أعلن قادة كل من أرمينيا وأذربيجان وروسيا، فجر الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق نهائي لإنهاء الحرب في إقليم قره باغ، بعد نحو شهر ونصف من المعارك، وسط احتفالات في باكو بـ"النصر"، وغليان في يريفان، قد يطيح برئيس الوزراء، نيكول باشينيان.
وبعد الاتفاق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، توجه قوات حفظ سلام تابعة لها للانتشار في مناطق التماس بين قوات أذربيجان وأرمينيا في قره باغ.
وأشارت الدفاع الروسية في بيانها فجر الثلاثاء، أنّ هذه الخطوة تأتي بناء على الاتفاق الموقع بين أذربيجان وأرمينيا، والذي أعلن عنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وذكر البيان أنّ قوات حفظ السلام الروسية، غادرت مطار أوليانوفسك(غرب)، على متن طائرات شحن روسية من طراز إيل-76.
وأشارت الوزارة أنّ قوات حفظ السلام تتألف من 1960 جنديا، و90 مدرعة، و380 مركبة.
وأوضحت الدفاع الروسية أنّ قوات حفظ السلام التابعة لها، ستنشئ نقاط مراقبة على طول خط التماس في قره باغ وممر لاتشين، لمراقبة التزام الطرفين الأذربيجاني والأرميني بوقف إطلاق النار.
ووصف باشينيان الاتفاق بأنه "مؤلم"، دون تفاصيل تذكر، فيما أوضح الرئيس الأذري إلهام علييف أنه يقضي بانسحاب القوات الأرمنية حتى نهاية الشهر الجاري، وتسليم العديد من المحافظات المحتلة منذ نحو ثلاثة عقود، فضلا عن تلك التي تم تحريرها خلال المعارك.
وفي حديث لـ"عربي21"، قال رئيس تحرير وكالة "ترند" الأذرية للأنباء، روفيز حافظ أوغلو، إن بلاده ستستعيد السيادة تدريجيا على أراضيها في قره باغ والمناطق المحيطة بها، مع انتشار لقوات حفظ سلام روسية، بمشاركة تركية.
ورجح حافظ أوغلو أن انتشار تلك القوات سيكون تحديدا في خانكندي، عاصمة قره باغ، وبعض المناطق الحساسة، ولا سيما لاتشين، وخاصة في الممر الواقع فيها، والفاصل بين أرمينيا وقره باغ، بعرض خمسة كيلومترات.
وأضاف: "جميع المدن الأخرى ستكون تحت السيطرة الكاملة للقوات الأذرية، لأن الأرمن سينسحبون بشكل كامل تدريجيا حتى نهاية هذا الشهر".
وبشأن مدينة شوشة، الأكثر أهمية استراتيجيا في قره باغ، والتي تمكنت أذربيجان من السيطرة عليها بشكل كامل خلال الساعات الماضية، قال حافظ أوغلو: "شوشة انتهى أمرها ولن تضم أي قوات حفظ سلام فهي قلب قره باغ ولن تكون فيها إلا القوات الأذرية".
أهم بنود الاتفاق
وتابع بأن أهم بنود الاتفاق تتعلق بعودة النازحين الأذر إلى أراضيهم، مقدرا عددهم بنحو مليون شخص، ما سيعزز سيادة باكو على أراضيها بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وتداولت منصات متخصصة ما قالت إنها الخريطة المتوقعة لترتيب الانسحاب الأرمني وانتشار قوات حفظ السلام
وتناقلت وسائل إعلام وحسابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لتوجه قوات روسية إلى قره باغ، فيما نقلت وكالة "تاس" الروسية الرسمية للأنباء عن وزارة الدفاع أن ألفي عنصر يتوجهون إلى المنطقة في هذا الإطار.
احتفالات في باكو وفوضى في يريفان
وتشهد العاصمة الأذرية باكو احتفالات بالإعلان عن الاتفاق، مقابل غليان في يريفان، حيث اقتحم المئات مقار حكومية وحطموها، تعبيرا عن الغضب إزاء الهزيمة التاريخية.
ونشر باشينيان، الذي يعتقد أنه مختبئ في مكان مجهول، سلسلة تدوينات على "فيسبوك"، فجر الثلاثاء، عبر فيها عن استيائه إزاء استغلال "فوضويين" لتواجد رجال الأمن على الجبهات، بحسبه.
وفي تلميح إلى نفيه حدوث انقلاب عسكري عليه، قال باشينيان إن "الحكومة والجيش الأرمني متحدان ومرتبطان بأخوة عسكرية قوية".
علييف: باشينيان وقع على الاستسلام رغما عنه
وفي خطاب للشعب الأذري، عقب توقيع الاتفاق، قال علييف إن باشينيان أجبر على الاستسلام وتوقيع الاتفاق، الذي بدأ سريانه منتصف الليل.
ووصف علييف الاتفاق بأنه بمثابة "خسارة" أرمينيا للمعركة في قره باغ، قائلا: "توقيع باشينيان على الاتفاق لم يكن بإرادته بل بفضل القبضة الحديدية لأذربيجان".
وقال: "لقد قلت إننا سنطردهم من أراضينا طرد الكلاب، وقد فعلنا".
وأوضح أن الاتفاق ينص على تسليم ثلاث محافظات تحتلها أرمينيا لبلاده، وهي "كلبجار" حتى 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، و"أغدام" حتى الـ20 من الشهر نفسه، و"لاتشين" حتى 1 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وأضاف أن "تحرير أذربيجان 300 منطقة سكنية منذ 27 أيلول/ سبتمبر قصم ظهر الجيش الأرميني".
كما لفت إلى أن الاتفاق ينص على نشر قوات روسية ترتبط بمركز سلام تشارك فيه تركيا، وذلك لمدة خمس سنوات، قابلة للتمديد في حال عدم اعتراض الأطراف الموقعة.
وقال: "نحن نضع صيغة جديدة تتعلق بمناطق التماس في المنطقة".
ونعت علييف رئيس الوزراء الأرمني بـ"الجبان" لأنه لم يوقع الاتفاق أمام عدسات وسائل الإعلام.
وتوجه علييف بالشكر لنظيره التركي، رجب طيب أردوغان، وشدد على أهمية دور روسيا في تسوية الصراع في قره باغ.
باشينيان: اتفاق مؤلم
وكان باشينيان، قد أعلن في وقت متأخر من مساء الاثنين، أن بلاده وقّعت اتفاقا، وصفه بـ"المؤلم"، لإنهاء الحرب في قره باغ مع أذربيجان، بوساطة روسية.
وأوضح باشينيان، عبر "فيسبوك": "لقد اتخذت هذا القرار نتيجة لتحليل عميق للوضع العسكري، وتقدير الأشخاص الذين لديهم أفضل سيطرة على الوضع".
وأضاف أن ما تم التوصل إليه ليس هزيمة، لكنه ليس انتصارا، مشددا على ضرورة أن يشكل ما جرى فرصة لإعادة الوحدة الوطنية في البلاد.
كما لفت إلى أنه سيوجه خطابا خلال أيام؛ لتوضيح تفاصيل أخرى، وختم بيانه بالقول: "أرتساخ (الاسم الأرمني غير المعترف به لقره باغ المحتلة) صامدة. عاشت أرمينيا. عاشت أرتساخ"، في إصرار على عدم التسليم بحق أذربيجان، المكفول أمميا، بالسيادة على المنطقة.