حذرت الجزائر، اليوم السبت، من "عمليات أجنبية" تهدف إلى زعزعة الاستقرار، في إشارة إلى (إسرائيل)، عقب اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مقابل تطبيع العلاقات بين المغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال رئيس الوزراء، عبد العزيز جراد، خلال زيارة أجراها إلى مقر الأرشيف الحكومي بالعاصمة الجزائر، وفق ما نقل التلفزيون الرسمي، إن هناك "تحديات تحيط بالبلاد"، مشيرًا إلى وجود تهديدات على حدود البلاد التي "وصل إليها الكيان الصهيوني".
وتحدث الجراد عن وجود عمليات أجنبية "تريد ضرب استقرار البلاد"، مشيرًا إلى "دلائل" مرتبطة بما "يحدث على كل حدودنا"، وذلك خلال مؤتمر لإحياء الذكرى الستين للتظاهرات الوطنية خلال حرب الاستقلال (1954-1962).
وهذه أول ردة فعل رسمية جزائرية على الإعلان المفاجئ، للرئيس الأميركي المنهية ولايته، دونالد ترامب، الخميس، الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها مقابل تطبيع الرباط للعلاقات مع إسرائيل.
وقال جراد إن "بلادنا مستهدفة وهناك قضايا خطيرة في محيطنا الإقليمي (..) هناك إرادة حقيقية لوصول الكيان الصهيوني قرب حدودنا"، في إشارة - على ما يبدو - لـ"استئناف" المغرب، جار الجزائر، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
وأردف أنه "أكدنا سابقا لمواطنينا أن هناك عمليات أجنبية تريد ضرب استقرار بلادنا، وها هي الدلائل ظهرت عندما نرى على طول حدودنا وفي فضائنا المغاربي والأفريقي عدم استقرار وحروب".
ودعا إلى "رص الصف الداخلي لمواجهة استهداف البلاد"، دون توضيح أكثر.
ويعتبر المسؤولون الجزائريون أزمات دول الساحل الأفريقي على الحدود الجنوبية، وأزمة ليبيا شرقا، والنزاع بإقليم الصحراء غربا، "حزام نار" يهدد أمن البلاد.
وإلى جانب الوضع الحساس أمنيا في ليبيا، بدأت تنتشر مؤخرا تحليلات عن انتقادات جزائرية لسياسة فرنسا تجاه أنشطة مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
والأحد الماضي، أعرب جراد، في كلمة بالدورة الـ14 لمؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي حول مبادرة "إسكات البنادق"، عن قلق الجزائر حيال تواصل تحويل مبالغ كبيرة لجماعات إرهابية مقابل تحرير رهائن غربيين، معتبرا أن ذلك يعيق جهود الجزائر في محاربة الإرهاب.
والخميس، اتفق المغرب وإسرائيل، بوساطة أميركية، على استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية، على إثر ذلك، أعلن ترامب اعتراف بلاده بسيادة المغرب على إقليم الصحراء المتنازع عليه مع جبهة البوليساريو.
وجاء في بيان صدر عن الديوان الملكي المغربي أن هذه الخطوة "لا تمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط".
"تهديدات وشيكة"
وفي سياق متصل، قال المحلل الجزائري عابد شارف: "التقارب بين المغرب وإسرائيل يفتح الطريق، إن لم يكن قد فعل، لتقديم مساعدات إسرائيلية إلى الجيش المغربي في العديد من المجالات، بعضها خطير بشكل خاص مثل المراقبة الإلكترونية ومراقبة السماء والطائرات بدون طيار والتجسس واستغلال الإنترنت".
وأضاف شارف على صفحته على فيسبوك "من الواضح الآن أن الجيش الإسرائيلي على حدودنا"؛ من جانبه، قال اختصاصي علم السياسة منصور قديدير إن مثل هذا الوجود، بأي شكل من الأشكال، سيكون بمثابة "استفزاز" و"عرض قوة من الجار المغربي".
وفي عددها الصادر في كانون الأول/ ديسمبر، دعت مجلة "الجيش" الجزائرية المؤثرة وواسعة الانتشار، الجزائريين، إلى الوقوف على أهبة الاستعداد لمواجهة "تهديدات وشيكة".
وأشارت في افتتاحيتها إلى "تدهور الوضع الإقليمي على طول الشريط الحدودي والتهديد الذي تشكله بعض الأطراف المعادية لأمن المنطقة في الآونة الأخيرة".
وكتبت المجلة أن الجزائر مُلزمة بتحمل "التزاماتها الإقليمية التي يفرضها دورها المحوري، بالإضافة إلى مواقفها المبدئية الثابتة في دعم جميع القضايا العادلة".
وتشكل قضية الصحراء الغربية التي لا تزال تعتبرها الأمم المتحدة "منطقة غير متمتعة بالحكم الذاتي" في غياب تسوية نهائية، موضع نزاع منذ عقود بين المغرب والصحراويين المطالبين بالاستقلال.
وتدعو البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة تخطط له الأمم المتحدة، بينما يقترح المغرب الذي يسيطر على أكثر من ثلثي هذه الأراضي الصحراوية الشاسعة، خطة للحكم الذاتي تحت سيادته.
ومنذ استقلالها، تبنت الجزائر قضية "حق الشعوب في تقرير المصير"، ولا سيما حق الصحراويين والفلسطينيين الذين تعد من أكثر المؤيدين لهم.
وللوفاء "بالتزاماتها الإقليمية"، اعتمدت الجزائر في استفتاء الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر تعديلا دستوريا يراجع عقيدة جيشها الأقوى في منطقة المغرب.
وللمرة الأولى، صار بالإمكان تفويض الجيش الوطني الشعبي لتنفيذ مهام حفظ السلام خارج الجزائر الواقعة على حدود مناطق تشهد نزاعات من ليبيا في الشرق إلى منطقة الساحل في الجنوب.
المصدر/ عرب 48