في أوقات الطوارئ وتحديدا خلال شهر رمضان، تزدحم الشوارع المؤدية إلى لجان وجمعيات الزكاة بطوابير المحتاجين، فهذا رجل أربعيني يتصبب العرق من جبهته، بعدما ظفر بسلة غذائية تسد جوع عائلته أيامًا معدودة، وآخر حصل على مبلغ بسيط لجلب دوائه، أما ذاك فلا يزال ينتظر كحال المئات ممن لم يحالفهم الحظ بالحصول على شيء بحجة "اسمك ليس مدرجا في القائمة".
قطاع غزة الذي يسكنه حوالي مليونا نسمة يعاني (75%) منهم الفقر، وفق إحصائية رصدتها وزارة التنمية الاجتماعية العام الماضي، ما يعني أن أسماء غالبيتهم مدرجة على لوائح المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات المعنية ومنها لجان الزكاة وهيئة الزكاة وغيرها.
وتشرف وزارة الأوقاف مباشرة على حوالي (45) لجنة زكاة تتوزع على أحياء القطاع كافة، ويستفيد من خدماتها ما يقارب (170) ألف أسرة، أما القائمون عليها فهم من الأعضاء، ويتم اختيارهم من أعيان المنطقة، ويعملون على بند التطوع، عدا عن تفريغ عدد من الباحثين ومحاسب لكل لجنة، براتبٍ رمزي لا يتجاوز (200$) أو أقل.
أما هيئة الزكاة الفلسطينية، فتختلف عن تلك اللجان، فهي أنشئت سنة 2008م، بعدما منحها قانون تنظيم الزكاة الفلسطيني رقم (9) الصفة الرسمية لجمع وتوزيع الزكاة، وكذلك فإن القانون منحها الاستقلالية حيث أقرت المادة (26) بتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، والأهلية القانونية لمباشرة جميع الأعمال والتصرفات التي تكفل لها تحقيق أغراضها، ورغم هذا الاستقلال فإن (41%) من إنفاقها يتم على برامج الحكومة.
عدد الجهات العاملة تحت إطار رسمي، لتقديم خدمات إغاثية لمحتاجي قطاع غزة، لاسيما لجان الزكاة والهيئة، دفع معدة التحقيق للتساؤل حول مدى التزام تلك الجهات بالمعايير القانونية التي تنظم عملها، والدور الرقابي الذي تمارسه دوائر الاختصاص، وكذلك التقصي عن آليات تحديد احتياجات فقراء غزة وتوزيع المساعدات عليهم.
مصادر خارجية للدعم
"قطع بنصيبي عشان مشكلة بيننا" هكذا علق "رضوان. ص" وهو أب لخمسة أطفال ولا يعمل، واعتاد على أن يكون له نصيبٌ من المساعدات التي توزعها لجنة الزكاة في منطقته شرق مدينة غزة، فطوال فترة الطوارئ المعلنة منذ مارس الماضي بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19)، لم يحصل على شيء، مما دفعه للمراجعة ليأتيه الرد: "في ناس محتاجة أكثر منك".
حاول رب الأسرة "رضوان" التحري عن سبب حرمانه هذه المرة من الحصول على سلة غذائية، فعلم أن جاره الذي اختلف معه كان السبب، فهو المخول بإرسال قائمة الأسماء إلى اللجنة، حين ترسل لمعرفة محتاجي الحي- وذلك حسب زعمه-.
لجنة زكاة: المساعدات التي تعتمد عليها اللجان لها أكثر من مصدر
يقول: "لم أتوقع أن يقطع جاري المسؤول نصيبي، رغم علمه بوضعي الاقتصادي جيدًا، وكيف أنني فقدت مصدر دخلي بسبب حالة الطوارئ، فلم أتمكن من الخروج وبيع الترمس كعادتي.
هذه حالة تشبهها العشرات، من الذين حرموا حقهم بسبب خلاف شخصي مع من يدرج أسماء العائلات الأكثر عوزًا، فقط لأن من يتحكم بوضع الأسماء يرى أن أقاربه أو جيرانه أولى من الغير.
حاولت "الرسالة" التواصل مع عدة لجان للحديث عن آلية توزيع وتحديد احتياجات الفقراء لكن معظمهم فضلوا عدم الحديث، عدا عضو لجنة زكاة الشمالي والنصر المهندس عدنان الهمص، الذي ذكر أن اللجنة كغالبية اللجان العاملة في المجال تحرص على عدم التلاعب بأسماء المستفيدين، "لكل منطقة كشف أسماء بالعائلات المحتاجة، ولا يمكن لأي منهم الاستفادة من لجنة أخرى".
