تزامنا مع مرور ثلاثة أعوام على قرار الرئيس الأمريكي الخاسر دونالد ترمب، بإعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يتجهز الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى قيادة الولايات المتحدة خلال الدورة المقبلة بعد نجاحه في الانتخابات الأمريكية.
في العام 2017، أعلن ترمب رسميًا اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، في خطوة أثارت موجة واسعة من الإدانات والانتقادات العربية والدولية، وأنهت تقاليد السياسة الخارجية الأميركية التي امتدت لعقود وكانت تتجنب إعلان القدس عاصمة لـ(إسرائيل) في ظل غياب اتفاق سلام فلسطيني-إسرائيلي.
ومع قرب وصول بايدن إلى سدة الحكم، يثار التساؤل عن سياسة الرجل المقبلة بالتعامل مع ملفات الشرق الأوسط وأبرزها الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والعديد من الملفات الأخرى المعقدة.
تفريغ الاحتقان
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن، أن ما تم تحقيقه خلال فترة ولاية ترامب خاصة على صعيد القضية الفلسطينية فيما يتعلق بالقرارات التي كانت بمثابة انتقال نوعي عملي من الإدارة الامريكية اتجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لن يستطيع أي رئيس قادم مهما كانت مرونته التراجع عنها.
ويوضح محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن القرارات التي اتخذتها إدارة ترامب باتت عمليا مصادقا عليها ومنتهية النقاش وخاصة الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال فهي موقف ثابت لدى السياسة الخارجية الامريكية.
ويبين أن أقصى ما يمكن أن يذهب اليه بايدن هو تهدئة أجواء الاحتقان أو تفريغه في المنطقة نتيجة لسلوك إدارة ترامب في الصراع، ومحاولة إيجاد بيئة قد تُقرأ من بعض الأطراف في المنطقة أنها اقل حدة وفجاجة من موقف وسلوك ترامب في التعامل مع القضية الفلسطينية.
ويرجح أن يقدم بايدن بعض الفتات الذي سيكون بمثابة ثمرة لدى قيادة السلطة ستروجها على أنها انتصار أو تغيير استراتيجي في الموقف الأمريكي، بينما هو لا يمثل أي تحول في السياسة الخارجية الامريكية اتجاه الملفات الاستراتيجية.
ويستبعد محيسن أن يضغط بايدن على الاحتلال ليسقط أهداف مشروع الضم وأقصى ما يمكن صناعته هو إعادة الطرفين للمفاوضات الثنائية ومحاولة تحسين تعاطي الإدارة الامريكية مع قيادة السلطة.
تحدي أساسي
ويرى الكاتب والمحلل السياسي د. حسام الدجني أن من أبرز التحديات التي يواجهها بايدن هو التعامل مع الملف الفلسطيني، ويمكن أن يتراجع من خلال الاعتراف بأن القدس الغربية هي عاصمة لدى الاحتلال وليس كما فعل ترامب.
ويؤكد الدجني في حديثه لـ"الرسالة" أن التحدي الأساسي هو تراجعه عن صفقة القرن وتبني مسار يعزز حل "الدولتين" كما أعلن في خطاباته، وهو ما يمكن أن يعيد العملية السياسية إلى مسارها.
ويلفت إلى أن هذا الأمر يمكن أن يحقق نوعا من الاستقرار إذا حدث، لكن في حال لم يتحقق ستبقى الأمور كما كانت في السابق يشوبها التوتر والاستقطاب السياسي في المنطقة.