الحجج التي يسوقها المطبعون تخفي الكثير من الأوهام
(إسرائيل) تتطلع للتخلص من حالة العزلة التي كلفتها كثيرا خلال العقود الماضية
في ظل تسارع وتيرة التطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي خلال حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان لا بد من بذل الجهود لتسليط الضوء على خطورة التطبيع العربي وتأثيره على القضية الفلسطينية، عدا عما كانت تحيكه الإدارة الأمريكية لتشوية الحق الفلسطيني.
ورغم أن الأنظمة الحاكمة في الامارات والبحرين والسودان وقعت على اتفاقيات تطبيع مع (إسرائيل)، إلا أن شعوبهم رفضت تلك المعاهدات، وعبروا عن غضبهم إما عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو في الشارع، وواجهوا قمعا سواء بالاعتقال أو بتكبيل حرية الرأي من حكامهم.
"الرسالة" استضافت د. باسم نعيم رئيس المقاطعة -فلسطين، ليتحدث عن خطورة التطبيع والحجج التي يسوقها المطبعون لتبرير فعلتهم وتأثيره على شعوبهم.
بداية الحديث ذكر نعيم أن القبول بمصطلح التطبيع هو نصف الهزيمة، مشيرا إلى أنه لم يكن "التطبيع" يوما مصطلحا متداولا في لغتنا او منطقتنا، حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في عام ١٩٧٩ بين مصر والكيان الصهيوني، وبعد الاعتراف المتبادل كان جزء من الاتفاقية ينص على تطبيع العلاقات بين الجهتين.
ويوضح أن التطبيع يعني ان هناك كيانين موجودان وقائمان ولكن العلاقات بينهما غير طبيعية، لذا فإن كلمة "التطبيع" تشمل الاعتراف الضمني بشرعية هذا الكيان على الأراضي الفلسطينية.
وبحسب متابعته فإن مصطلح التطبيع صهيوني بامتياز وتم تمريره، لافتا إلى أن هذه الحقيقة تتطلب التفكير بجدية في إعادة توصيفه وهو أقرب الى "الاختراق".
ويقول نعيم إن مروجي التطبيع يحاولون هذه الأيام تسويق بضاعتهم الكاسدة، بربطها بعدد من الاستخلاصات والترويج على أنها حقائق دامغة، يجب الأخذ بها، مضيفا: من يتفحص هذه الاستخلاصات بعين التاريخ الناقدة وتحليل الواقع الصادم، يكتشف أننا أمام أوهام، يحاولون بيعها لنا على أنها نتائج نهائية لمرحلة تاريخية انتهت بهزيمة العرب والمسلمين هزيمة ساحقة، وانتصار الاحتلال.
وتابع: "من يدرس هذه الاستخلاصات بعناية، حتى لو لم يكن عالماً في التاريخ او خبيرًا استراتيجيًا، سيخلص الى أن هذه الأوهام تخلقت في عقل الطبقة العربية الحاكمة، نتيجة زواج آثم بين الخوف على السلطة والجهل بسنن التاريخ".
الإنجازات السياسية
الحجج التي يسوقها المطبوعون تخفي الكثير من الأوهام ومنها بحسب رؤية رئيس لجنة المقاطعة نعيم، بأن يعتبر المطبعون دولة الكيان حقيقة قائمة ومستمرة في المستقبل وزوالها مستحيل، هذه الحجة "الوهم" تتصدع بمجرد أن تضعها في ميزان التاريخ القريب والبعيد، زمانيا وجغرافيا.
وأكد نعيم على أن المطبوعين يحاولون تسويق التحالف مع الكيان لصد هجوم "الغزاة" على المنطقة، مبينا أنه عند تفحص هذا الادعاء، نكتشف أن المقصود بالغزاة هم الفرس والأتراك، وهذه المحاولة البائسة للي عنق التاريخ والجغرافيا لن تنطلي على طفل صغير سمع في مدرسته عن تاريخ المنطقة. أما الوهم الثالث الذي يؤمن به المطبعون، هو المصالح الوطنية للدول الموقعة، ولعل هذا الوهم هو الاقوى لتسويق التطبيع لدى مواطني الدول المطبعة، ولكنه أقلها قدرة على الصمود في وجه الحقائق الساطعة لتاريخ هذا الكيان مع كل الدول التي عقد معها اتفاقيات "سلام"، ابتداء بمصر، مرورا بالأردن وانتهاء بالسلطة الفلسطينية.
وبحسب قول نعيم فإن عقودا من العلاقات "السلمية" اثبتت أنها فقط في اتجاه واحد وهو مصالح الاحتلال وتعزيز سيطرته وتفرده في المنطقة، وأنه عدا الانجازات السياسية والأمنية التي حققها الكيان لصالحه، لم تحدث الطفرة الاقتصادية التي روجتها الاتفاقيات بين هذه الدول والكيان.
وأوضح نعيم أن الكيان سيكون، بما يملك من امكانيات تقنية وشبكة علاقات اقليمية ودولية، هو صاحب اليد العليا في أي علاقة، وسيستثمرها حتى النهاية لصالحه، لافتا إلى أن عين الكيان على الممرات الاستراتيجية والثروات الهائلة الطبيعية التي تسيطر عليها هذه الدول، كما انه يتطلع للتخلص من حالة العزلة التي كلفته كثيرا على مدار العقود الماضية.
وفي ذات السياق نوه رئيس حملة المقاطعة إلى أن المطبعين يدعون أن اتفاقية السلام ستلقي عن كاهلهم عبئا كبيرا متمثلا في الموازنات الهائلة التي تستقطع لأعداد الجيوش لمواجهة العدو والدفاع عن فلسطين والقضية الفلسطينية.
ويؤكد نعيم رئيس حملة المقاطعة أن الإعلام عنوان أساسي من عناوين المرحلة لمناهضة التطبيع، إن لم يكن العمود الفقري كون الهدف الاساسي ليس سياسيا، بل تغيير وعي الشعوب وإعادة رسم ثقافة المنطقة وذلك لا يتم إلا بالوسائل الإعلامية والثقافية، منوها إلى أن الهدف الأساسي من هذه الموجة ليس الحكام والأنظمة بل الشعوب والكوادر والنخب والثقافة.