في الرابع عشر من ديسمبر يحتفل الفلسطينيون بالمعلم، الذي استطاع بأدوات بسيطة التغلب على ظروف الوطن المعقدة، وتمكن من أن ينشئ جيلا متعلما وواعيا.
وكعمله الاستثنائي في فلسطين مع وجود الاحتلال الذي يحارب المنهاج والطلبة وحتى أبنية المدارس فقط لأنها فلسطينية، كان هذا العام استثنائيا كذلك باستحداث وسائل تعليمية تتجاوز كورونا، في محاولة لتسخير التكنولوجيا لإيصال المنهاج للطلبة وهم في منازلهم.
محاولات المعلمين الدائمة للتغلب على الصعاب جعلت منهم رموزا تُكرم عربيا كل عام في مهرجانات الابداع، لنجاحهم في ابتكار أساليب جديدة للتعليم وتذليل صعوبة المنهاج.
في يوم المعلم غرد الكثير من الطلبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، وفعلوا وسما #يوم_المعلم_الفلسطيني، فكتبوا مواقف كانت لهم مع مدرسيهم، أو عبارات شكر لكل من علمهم حرفا.
غرد هيلان من مدينة قلقيلية: "في يوم المعلم الفلسطيني، المجد لوالدي العظيم، وكل المدرسين على هذه الأرض، المعلم الفلسطيني قدم الكثير (..) قصص والدي أثناء رحلة الذهاب إلى المدرسة في الانتفاضة الثانية وحدها تحكي عن تضحية هؤلاء الرجال (..) حقوقكم كلها مشروعة وحق لكم".
أما رامي أبو شاويش فغرد "لا تزال بصمات معلمينا واضحة راسخة في تربية وتنشئة أجيالنا المتعاقبة".
كما تذكر الكثيرون معلميهم الذين رحلوا عن عالمنا، فعبر صفحة نيوز فلسطين استذكروا المعلمة رهام دوابشة التي استشهدت في العام 2015 بعد أن حرق منزلها مستوطنون متطرفون في بلدة دوما بمحافظة نابلس، وبقي ابنها أحمد.
أما رأفت درويش فهنأ المعلمين وفي مقدمتهم كما أورد "تحية إلى والدي ووالدتي وأختي وعمتي وخالتي وأخوالي وأعمامي وزوجة عمي وزوج عمتي وابنائهم وبناتهم الذين ساروا على ذات الدرب".
التغريد لم يقتصر على الطلبة فالمدرس عبد الله الهاجري كتب "شكرا أصدقائي المعلمين في فلسطين في ظل ازمة جائحة كورونا وفي وجود الاحتلال الإسرائيلي لا يسعني الا ان أقول شكرا بحجم السماء لهذا العطاء المتميز، وما زال المعلم الفلسطيني منذ سنوات طويلة متميزا تعليميا".
معلمة الفيزياء هالة قالت: "إن مهنة التعليم ليست عظيمة وحسب، بل أميز تجربة وخبرةٍ قد يتعرض لها الإنسان في حياته، نحن صانعو الأجيال مشيدو الأمم، دام فضلنا وعطاؤنا نبراساً يضيء لكم عتمة الطريق".
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت عبارة "في يوم المعلم الفلسطيني مين أكتر معلم بتتذكره وشو بتحب تحكيلهم بيومهم؟"، لتنهال الكثير من المواقف بين المعلمين والطلبة.
العملية التربوية
ويحمل هذا اليوم رمزية وطنية ترتبط جذورها بمحطة نضالية انطلقت منذ عام 1972 عندما تعرض عشرات المعلمين للقمع والتنكيل على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي لدورهم الوطني المتمثل بحماية العملية التعليمية من تدخل المحتل ومحاولاته فرض الوصاية عليها، إضافةً إلى مطالبتهم بحقوقهم النقابية العادلة؛ وصولًا إلى يوم الرابع عشر من كانون الأول من العام 1980م، بانطلاق أول مسيرة للمعلمين، متحديةً الاحتلال وحكمه العسكري من مدرسة المغتربين في البيرة باتجاه مبنى الحكم العسكري.
وقتها تعرض المعلمون للضرب المبرح والاعتداء بالقوة المفرطة والاعتقال على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي؛ ومن ضمنهم قادة اللجنة العامة للمعلمين والتي شكلت من خلال لجان لوائية من معلمي المدارس في كل محافظة، وبعدها أعلنت اللجنة العامة للمعلمين إضراباً متتالياً لمدة 75 يومًا؛ ما أدى إلى انكسار وانصياع سلطات الاحتلال لمطالب المعلمين.
وسطر المعلمون الفلسطينيون تضحيات عظيمة لمنع تمرير مخططات سلطات الاحتلال في تهويد التعليم وتزوير التاريخ والجغرافيا الفلسطينية وكل محاولات التدخل في العملية التربوية.
وسجل المعلمون مواقف وتحديات جسام خلال الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى، أثناء إغلاق سلطات الاحتلال المستمر للمدارس والجامعات الفلسطينية- باللجوء إلى التعليم الشعبي؛ من أجل الحفاظ على سير العملية التعليمة الوطنية آنذاك.