بلا أدنى شك أن ما أفرزته الانتخابات الأمريكية من فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في كرسي الرئاسة أمام خصمه دونالد ترامب؛ سينعكس بشكل ملحوظ على مختلف الملفات في الشرق الأوسط وأبرزها الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.
وإن كانت السياسة الأمريكية الخارجية اتجاه الدول ثابتة وقليلا ما تتغير باختلاف الرؤساء، فإنه من الواضح أن ثمة فارق في السياسة ما بين الفائز بايدن وسابقه الخاسر ترامب، مما يعني أن تغيرا ما قد يحدث.
وأعلن المرشح الديمقراطي جو بايدن السبت المنصرم 7 نوفمبر فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، خلفا للمرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب.
ومن الواضح أن قيادة السلطة الفلسطينية تعوّل بشكل كبير على الرئيس الأمريكي الجديد بايدن، لا سيما بعد سنوات القطيعة التي عاشتها من قبل الإدارة الامريكية السابقة برئاسة ترامب، على خلفية دعمه المطلق لإسرائيل وإعلان القدس عاصمة لها وإغلاق السفارة الفلسطينية في واشنطن وقطع جميع العلاقات مع السلطة.
وعلى ضوء تلك القطيعة أوقفت الإدارة الأمريكية دعمها المالي للسلطة وهو ما أدخل الأخيرة في أزمة مالية خانقة، لا سيما وأنها ترفض من عدة أشهر استلام أموال المقاصة من الاحتلال الإسرائيلي.
وعقب ذلك اتخذت السلطة عدة خطوات باتجاه العودة لمسار المصالحة الفلسطينية، تمخض عنها عدد من اللقاءات والخطوات أبرزها اجتماع الأمناء العامين ولقاءات إسطنبول بين حركة فتح وحماس.
لكن تلك الخطوات سرعان ما أصابها حالة من الفتور، تزامنا مع عقد الانتخابات الأمريكية التي من الواضح أن قيادة السلطة تراهن على نتائجها، وهو ما انعكس على تجميد لقاءات المصالحة لا سيما في ظل الحديث عن الاتفاق للذهاب لانتخابات فلسطينية.
وأمام تلك الحالة وفوز المرشح بايدن، فإن قيادة السلطة باتت اليوم أمام اختبار حقيقي وخياران لا ثالث لهما، الأول استكمال خطوات المصالحة وعقد الانتخابات وترتيب البيت الفلسطيني، أو العودة خطوات للوراء والبحث عن سراب التسوية ومحاولة احيائها من جديد.
اختبار الجدية
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد أن الانتخابات الأمريكية والرئيس القادم بالبيت الأبيض يؤثر حكمه على سياسات الحرب والسلم الدولي لا سيما القضية الفلسطينية.
ويؤكد العقاد في حديثه لـ"الرسالة" أن السلطة هرعت إلى السير في خطوات المصالحة على ضوء التهديد الأمريكي بالاستبدال، إلا أن تلك الخطوات لم تنجح في تتويج وإنجاز هذا الملف نتيجة الضغوط الدولية والإقليمية عليها وتحذيرها من المصالحة مع حركة حماس.
ويبين أن تحقيق المصالحة إن كان هناك جدية حقيقية لدى السلطة وفتح يمكن أن تتحقق لا سيما وأنها باتت ضرورة فلسطينية مُلحة في الوقت الراهن.
ويشير إلى أن السلطة ستبقى تناور في ملف التسوية خشة أن تفقد امتيازاتها، لاسيما وأنها تخشى من ردة فعل من الكيان الصهيوني حال ذهب لإتمام المصالحة مع حركة حماس، وهو ينعكس على إمكانية تحقيق الوحدة.
ويلفت إلى أن هناك حالة من الارتياح لدى السلطة عقب فوز بايدن، خاصة وأن سابقه ترامب ألغى حل الدولتين ولم يبقي أي شيء يمكن أن تراهن عليه السلطة في عهده.
فرملة المصالحة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن هناك رغبة فلسطينية حقيقية كبيرة جدا كانت في فوز المرشح الديمقراطي جون بايدن، خاصة وأن تعويل الرئيس عباس على فوزه مرتبط بإحياء العملية السياسية القائمة على حل الدولتين من جديد.
ويتساءل الدجني في مقال له أن السؤال يبقى مفتوحاً إلى حين وضوح المشهد الأمريكي عن ماذا جنى الفلسطينيون من المفاوضات كي يعول الرئيس عباس من جديد عليها؟ وهل ما زال حل الدولتين قائماً في ظل التطورات على الأرض؟ وهل يفسد بايدن ما قام به ترامب من تعزيز مكانة إسرائيل في المنطقة؟ مجيبا في الوقت ذاته "في تقديري لا".
ويشير إلى أنه على العكس قد يأخذ بايدن الفلسطينيون تجاه شرعنة ذلك عبر دوران عجلة المفاوضات، وفرملة عجلة المصالحة الفلسطينية والانتخابات.