تم التوصل مساء الخميس إلى اتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن مرحلة ما بعد البريكست، واعتبرت الحكومة البريطانية أنه يحقق كل وعودها لشعبها، كما اعتبر الجانب الأوروبي أنه عادل ومتوازن، بينما أشادت به معظم الدول الأوروبية.
ومن لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مؤتمر صحفي "استعدنا السيطرة على مصيرنا وقوانيننا وسيادتنا من خلال الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، سنستعيد كامل سيطرتنا على مياهنا من خلال الاتفاق".
وأضاف أن بلاده ستكون قادرة على تحفيز الوظائف ودعم المزارعين وإنتاج الأغذية، وقال "لأول مرة سنكون دولة مستقلة".
واعتبر جونسون أن "الاتفاق جيد لأوروبا كاملة ولأصدقائنا وشركائنا"، مضيفا "أقول للأوروبيين: سنبقى أصدقاءكم وداعمين لكم".
وقال إن بلاده تريد أن تكون قوة تتعاون مع الطرف الآخر في المجالات كافة.
وأوضح رئيس الوزراء البريطاني أنه منذ الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، سيكون هناك نظام جديد للتعريفات الجمركية.
ووعد جونسون بأن يأتي العام الجديد باستقرار جديد وبإلحاق الهزيمة بجائحة كورونا وإعادة بناء الاقتصاد، معتبرا أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يعني الاستقرار للشرطة وقطاع الطيران والشركات.
تحقيق الوعود
وقبل هذا المؤتمر بقليل، قال متحدث باسم جونسون "تم تحقيق كل الوعود للشعب البريطاني من خلال اتفاق التجارة مع الاتحاد الأوروبي".
كما قال مصدر في رئاسة الوزراء البريطانية لوكالة رويترز: "أُبرم الاتفاق. استعدنا السيطرة على أموالنا وحدودنا وقوانيننا وتجارتنا ومياه الصيد".
وأضاف أن الاتفاق نبأ رائع للأسر والشركات في أنحاء بلاده، وتابع "وقعنا أول اتفاق تجارة حرة يبرم مع الاتحاد الأوروبي دون أي رسوم أو حصص".
واعتبر أن هذا "الاتفاق العظيم" أنجز في زمن قياسي وفي ظل ظروف صعبة للغاية، وأنه اتفاق يحمي تكامل سوق بلاده الداخلية وموقع أيرلندا الشمالية فيها.
وذكر المصدر أن الاتفاق يغطي تجارة بلغت قيمتها 668 مليار جنيه إسترليني (909 مليارات دولار) في 2019.
بدورها، أفادت وزيرة التجارة الدولية البريطانية ليز تروس بأن الاتفاق سيؤدي إلى "علاقة تجارية قوية" مع الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين حول العالم.
وقال رئيسا الوزراء السابقين ديفيد كاميرون وتريزا ماي -اللذان استقالا على خلفية بريكست- إن الاتفاق "مرحب به جدا"، واعتبرت ماي أنه "يمنح الثقة للأعمال ويساعد في الحفاظ على تدفق التجارة".
في الأثناء، حافظ الجنيه الإسترليني على مكاسبه اليوم ليظل قرب أعلى مستوياته في عامين ونصف، بعد الإعلان عن الاتفاق.
وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.8% بعد تأكيد الاتفاق، ليصل إلى 1.361 دولار، أي أقل قليلا من مستويات الذروة المسجلة في مايو/أيار 2018.
الجانب الأوروبي
من جهتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إنه تم التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن مع بريطانيا، معتبرة أن المفاوضات كانت طويلة وعسيرة.
وأضافت فون دير لاين "حان الوقت لطي صفحة البريكست والنظر إلى المستقبل".
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أن التعاون مع بريطانيا سيتواصل من أجل مصالح الطرفين على المستويات كافة.
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "سنراجع الاتفاق مع البرلمان الأوروبي قبل الموافقة عليه".
