بتول عطون.. اسم جديد في سجل "الحرمان" الصهيوني

القدس – خاص بالرسالة نت

تثاءبت باكية وهي تحاول تلمّس خيوط الشمس المنسابة على وجهها الصغير لأول مرة في حياتها، فحتى هي طالتها الانتهاكات الصهيونية وأوصلتها إلى خيمة الصمود في حي الشيخ جراح كي يتمكن والدها من رؤيتها للمرة الأولى.. فما استطاع سماع أولى صرخاتها ولا مساندة زوجته أثناء الولادة ولا حتى أن يكون أول من تراه عيني الصغيرة.

وفي خيمته التي تعج بالزوار وقف النائب المقدسي أحمد عطون ينتظر وصول الأميرة الصغيرة "بتول"، تلك التي غاب عنها حتى في أولى لحظات حياتها بسبب تهديد الاحتلال له بالاعتقال أو الإبعاد عن مدينته المقدسة.. لم يصدق عينيه حين رآها وشكر الله أن أهداه الطفلة المتناهية في الجمال، ولكنه لم يستطع منع عبراته من تغطية وجنتيه حين حملها لأول مرة.

ويقول لـ"الرسالة نت": " لا يوصف الشعور الإنساني عندما يحرم الأب من رؤية مولوده واحتضانه، ولا كلمات تصف حرماننا من هذه اللحظات التاريخية، ورغم ارتياحي للاطمئنان على وضع زوجتي وطفلتي لكنني حزين لأنني لم أتمكن من التواجد عندهن لحظة الميلاد والوقوف بجانب رفيقة دربي في اللحظات الصعبة" .

ولادة صعبة

أما الوالدة الهادئة التي أنجبت قبل ذلك أربعة أطفال فشعرت بأن ولادة بتول هي الأصعب بين كل تجاربها، حيث أحست بالآلام لمدة 12 ساعة متواصلة وبقيت تتساءل عن زوجها وعن أخباره.وتقول لـ"الرسالة نت":" في كثير من الأحيان كنت ألغي مواعيد العيادة النسائية لمتابعة حملي لعدم تمكني من الذهاب بسبب المسؤوليات الكبيرة، فكان وجود زوجي يشعرنا بالأمان والراحة.. وسبب غيابه لم يكن للتعليم أو للعمل فهو غائب ومبعد عن منزله بسبب الاحتلال".

وتوضح الزوجة الصابرة أن اعتصام النواب في خيمة الصمود يزيد من عزيمة أهلهم وثباتهم رغم أنه مؤلم كثيراً، حيث يغيبون عن عائلاتهم في الأوقات التي تحتاجهم فيها ويضحون بوقتهم مع أطفالهم وكأنهم أسرى لا يختلفون شيئاً عنهم.

وتضيف:" صحيح أن كل الأهل والأصدقاء يساندوننا في هذا الموقف الصعب ولكن عدم وجود زوجي إلى جانبنا يؤثر على سعادة الأطفال وراحة الأسرة.. أحاول أن أعوض عليهم أحياناً ولكن وجود الوالد يضفي نكهة مختلفة".

المصلحة العامة

وبينما هي تستفيق على صوت والدها وتحاول تمييزه بين جموع المتواجدين، يمسك بها ويحاول مداعبتها وتعريفه عليها كي لا تنسى صورته مهما حدث، أما معالم الحزن فبدت واضحة على محياه لا ينجح في إزالتها.

ويقول:" كنت في خيمة الاعتصام أستقبل الوفود والمتضامنين ولكن فكري كان مشغولاً مع زوجتي وابنتي، أريد أن أراهم ولو للحظة واحدة، ولكنني غلبت المصلحة العامة على مصلحتي الشخصية وبقيت أدعو لهم ولجأت إلى الله ليخفف عني حزني والحمد لله على كل حال".

وهي حياتهم لا تعرف الخمول أو الاستكانة ولو لمرة واحدة.. يعيشونها بتفاصيل مختصرة للغاية لحماية شعبهم من الانتهاكات والممارسات وكل أشكال الظلم التي اعتاد الاحتلال غرسها بهم، ولكنّ صمودهم يبقى منارة للمقدسيين ولكل من يقع تحت قهر سياط دولة صهيون.

البث المباشر