER) المركب على المرصد الأوروبي الجنوبي الكبير جدا (VLT) في تشيلي الذي يبلغ قطره 8 أمتار، ويعمل هذا الجهاز على قياس عكس سطح الكويكب لأشعة الشمس بألوان مختلفة.
وبعد إجراء مقارنة مع أجسام النظام الشمسي الأخرى ذات التكوين المعروف، يقوم الفريق بتحديد ما إذا كان الكويكب مكونا من مادة مشابهة للكواكب الصخرية مثل الأرض، أو ما إذا كان مشكلا من الكربون والماء وهي المادة النموذجية للنظام الشمسي الخارجي خارج كوكب المشتري.
شبيه القمر
من بين كويكبات طروادة التي قام الفريق بفحصها كان الكويكب المسمى (101429) 1998 VF31. الذي أظهرت بيانات قياس طيفه اللوني تكوينا مشابها لفئة شائعة من النيازك تسمى الكوندريت العادي وهي نيازك حجرية غير معدنية لم تتغير خصائصها منذ تشكلها.
وسمحت القدرة الفائقة لمرصد (VLT) في جمع الضوء بجمع بيانات عالية الجودة عن هذا الكويكب أكثر من أي وقت مضى.
وبعد دمج هذه القياسات الجديدة مع البيانات التي تم الحصول عليها سابقا في مرفق تلسكوب الأشعة تحت الحمراء التابع لناسا في هاواي، وجد الباحثون أن الطيف المنعكس على الكويكب يتطابق بشكل مدهش وغير متوقع مع طيف الضوء المعكوس على سطح القمر.
وطرح العلماء سؤالا، عن المكان الذي جاء منه هذا الكويكب غير العادي؟ فوجدوا أن الاحتمال الأقرب أن الكويكب انفصل عن القمر إثر اصطدامه بجرم كبير قبل 4 مليارات عام.
ويوضح الدكتور أبوستولوس كريستو، عالم الفلك في (AOP) والمؤلف الرئيسي للبحث أن "الفضاء الذي يفصل بين الكواكب حديثة التكوين كان مليئا بالحطام وكانت الاصطدامات شائعة، والكويكبات الكبيرة تضرب باستمرار القمر والكواكب الأخرى".
ويقول إنه "يمكن أن تكون شظية من هذا التصادم قد وصلت إلى مدار المريخ عندما كان الكوكب لا يزال يتشكل وكان محاصرا في غيوم طروادة".
لكن العلماء لا يستبعدون احتمالات أخرى منها أن يكون مجرد كويكب يشبه النيازك الكوندريتية العادية، الذي اكتسب مظهره الشبيه بالقمر من خلال دهور من التعرض للإشعاع الشمسي، وهي عملية تسمى التجوية الفضائية.
ومن الاحتمالات أيضا أن يكون قطعة انفصلت من المريخ نفسه نظرا لوجود نسبة كبيرة من البيروكسين في تركيبته، وهو معدن موجود في الطبقة الخارجية أو قشرة أجسام بحجم الكوكب.
وتعرض المريخ، مثل القمر والأرض، لحوادث الاصطدام بأجرام أخرى في وقت مبكر من تاريخه.
وبغض النظر عن مصدر هذا الكويكب المدهش فإن مواصلة العمل على استكشاف هذه الفئة من الأجرام سيتيح في المستقبل الحصول على معلومات أكثر دقة حول تركيبة النظام الشمسي في مرحلة مبكرة من تشكله.
المصدر : مواقع إلكترونية