رفضت المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن الاستماع إلى دعوى رفعتها حملة الرئيس دونالد ترامب بشأن مزاعم تزوير الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها المرشح الديمقراطي جو بايدن، والذي قال، أمس، في مقابلة تلفزيونية إنه لا يهمه على المستوى الشخصي حضور ترامب حفل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وقالت المحكمة العليا في ويسكونسن إن على حملة ترامب رفع قضيتها في المحاكم الدنيا أولا قبل المحكمة العليا. وقد سبق أن رفض قضاة المحاكم في عدة ولايات متأرجحة مثل جورجيا وبنسلفانيا مزاعم ترامب بوجود تزوير واسع النطاق ومخالفات شابت العملية الانتخابية.
ولم تنظر المحكمة العليا في ولاية ويسكونسن بعد في قضيتين رفعهما الجمهوريون لإلغاء بطاقات اقتراع، في حين صدقت الولاية في وقت سابق على فوز بايدن بالانتخابات على مستوى الولاية.
من ناحية أخرى، طلب الحزب الجمهوري من المحكمة الأميركية العليا إصدار أمر مستعجل بوقف إجراءات تصديق نتائج الانتخابات في ولاية بنسلفانيا، وهي من الولايات التي رجحت كفة بايدن. وجاء طلب الجمهوريين عقب رفض المحكمة العليا في بنسلفانيا، السبت الماضي، دعوى حملة ترامب الطاعنة بالتصويت عبر البريد، والذي كان عاملا حاسما في فوز المرشح الديمقراطي بالانتخابات.
ومن المتوقع أن ترد المحكمة الأميركية العليا -وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد- على طلب الجمهوريين بسرعة؛ لكنها غير ملزمة بتبرير قرارها سواء كان بالإيجاب أو الرفض.
وما زال ترامب يرفض الاعتراف بهزيمته في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ويواصل الادعاء بدون تقديم أدلة على أن تزويرا واسع النطاق شاب العملية الانتخابية، ولا سيما في التصويت عبر البريد، وهو ما أتاح فوز بايدن، مضيفا أن الانتخابات "سرقت منه"، وأنه هو الفائز فيها.
وفاز جو بايدن بنحو 306 أصوات في المجمع الانتخابي، مقابل 232 صوتا لترامب، متجاوزا العدد المطلوب من أصوات المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة، وهو 270 صوتا على الأقل.
صورة أميركا
من ناحية أخرى، قال الرئيس المنتخب جو بايدن إن حضور الرئيس الحالي ترامب حفل تنصيبه الشهر المقبل "لا يهمه على المستوى الشخصي"؛ لكنه صرح، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN)، بأن أهمية حضور ترامب تكمن في الحفاظ على عرف الانتقال السلمي للسلطة، وعلى صورة الولايات المتحدة في العالم.
وقال بايدن "أعتقد أنه سيكون لحضوره أهمية من منظور أننا نضع حدا لهذه الفوضى التي خلقها.. أما بالنسبة لي فلا يهم؛ لكن حصول ذلك يظهر انتقالا سلميا للسلطة بين أطراف متنافسة تقف مع بعضها، وتتبادل التحية وتمضي قدما. فالصورة التي نقدمها للعالم هي ما يقلقني أكثر من وقع ذلك على السياسة المحلية".
وكانت شبكة "إن بي سي" (NBC) الأميركية نقلت عن 3 مصادر أن الرئيس ترامب يدرس التغيب عن حفل تنصيب بايدن، وإعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة للعام 2024 في اليوم نفسه، وأضافت القناة أن ترامب لا ينوي الاتصال بخلفه، أو توجيه دعوة له لزيارة البيت الأبيض.
بايدن والجمهوريون
وقد أعرب الرئيس الأميركي عن ثقته في إمكانية إيجاد حلول وسط مع الجمهوريين في عدة قضايا، رغم إدراكه أن ذلك سيكون صعبا. كما كشف بايدن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" عن أن أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ يتصلون به سرا لتهنئته بالفوز؛ لكن خشية معارضتهم للرئيس، الذي ينكر نتيجة الانتخابات، تجعلهم في وضع صعب لا يسمح لهم بتهنئته بشكل علني.
وفي سياق متصل، قال السيناتور الديمقراطي البارز بيرني ساندرز إن "المحبط بشكل لا يصدق هو أن يكون لدينا رئيس يعمل بدوام كامل لتخريب الديمقراطية الأميركية، ولا يوجد إلا عدد محدود من الجمهوريين، الذين كانت لهم الجرأة للقول إن جو بايدن هو الرئيس، وأن هذه انتخابات عادلة. ما تعرضوا له من ترهيب وتهديد من الرئيس غير معقول".
ومن القيادات الجمهورية القليلة، التي وجهت انتقادات لإصرار حملة ترامب على الادعاء بتزوير الانتخابات بدون تقديم أدلة مقنعة، رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ ليندسي غراهام.
فقد صرح غراهام، وهو من المقربين لترامب، لقناة "فوكس نيوز" (Fox News) مخاطبا فريق ترامب القانوني "أنتم تقدمون كل هذه المزاعم، عليكم إثبات ذلك، تصوير مقطع فيديو ليس دليلا، وعليكم رفع هذه الدعاوى إلى محكمة قانونية.. واستريحوا".
أسباب الإصرار
وقال مراسل الجزيرة في فرجينيا محمد العلمي إن حملة ترامب لم تقدم دليلا مقنعا للرأي العام والقضاء على تزوير الانتخابات، وأضاف أن من أسباب مواصلة ترامب مزاعمه هي رغبته في جمع تبرعات كبيرة تساعده على دفع ديون الحملة الانتخابية، وتوفير أموال لسداد مصاريف الدعاوى القضائية للطعن في نتائج الانتخابات، وأيضا تمويل المستقبل السياسي له، إذ من المرجح أن يعلن ترشحه لانتخابات 2024.
وأضاف مراسل الجزيرة أن ترامب يرمي أيضا من وراء الاستمرار بالطعن في الاقتراع الرئاسي إلى حشد قاعدته الانتخابية، التي صوتت له، إذ حصد ترامب أكثر 74 مليونا، وهو ما يمكنه من الاستمرار بالسيطرة على الحزب الجمهوري.
وذكرت "رويترز" (Reuters) أن حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ذكرتا أمس، الخميس، في إقرار للجنة الفدرالية للانتخابات أن ما جمع منذ يوم التصويت بالانتخابات الرئاسية 207.5 ملايين دولار، وأضافت حملة ترامب أن مجموع ما حصل عليه الحزب الجمهوري وحملة ترامب بين 15 أكتوبر/تشرين الأول و23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين ناهز 495 مليون دولار.
بالمقابل، حصدت حملة بايدن والحزب الديمقراطي في الفترة نفسها 112 مليون دولار، وفقا لبيانات اللجنة الفدرالية للانتخابات.
المصدر : الجزيرة + وكالات