تتنقل حركة حماس بين سنواتها بملفات سياسية ثقيلة تزداد تعقيداً وصعوبة، وكما حال القضية الفلسطينية، فمع مرور الوقت يضيق الأفق وتصبح الفرص نادرة، خاصة مع الأوضاع الراهنة التي تعاني منها القضية ويمكن القول إنها الأصعب في تاريخها.
ورغم المرونة التي تحلت بها الحركة في السنوات الأخيرة بعدما خبرت السياسة وجعلتها تناور على أكثر من صعيد وتحقق بعض الاختراقات، لكنها تدخل عامها 33 بالكثير من الملفات المرهقة، والتي تتطلب منها مزيدا من المرونة والحكمة واقتناص الفرص إن وجدت.
أولى الملفات التي تنتظر حماس في عامها المقبل هو المتغير الأحدث المتمثل بفوز جو بايدن بالانتخابات الامريكية، وذلك لتأثيره المباشر على باقي الملفات التي تحملها الحركة.
ولم يتضح بعد كيف ستؤثر توجهات إدارة بايدن في الانفتاح على السلطة ورغبتها في استئناف المسار التفاوضي على سلوكها تجاه حركة حماس، لكن المرجح أنها ستتبنى الموقف التقليدي للإدارات الامريكية السابقة من حيث التعامل مع الحركة على المستوى الرسمي كـ "حركة إرهابية" ومحاولة فتح قنوات تواصل معها بعيداً عن الجانب الرسمي.
ورغم الموقف الأميركي الواضح من حماس خاصة لرفضها المفاوضات ومسار التسوية، لكن الوثيقة التي أطلقتها الحركة في العام 2017 والتي وافقت خلالها على دولة في حدود عام 1967 ربما تشكل مدخلا للتعاطي معها ومحاولات احتوائها سياسياً، وهذا يتطلب منها مرونة وحكمة في التعامل مع ضيق الأفق والفرص.
وثاني الملفات يتمثل في العلاقة مع السلطة الفلسطينية وحركة فتح والتي لعب فوز بادين دوراً في افشالها، بعدما سارعت السلطة لإعادة العلاقات مع الاحتلال والتنسيق الأمني، وتجاهل المصالحة حتى قبل تسلمه مهام منصبه.
في الملف السابق قد تتأرجح العلاقة بين الخصمين الفلسطينيين ما بين ذهاب السلطة نحو تشديد الخناق على غزة عبر فرض المزيد من الإجراءات العقابية أو المحافظة على الحد الأدنى من العلاقة والتي تسعى السلطة من خلالها للتلويح بها كورقة ضغط على نتانياهو وبايدن، وفي الحالتين ستكون حماس مضطرة للتعاطي مع السلطة والمضي قدماً في أي فرص للمصالحة.
وفيما الملف الثالث وهو موجة التطبيع التي تجتاح المنطقة وخاصة دول الخليج وتكسر الاجماع العربي تجاه القضية الفلسطينية، فإنه سيؤثر بالضرورة على الحركة لأن التطبيع يصاحبه تشديد الحصار والخناق على حماس وغزة.
أما الملف الرابع فهو الأزمة الإنسانية في غزة والتي تتفاقم نتيجة جائحة كورونا ما يزيد من معاناة السكان، وبالتالي يشكل حالة ضغط كبيرة على الحركة التي تدير القطاع وحاولت فك الحصار خلال السنوات الماضية بعدة طرق ولم تنجح إلا بتقديم بعض المسكنات الاقتصادية المتمثلة في المنحة القطرية والتي تمنع انفجار الأوضاع في القطاع لكنها لا تحل الازمة المتفاقمة فيه.
بينما يشكل الملف الخامس المتمثل في امكانية إتمام صفقة تبادل وربما اتفاق تهدئة طويل، الفرصة الوحيدة في المدى المنظور للخروج من المأزق الحالي، لكن حتى الآن لا يوجد ما يدل على قرب إتمامها في ظل اتساع الفجوة بين الطرفين حول الصفقة بين ما تطالب به حماس وما يمكن أن تقبل به (إسرائيل).
تحتاج حماس لقدر كبير من المرونة والحكمة، يسمح لها بالتعامل مع مختلف الظروف والمتغيرات التي تتوالى عليها منذ فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، وذلك لتفادي الضربات والأزمات التي قد تتعرض لها ومن ناحية أخرى لاقتناص أي فرصة قد تلوح لتحقيق اختراق جدي في الوضع القاتم.