وأشار الهمص إلى أن جميع الأسماء المدرجة لدى لجان الزكاة على مستوى قطاع غزة مرتبطة بنظام محوسب لدى وزارة الأوقاف، لذا من الصعب أن يستفيد أي محتاج من لجنتين.
أما عن تحديد الأسماء التي ستوزع عليها المساعدات الإغاثية، التي تتنوع بين سلال غذائية، وصرف علاج للمرضى، ودعم طلبة جامعيين، أوضح أن غالبية المساعدات تأتي عبر وزارة الأوقاف التي تطلب من اللجان إرسال كشف بالأسماء ضمن شروط معينة، فمثلًا قد يُطلب للمساعدات الإغاثية عددٌ محددٌ لأفراد الأسرة، ويُلغى أي اسم مخالف للشروط.
ولفت الهمص إلى وجود نوعين من السلال الغذائية، الأولى تضعها اللجان وفق حاجة المواطنين، وأخرى توزع بناءً على طلب المتبرع.
وللمساعدات التي توزعها لجان الزكاة أكثر من مصدر، فثمة لجان كبيرة تعمل في المجال منذ زمن، ولديها مصادر خارجية تدعمها، وفقا لعضو لجنة زكاة الشمالي والنصر.
وحول إذا ما كان للجنة الزكاة حق التصرف وفق رؤيتها يجيب الهمص: "كل قرش يُصرف يكون عن طريق البنك وبأوراق ثبوتية، ومن الصعب التلاعب بالأموال، أو استغلال أي من الأعضاء لما هو متاح في الصندوق"، مضيفا: "التلاعب لو وجد لا يتعدى الـ (3%) وسرعان ما يكشف عبر وحدة الرقابة".
فلترة الأسماء وحل لجنة
اللغط حول دور لجان الزكاة في توزيع المساعدات الإغاثية يكثر في مواسم عملها: كالمدارس، ورمضان، فتبدأ الانتقادات بالظهور على السطح حين يحرم المحتاج، ويُمنح من هو بوضع مادي جيد، عدا عن أن بعض المساعدات يكون المحتاجون في غنى عنها.
وضمن هذا السياق، تواصلت معدة التحقيق مع مدير عام الإدارة العامة للزكاة في وزارة الأوقاف أسامة اسليم، للتعرف على آليات عمل لجان الزكاة، ودور الوزارة الرقابي في تتبع أعمالها، فقال: "هناك نوعان من المشاريع التي تعتمد عليها لجان الزكاة، الأول من خلال الإدارة العامة للزكاة بعد تسويقها للمانحين، والمؤسسات الدولية، فيتم توزيعها على لجان الزكاة وفق النسب المعمول بها -حسب نسبة الفقر وعدد السكان في المنطقة، بينما تنفذ اللجان النوع الثاني اعتمادا على نفسها بتمويل من فاعلي الخير، وهذه المشاريع تنفذها اللجنة داخل حدودها الجغرافية، وتوزع وفق قاعدة البيانات".
الإدارة العامة للزكاة: مشاريع الزكاة تستثني الموظفين إلا في حالات نادرة
وبحسب اسليم فإن لدى إدارته (170) ألف أسرة مسجلة، ويحدِّثُ فريق العمل البيانات دوريا، وقبل تنفيذ أي مشروع كتوزيع (10) آلاف سلة خضار مثلا، ترشح اللجان أسماء المحتاجين وفق ضوابط معينة: كعدد أفراد الأسرة، وهل بيتهم بالإيجار، ومدى تضررهم من كورونا، أو أي أحداث سارية.
ولفت إلى أن لكل مشروع شروطه التي يتم على أساسها فلترة الأسماء، وفي حال وجدت حالة لم تنطبق عليها الشروط تستبدل بأخرى، قائلا: "كل مشاريع الزكاة تستثني الموظفين، إلا في حالات نادرة كالسفر لعلاج مرض السرطان أو لحالاتٍ طارئة".
وبعد تحري معدة التحقيق، وجدت أن عددا من موظفي حكومة غزة منحوا بعد الحرب العدوانية على غزة صيف 2014م، مساعدات عينية من لجان الزكاة دون معيار، ونتيجة للانتقاد الشعبي والمؤسساتي حينها تراجعت اللجان، واستثنت الموظفين من قوائم المستفيدين.