أما كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه، فقال إن الشراكة مع بريطانيا ستبنى على قواعد اقتصادية جديدة، معتبرا أنه حان الوقت لبناء هذه الشراكة.
وشدد بارنييه على أن الاتحاد الأوروبي سيقف إلى جانب الصيادين.
ورحّب البرلمان الأوروبي بالاتفاق، لكن رئيسه ديفيد ساسولي قال إنه سيواصل عمله قبل أن يقرر ما إذا كان سيعطي العام المقبل موافقته أم لا، على أن يتم مؤقتا تطبيق ما تم التوافق عليه لتجنب الخروج من دون اتفاق.
وقال ساسولي "يأسف البرلمان لأن مدة المفاوضات وطبيعة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في اللحظة الأخيرة، لا تسمحان بمراقبة برلمانية حقيقية قبل نهاية العام".
إشادة أوروبية
وفور الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق، قالت رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجن -في تغريدة- إن "من المهم التذكير بأن بريكست يجري ضد رغبة أسكتلندا، ولا يمكن لأي اتفاق على الإطلاق أن يعوّض عمّا أخذه بريكست منا. الوقت حان لنرسم مستقبلنا الخاص كدولة أوروبية مستقلة".
أما رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، فقال إن الاتفاق "يمثل تسوية جيدة ونتيجة متوازنة"، وسيجنب فرض حواجز حدودية تجارية مع أيرلندا الشمالية، وشدد على أن "المملكة المتحدة ستكون دائما صديقا مقربا وشريكا".
وبدورها، قالت رئيسة وزراء أيرلندا الشمالية أرلين فوستر "هذه بداية حقبة جديدة في العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ونرغب في أيرلندا الشمالية في دفع الفرص التي توفرها الترتيبات الجديدة لاقتصادنا المحلي إلى أقصاها".
من ناحيته، اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون -في تغريدة- أن "وحدة وحزم" الاتحاد الأوروبي أثمرا بعد الإعلان عن اتفاق بريكست، مضيفا أن "الاتفاق مع المملكة المتحدة ضروري لحماية مواطنينا وصيادينا ومنتجينا".
كما أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها "واثقة" من أن الاتفاق كان "نتيجة جيدة"، وقالت في بيان "سنكون قادرين بسرعة على تحديد ما إذا كانت ألمانيا ستدعم نتيجة المفاوضات اليوم"، مضيفة أن حكومتها ستجتمع الاثنين لمراجعة الاتفاقية.
أما رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، فكتب على تويتر أن مبدأ الاتفاق "مرحب به"، وأضاف "تواصل إسبانيا والمملكة المتحدة الحوار للتوصل إلى اتفاق بشأن جبل طارق".
وفي هولندا، قال رئيس الوزراء مارك روته -على تويتر- إنه "خبر رائع"، وأثنى على ميشال بارنييه وأورسولا فون دير لاين، وعلى "جهودهما الحثيثة".
وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي على تويتر إنه "خبر سار"، مضيفا "مصالح وحقوق الأعمال والمواطنين الأوروبيين مضمونة. ستكون المملكة المتحدة شريكا وحليفا محوريا للاتحاد الأوروبي وإيطاليا".
كما رحّب رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا "بحرارة" بالنبأ، مشددا على أن بريطانيا ستبقى شريكا وحليفا مهما.
وغرّد المستشار النمساوي سيباستيان كورتز قائلا "أرحب بتمكن المفاوضين من التوصل إلى اتفاق"، وأضاف "الآن سندرس الاتفاق بعناية".
واعتبر وزير خارجية الدانمارك ييبا كوفود أن الاتفاق هو "أفضل هدية عيد ميلاد يمكن أن تتبادلها دول الاتحاد الأوروبي الـ27 والمملكة المتحدة".
ورحب الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس أيضا بالاتفاق، وقال على تويتر "سيحمي هذا الاتفاق مصالح الشركات والمواطنين. وهو هدف رومانيا الأساسي خلال هذه المفاوضات".
المصدر : الجزيرة + وكالات