حدّث الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في كتاب يصدر قريباً، عن «انقسامات أميركا العميقة»، وإلى أيّ درجة لن تكون مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض كافية وحدها لتصحيحها. وفي مقتطفات من المجلّد الأول في كتاب مذكّراته: «أرض الميعاد» (A promised land)، الذي يُطرح في الأسواق الثلاثاء المقبل، ونشرت مجلّة «ذي أتلانتيك» مقتطفات منه، يعود أوباما إلى السنوات الأربع الماضية منذ مغادرته البيت الأبيض.
وكتب: «الأمر الأكثر قلقاً ربّما هو أنه يبدو أن نظامنا الديمقراطي يغرق في أزمة». وأضاف: «أزمة متجذّرة بين رؤيتين مختلفتين لأميركا، ما هي عليه وما يجب أن تكون»، مندّداً بالضرب بمعايير عرض الحائط، والتخلّي عن أمور كانت لفترة طويلة «أمراً مكتسباً» بالنسبة إلى الجمهوريين والديمقراطيين، على حدّ سواء.
بالنسبة إلى أوباما، فإن هذا التنافس بين الرؤى «ليس جديداً بالطبع، ومن نواحٍ كثيرة، حدّد التجربة الأميركية»، لافتاً إلى أنه «موجود في الوثائق التأسيسية التي يمكن أن تعلن في الوقت نفسه أن جميع الرجال متساوون، ومع ذلك تحسب العبد على أنه ثلاثة أخماس الرجل». وقال أوباما: «في قلب هذه المعركة الطويلة، هناك سؤال بسيط: هل نهتمّ بمطابقة واقع أميركا مع مُثُلها؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل نعتقد حقاً أن مفاهيمنا عن الحكم الذاتي والحرية الفردية، وتكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، تنطبق على الجميع؟ أم أننا بدلاً من ذلك ملتزمون، عملياً إن لم يكن في النظام الأساسي، بحجز هذه الأشياء لقلّة مميّزة؟».
أوباما رحّب بانتخاب نائبه السابق، جو بايدن، رئيساً للولايات المتحدة، محذّراً من رؤية وردية للسنوات التي تلي ترامب. وقال: «أعلم أيضاً أن انتخابات واحدة لن تساهم في معالجة المشكلة». وإذ أكد أنه ليس مستعدّاً للتخلّي عن «إمكانية أميركا»، فقد أضاف: «شجّعني العدد القياسي للأميركيين الذين خرجوا للتصويت في انتخابات الأسبوع الماضي، ولديهم ثقة ثابتة في جو بايدن وكمالا هاريس، في شخصيّتهما وقدرتهما على فعل الصواب». واستدرك بالقول: «لكنني أعلم أيضاً أنه لا توجد انتخابات واحدة ستحسم الأمر. انقساماتنا عميقة. تحدّياتنا رهيبة»، متابعاً: «إذا ظللتُ متفائلاً بالمستقبل، فذلك في جزء كبير منه لأنني تعلّمت أن أضع إيماني في رفاقي المواطنين، وخاصة أولئك من الجيل المقبل، الذين يبدو أن إيمانهم بالقيمة المتساوية لجميع الناس يأتي كطبيعة ثانية، والذين يصرّون على تحقيق تلك المبادئ التي أخبرهم آباؤهم ومعلّموهم أنّها صحيحة، ولكنّهم ربما لم يصدّقوا أنفسهم تماماً».
في المجلّد، الذي يأتي في 768 صفحة، يروي أوباما أيضاً أسلوبه في الكتابة (بالقلم وليس على الكمبيوتر) والصعوبة التي لاقاها للاختصار. ويقول: «تصوّرت أنه يمكنني تلخيص كلّ شيء في 500 صفحة ربما.
كنت أتوقّع أن يتمّ ذلك في غضون عام. لكن في كلّ مرة جلست فيها للكتابة - سواء كان لوصف المراحل الأولى من حملتي، أو تعامل إدارتي مع الأزمة المالية، أو المفاوضات مع الروس بشأن الحدّ من التسلّح النووي، أو القوى التي أدّت إلى الربيع العربي - وجدت عقلي يقاوم سرداً خطياً بسيطاً».