على وقع استمرار التفرد بالقرار الفلسطيني وإصرار قيادة السلطة على البقاء في حالة الشيخوخة والترهل السياسي؛ فإنه بات من الضروري تجديد وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني برمته.
ومن الواضح أن استمرار الوضع السياسي الداخلي على ما هو عليه وسط حالة من غياب الأفق وتغييب بقية الخيارات والأطراف السياسية الأخرى، يساهم في تراجع القضية الفلسطينية وإضعاف حالة التعاطف والتضامن الدولي والعالمي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
ما سبق يدفع الفلسطينيين للمطالبة بضرورة استقالة رئيس السلطة محمود عباس والذهاب إلى صندوق الاقتراع لتجديد النظام الفلسطيني بعد مضي أكثر من 13 عاما على آخر انتخابات أجريت في الأراضي الفلسطينية.
وأظهر استطلاع رأي أجري في الضفة الغربية وقطاع غزة أن ثلثي الفلسطينيين يطالبون باستقالة الرئيس محمود عباس.
وأظهر الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله أن الأغلبية تخشى أن تؤدي عودة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي للمزيد من التطبيع العربي وإفشال المصالحة وإضعاف فرص الانتخابات.
وتشير النتائج إلى أن نسبة المطالبة باستقالة الرئيس عباس ترتفع لتصل للثلثين (66%)، لكن التوازن في التأييد لحركتي فتح وحماس لا يتغير مقارنة بالوضع خلال الأشهر الستة الماضية.
وتوضح النتائج إلى أن ثلاثة أرباع الجمهور يطالبون بإجراء انتخابات عامة تشريعية ورئاسية رغم أن نسبة تقل عن الثلث فقط تتوقع إجراءها قريباً.
وتشير نتائج الاستطلاع، الذي أجري بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور في رام الله، إلى أن الفلسطينيين يرسمون صورة قاتمة للأوضاع الفلسطينية على ضوء العودة للتنسيق، فالأغلبية تعتقد أن (إسرائيل) هي التي خرجت رابحة من هذه المعركة السياسية وأن الطرف الفلسطيني هو الذي دفع الثمن الأكبر لخوضها.
وتعتقد الغالبية الساحقة أن (إسرائيل) لم توافق فعلاً على الالتزام بالاتفاقات المعقودة، بل إن هذه الأغلبية الساحقة تعتقد أن الاحتلال لم يتخل عن خطة ضم الأغوار والمستوطنات.
وفوق كل ذلك، فإن الجمهور يعتقد أن العودة للتنسيق ستعزز التطبيع العربي مع (إسرائيل)، وستؤدي للمزيد من التوسع الاستيطاني، وستزيد من فرص الضم، وستقلل من فرص المصالحة الداخلية، وتعتقد النسبة الأكبر أنها تقلل من فرص إجراء انتخابات فلسطينية عامة.
تعزيز الغاية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن الجمهور الفلسطيني منذ وقت طويل يدعو لإجراء انتخابات عامة، ويأتي هذا الاستطلاع بغض النظر عن نتائجه لتعزيز الغاية والمطالب الجماهيرية.
ويؤكد حبيب في حديثه لـ"الرسالة" أن قيادة السلطة مقصرة في استمرارها بسياسة تأجيل اجراء الانتخابات وهي تمارس التهرّب وعدم الالتزام فيما ينص عليه القانون الأساسي الفلسطيني وفق النظام الداخلي.
ويوضح أن إجراء الانتخابات استحقاق وطني وضروري وليس منّة من أي جهة، خاصة وأن منظمات المجتمع المدني تدعو إلى إجراء الانتخابات ويطالب بها الفلسطينيون منذ سنوات.
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. محسن أبو رمضان أن اجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بات اليوم ضرورة وطنية لتنشيط الحياة السياسية في فلسطين.
ويضيف أبو رمضان في حديثه لـ"الرسالة" أن الضرورة والأولوية بالنسبة للفلسطينيين هي استعادة إدارة النخب وتعزيز آليات المشاركة والمحاسبة من خلال تجديد النظام السياسي الفلسطيني ومغادرة مربع الانقسام.
ويشدد على ضرورة الدفع باتجاه تحقيق المصالحة والوحدة الفلسطينية وترجمة قرارات الأمناء العامين للفصائل على أرض الواقع.
ويشير إلى أن التعويل على الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن ليس حلا مضمونا، والخيار الأولى هو الوحدة وتحقيق المصالحة؛ كونه الأكثر ضمانا وتماسكا على الصعيد الفلسطيني.