ويعلق اسليم على ذلك بتأكيد وجود رقابة مالية وإدارية دون أن ينفي وقوع أخطاء، مشيرا إلى أن الإدارة العامة للزكاة، تكلف موظفا بالتواصل مع المستفيدين للتأكد من حصولهم على المساعدة، "موضحا أن هامش التجاوزات لا يتعدى (5%) .
وتستقبل الإدارة العامة للزكاة شكاوى المواطنين عبر الموقع الإلكتروني للوزارة، وصندوق آخر داخل مقر الوزارة، لكن مديرها العام يرى أن "المشكلة تكمن دومًا في اعتقاد المواطن أن لديه حق الحصول على كل مساعدة يتم الإعلان عنها".
وعلى مستوى الرقابة المالية، أوضح اسليم أن لجان الزكاة مؤسسات أهلية، وينطبق عليها النظام الحكومي، فهناك مناقصات وعروض أسعار للمساعدات الإغاثية التي توزع، والصرف يكون عبر البنوك، ولا يوجد خلل واضح في هذا الجانب، ملفتًا إلى أن بعض اللجان تشتكي من الرقابة في حالة الطوارئ، لعدم وجود وقت كافٍ للرقابة أثناء عمليات التوزيع.
وفيما يتعلق بحجم الأموال التي تذهب للجان الزكاة سنويا، قال اسليم: "متوسط الدخل في السنة الواحدة منذ 2015 حتى 2019 هو (10) ملايين دولار، ووفق تقرير أخير وثقت الإدارة العامة للزكاة توزيع (14200) مساعدة".
وتنقل "الرسالة" شكاوى مواطنين، حول أن المساعدات التي تقدمها لجان الزكاة تذهب لمؤيدي فصيل معين، بينما هناك فقراء ينتمون لفصائل أخرى، ولا يحصلون على أية مساعدة طارئة، وهو ما ينفيه اسليم بشكل تام، مؤكدا أن اللجان تتعامل مع حاجة المواطن بعيدًا عن أي لون سياسي، "لدرجة أننا في كثير من الأحيان نطلب من وزارة الداخلية كشوفات بأسماء الموقوفين في مراكز الإصلاح لإغاثة ذويهم".
وعن الإجراءات التي تتبعها الإدارة العامة للزكاة عند تلاعب أي من اللجان، أكد اسليم أنه سرعان ما يتم حلها كما حدث عام 2017 حين أحيلت لجنة كاملة بسبب التلاعب في أسماء المستفيدين وتوجيه المساعدات لغير المستحقين، وعرضت على التحقيق واستبدلت بلجنة أخرى.
وفيما يخص رواتب العاملين لمصلحة لجان الزكاة، فغالبيتهم يعملون تحت بند التطوع، وبالكاد يحصلون على راتب لا يتعدى الـ (500) شيقلًا، و"هذا يختلف من لجنة لأخرى" وفقا لاسليم "كما أنه منوط بقدرتها على جلب المشاريع، فهناك لجان لديها مشاريع مستمرة تمنح للعاملين رواتب، وفي المقابل توجد لجان توفر شواقل بسيطة للمتطوع".
في حين أفاد بعدم وجود تنسيق وتعاون مع هيئة الزكاة، حيث استمرت الاتفاقية بينهم ثلاث سنوات ولم تتجدد، "وذلك بسبب اتفاقية الهيئة مع جهات سيادية".
ضعف التنسيق
وعلى الرغم من تشكيل المجلس الأعلى للزكاة عام 2015م، كجهة تنسيقية بين هيئة الزكاة الفلسطينية، ووزارة المالية، والإدارة العامة للزكاة، إلا أن التنسيق يبدو ضعيفًا بين أطراف العلاقة.
هيئة الزكاة: القانون يعطينا الحق في تحصيل الزكاة من ضريبة دخل التجار
وهدف المجلس الأعلى للزكاة تنظيم جمع وتوزيع الزكاة، وذلك بتسليم الإدارة العامة للزكاة في وزارة الأوقاف، سندات قبض تعمل من خلالها اللجان على جمع الزكاة من التجار لمصلحة صندوق الهيئة، ومن ثم يتم إرجاع النسبة المخصصة للإدارة العامة للزكاة وفق المشاريع المتفق عليها بين الطرفين.
"ولخلاف على إدارة موارد الصندوق ونسبة وزارة المالية ولجان الزكاة وصلاحيات الصرف، لم ينجز المجلس العمل المطلوب منه"، وفق تأكيد رئيس مجلس أمناء هيئة الزكاة الفلسطينية د. علاء الرفاتي.
