يستعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو لزيارة دولتي الامارات والبحرين هي الأولى له علنياً لدول الخليج بعد اتفاق التطبيع مع هذه الدول، وبعد أيام من الحديث عن زيارة سرية له للسعودية.
ويبدو أن بوابة الخليج فتحت أمام نتانياهو علانية، ليكسر الإجماع العربي الطويل على أن ثمن العلاقات الطبيعية مع (إسرائيل) هو استقلال الفلسطينيين.
وتعمل (إسرائيل) حاليا على ترسيخ علاقاتها مع الدول العربية بينما لا يزال الفلسطينيون تحت الاحتلال، ولم يكن ذلك ليحدث من دون موافقة السعودية التي طرحت خطة السلام العربية التي طالبت بدولة فلسطينية سابقاً.
ما سبق يأتي بعدما كبلت السلطة نفسها بقيود جديدة بعد قرارها إعادة العلاقات والتنسيق الأمني مع الاحتلال، ما جعل قدرتها على مواجهة موجة التطبيع أضعف بكثير.
ويبدو أننا أمام مرحلة جديدة يمكن أن نطلق عليها قبولا ضمنيا من السلطة بالتطبيع العربي والحالة الجديدة، حيث انتقلت سريعا من الهجوم الحاد إلى تبريد الغضب تجاه دول التطبيع وإعادة السفراء إلى الامارات والبحرين.
أحد أبرز الخطايا التي ارتكبتها السلطة عبر قرار إعادة التنسيق هي أنها كبلت نفسها في مواجهة موجة التطبيع التي تجتاح العالم العربي، بحيث أصبح موقفها أضعف من السابق، وقدرتها على توجيه الانتقادات لأداء دول التطبيع غير منطقي في ظل عودة العلاقات الكاملة بينها وبين الاحتلال.
ورغم أن السلطة تفاجأت باتفاقات التطبيع الأخيرة حيث اتخذت تلك الدول القرار بمعزل عنها، إلا أن موقفها الأخير سيكون مبررا قويا وسيرفع الحرج عن الدول المطبعة وغيرها ممن ترغب في التطبيع وبدون ثمن، وستعمل هذه الدول على تقديم قرار السلطة لتسويغ تطبيعها مع الاحتلال.
ومنحت السلطة وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة لتلك الدول الفرصة لتقديم الرواية الإعلامية التي تنسف الرواية الفلسطينية والحق التاريخي للفلسطينيين عبر قراراتها المنبطحة أمام المحتل، وبأن الفلسطينيين "باعوا القضية" وأن العرب لا يجب أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك.
دول التطبيع روجت مبررات لتطبيعها على أنه يخدم مصالحها السياسية في المنطقة ويخدم القضية الفلسطينية وأن كل دولة من حقها أن تبحث عن مصالحها الخاصة، وهو ذات المبرر الذي صاغته السلطة عبر تبرير قرارها بأن الهدف من إعادة العلاقات دفع الرواتب وإنقاذ الناس من الوضع الاقتصادي المتدهور نتيجة عدم تحويل أموال المقاصة.
وربما الأسوأ في قرار السلطة هو ظهور سوء تقديرها للقرار وتوقيت اتخاذه وإظهار قصورها السياسي ما يجعل دول التطبيع والاحتلال يطعنان في أهليتها السياسية، ويثبت أنها عاجزة عن تقدير المصلحة العامة وتعمل وفق مصالح فئوية وشخصية.
وعلى صعيد آخر فإن قرار السلطة كشف أنها لا تملك طول نفس في اتخاذ القرارات والصمود أمام المحتل وعدوانه على الأرض والمواطن، وبالتالي فهذه السياسة تجعل الجميع يدرك ان السلطة تعمل وفق سياسة التصعيد و"الشو الإعلامي" ولكنها سرعان ما تتراجع.
ذات الموقف سينعكس على زيارة نتانياهو التي ربما لن تستطيع السلطة أن تفعل شيئا لمواجهتها أكثر من بيان ادانة.