لا زالت المدينة المقدسة منبع الآثار القديمة والمعالم التاريخية التي تحكي حقبا طويلة تعاقبت عليها من جميع الديانات، فترك كل منهم أثره، ثم رحل، أو بقي ليحارب رواية المحتل حتى اليوم.
المعهد البابوي لمركز نوتردام في القدس معلم تاريخي ضخم، بني في عام 1882 في فترة شهدت قدوم مجموعة كبيرة من الحجاج المسيحيين إلى الأراضي المقدسة، ويقال إن عددهم في كل مرة كان يصل إلى 900 حاج وتأخذ الكنيسة على عاتقها تنظيم رحلاتهم وتدبير مكان إقامتهم، ولأجل ذلك أقيم مركز نوتردام لاستقبال الضيوف الأوائل.
يقع المبنى على بعد خطوات قليلة من البلدة القديمة في القدس، وقد شهد كثيرا من الوقائع والحروب، فخلال الحرب العالمية الأولى أغلق وكان أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها شاهدا على الاحتلال الإسرائيلي.
مركز نوتردام يقع في مكان حساس في البلدة القديمة، وظل يعاني من الانتهاكات الإسرائيلية لأعوام وحتى الآن، ما تسبب في كثير من الأضرار في المبنى أدى إلى تهدم بعض من أجزائه، وفي عام 1972 أعيد تأهيله برعاية البابا بولس السادس.
يعتبر مركز نوتردام متاحا لجميع سكان القدس للمشاركة في الأنشطة الثقافية في قاعاته، ويعتبر تحفة معمارية ودليلا على التناغم ما بين الأديان في المدينة المقدسة.
يقع المعهد غرب سور القدس القديمة، وهذا يعني أنه ضمن منطقة القدس الغربية، ما جعل الدخول إليه محرما على أهالي القدس وحتى مسيحيها، وذلك من الاحتلال الإسرائيلي. رغم ما سبق فإن هناك اهتماما عربيا به وبزيارته على الدوام لأنه يحوي متحفا لبعض القطع الأثرية النادرة.
يتكون المعهد البابوي من ثلاثة طوابق، تطل على أحياء المدينة القديمة وسورها الغربي. وداخل هذه الطوابق يسكن طلبة أتوا من روما لإتمام الدراسات العليا في الإنجيل، وارتباطاته الميدانية بالقدس وفلسطين، معظم هؤلاء الطلبة من الرهبان والخوريين، الذين يدرسون في أغلبهم ضمن برنامج مكثف للغات الأساسية للإنجيل.
يقول رئيس المعهد نويهاوس إن رهبان الدير أجروا حفريات أثرية (شمال شرق البحر الميت) في الضفة الشرقية لنهر الأردن، حيث اكتُشف الموقع عام 1928، ثم أُجريت فيه تنقيبات بين أعوام 1929-1938، أشرف عليها المعهد البابوي التوراتي، حيث نجح في اكتشاف تل الغسول الذي يعود إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.
ويحوي المتحف الذي أقيم داخل المعهد، مقتنيات كثيرة من ذلك الاكتشاف منها مومياء فرعونية وفخاريات وآنية وجنين مدفون داخل جرة من الفخار.