ويعتقد الرفاتي أن هيئة الزكاة الفلسطينية، "تعمل بشكل إيجابي رغم عدم قبول الجهات المانحة في الخارج التعامل مع مؤسسات خيرية في قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن برامج الهيئة تشمل: المرضى، وكفالات الأسر الفقيرة، وطلبة الجامعات، وأخرى تتعلق بالمسنين وأحوالهم المعيشية، بالإضافة لصندوق تمويل المشاريع الصغيرة.
وتحدث الرفاتي عن وجود تنسيق دائم بين الهيئة ووزارة التنمية الاجتماعية والجهات الحكومية المسؤولة عن رعاية الأُسر لتوفير المعونات الطارئة، مستدركا: "لكن التنسيق مع لجان الزكاة ليس بالمستوى المطلوب، فالقانون يعطي الهيئة حق تحصيل ضريبة الدخل من التجار، واللجان تريد التحصيل بنفسها".
وأشار إلى أن توزيع المساعدات الصادرة عن الهيئة، يتم بالتنسيق مع تجمع المؤسسات الخيرية، التي تنسق بدورها مع لجان الزكاة، كونها تشرف على الحالات الموجودة في الأحياء، وهذا جيد لضبط العمل".
وتستند الهيئة في تحصيل الزكاة من الأفراد والشركات على أساس ضريبة الدخل إلى المادة رقم (19) من قانون تنظيم الزكاة رقم (9) لسنة 2008، حيث يتم خصم ضريبة الدخل من الأموال التي يدفعها الفرد أو الشركات الفلسطينية للهيئة كزكاة، في حين فعلت لجنة متابعة العمل الحكومي العمل بهذا القانون في يناير 2013.
ووفقًا للبيانات الإحصائية المنشورة في تقرير هيئة الزكاة الفلسطينية لعام 2019، فقد بلغ مجموع إيرادات الهيئة بين عامي 2015 و 2019، نحو (6872929) مليون دولار، وبينما بلغت قيمة الإيراد العام الماضي (1447495) مليون دولار، ذهبت نسبة (54%) من الأموال لمصلحة المشاريع الصحية، و(28%) للمشاريع الموسمية، و(13%) للمشاريع الإغاثية، و(2%) لكل من المشاريع التعليمية والتنموية.
صعوبة الرقابة
ولأن المجلس التشريعي هو المسئول الرقابي على هيئة الزكاة الفلسطينية، تحدثت "الرسالة" إلى رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي الفلسطيني النائب محمد فرج الغول، الذي أكد أن دور اللجنة الرقابي على الهيئة يكون مباشرا من خلال مجلس أمناء الهيئة الذي شُكِّلَ بموجب قرار (144) الصادر عن مجلس الوزراء في فبراير 2010م.
وقال إن الهيئة أنشِئت سنة 2008م بموجب قانون تنظيم الزكاة الفلسطيني رقم (9) الصادر عن المجلس التشريعي، وبالتالي فالهيئة ملزمة قانونًيا بالخضوع لرقابة المجلس، وتقديم تقاريرها له باعتباره مرجعيتها.
وأضاف: "بينما الرقابة على لجان الزكاة تكون بطريقة غير مباشرة، كونها تخضع لرقابة وزارة الداخلية الشق المدني، أو وزارة الأوقاف بصورة مباشرة، والجهتان تخضعان لرقابة التشريعي".
في حين يتحدث الغول عن "شبه استحالة" تتبع المصادر المالية الداخلية أو الخارجية للجان الزكاة، معللًا ذلك بالاحتلال، والحصار الإسرائيلي، والتكوين التنظيمي للعمل الأهلي.
وقال: "غزة نموذج فريد في العالم لا مثيل له بفعل الاحتلال والحصار، وأيضا بسبب جود مؤسسات دولية متعددة، داعمة لبعض هذه اللجان، وهي غير خاضعة لرقابة التشريعي".
التشريعي: الرقابة على اللجان المستقلة ضعيفة لأسباب عدة
ويعتقد الغول أن الظروف المعيشية الصعبة تفرض "أحيانا" التغاضي عن تقديم الدعم لشرائح عديدة من المجتمع، إذ قد تدفع الرقابة الكثير من الداعمين للتراجع عن تقديم الدعم إذا تعاملوا مع السلطة في غزة.
ولا يخفي الغول دور سلطة رام الله في تضييق الخناق والحصار على غزة، ومحاربة كل مؤسسةٍ تتعاملُ معها".
ومنذ البدء بإعداد التحقيق، تحاول "الرسالة" التواصل مع ديوان الرقابة الإدارية والمالية، المخول بالرقابة على عمل لجان الزكاة، ورغم وعود الشخصية المخولة بالحديث الإجابة عن التساؤلات التي أُرسلت إليها، إلا أن معدة التحقيق لم تحصل على أي إجابة حتى اللحظة.
التنسيق والتشبيك
تضارب عمل الجهات الإغاثية لمحتاجي قطاع غزة من شأنه أن يكون له تبعات تؤثر على نوع المساعدات ووصولها لمستحقيها، لذا لابد من وجود آلية لضبط العمل خاصة ما يتعلق بملف الزكاة.
وضمن هذا الإطار التقت معدة التحقيق بالخبير الاقتصادي أسامة نوفل، الذي أقر بوجود إشكالية في تعدد الجهات المعنية بمجال الزكاة، سواءً التي تتبع الحكومة، أو التي تعمل بشكل مستقل، مشيرًا إلى أن ذلك يخلق نوعًا من الريبة وعدم الشفافية.
وأرجع فرضية غياب الشفافية، إلى عمل كل جهة بآلية مختلفة عن الأخرى، دون تنسيق بينهم، "وبالتالي هذا مدعاة لوجود شبهات فساد، وذهاب تلك الأموال إلى غير مستحقيها"، مشيرا إلى أن "الخطورة تكمن في وجود جمعيات زكاة من الصعب الرقابة عليها بسبب استقلاليتها".
ويرى أن إنشاء هيئة الزكاة الفلسطينية أحدث تضاربا في عمل اللجان، متسائلا في الوقت ذاته عن الهدف من إنشائها، بوجود لجان تتبع وزارة الأوقاف.
وقال: "هيئة الزكاة استطاعت الحصول على الزكاة عبر انتزاع قرار من وزارة المالية يقضي بأنه يحق لدافعي ضريبة الدخل تحويلها إلى الهيئة بوصفها زكاة مال، مما أدى إلى تراجع إيرادات الإدارة العامة للزكاة نتيجة منافسة الهيئة لها"، منبهًا في الوقت ذاته إلى أن لجنة الرقابة في المجلس التشريعي المخولة بمتابعة الهيئة لم يصدر عنها أي تقارير رقابية بشأن أعمال الهيئة.
وجاء في المادة (19) أن "زكاة الدخل" تحسب على ما اجتمع من دخول الشرائح الواردة في نص القانون نهاية العام، بعد احتساب التكاليف والنفقات الخاصة بها، على أن تخصم الزكاة من الضريبة المطلوبة منهم، ومقدار الزكاة عليها كمقدار زكاة التجارة مع توفر النصاب".
وانتقد طريقة تشكيل اللجان في الإدارة العامة للزكاة، لعدم وضوح آليات تعيين الأعضاء التي قد تتم على اعتبار حزبي.
خبير اقتصادي: تعدد جهات الزكاة يؤدي إلى عدم الشفافية
ويرى نوفل أن اقتصار عمل لجان الزكاة على إعانة الفقراء بالسلع الأساسية والملابس فقط، أمرٌ غير منصفٍ للفقير الذي له احتياجات أخرى، مشيرًا إلى ضرورة إعداد دراسةٍ لتحديد الاحتياجات المطلوبة، من ناحية الغذاء والتعليم والعلاج، فمفهوم الزكاة ليس إغاثيا فقط.
ويوصي نوفل المجلس التشريعي بضرورة تعديل قانون تنظيم الزكاة الفلسطيني رقم (9) لسنة 2008م بما يكفل الإشارة لمنع تضارب المصالح في ملف الزكاة، وإلزام العاملين بتوقيع إقرارات الذمة المالية.
وطالب بزيادة مستويات التنسيق والتشبيك بين الجهات العاملة على ملف الزكاة، وتطوير كفاءة الأداء الإداري والفني والمالي للمؤسسات العاملة في ملف الزكاة، بالإضافة إلى قيام الإدارة العامة للزكاة بالمزيد من الإشراف على عمل لجان الزكاة، من حيث تشكيلها والتحكم في إيراداتها ونفقاتها وفق الأنظمة واللوائح، وإجراء انتخاباتٍ لأعضاء لجان الزكاة.