تفتتح حركتا فتح وحماس العام الجديد برسائل متبادلة حول إمكانية عقد انتخابات فلسطينية طال انتظارها في الأراضي الفلسطينية التي تعاني من انقسام وجمود سياسي أدى لتعطل الشرعيات على مدار أكثر من 15 عاما.
المؤشر الأهم فيما يتعلق بقضية الانتخابات هو ما كشف عنه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية حول تلقيه رسالة خطية من الرئيس محمود عباس رحب فيها بمضمون ما ورد في رسالة رئيس الحركة قبل أيام.
ووصف الرئيس عباس رسالة هنية بأنها تشكل أرضية عمل للانطلاق باتجاه بناء الشراكة وإنهاء الانقسام، وتجسيد وحدة الوطن والشعب والقيادة والقرار من خلال عملية ديموقراطية حرة ونزيهة، وأنه سيعمل على توفير البيئة والمناخ الإيجابي لاستمرار تجسيد كل التفاهمات والاتفاقات بما فيها مخرجات لقاء الأمناء العامين وتفاهمات إسطنبول.
وكان رئيس المكتب السياسي لحماس قد أكد في رسالته، التي وجهها للرئيس، إجراء انتخابات المجلس الوطني والمجلس التشريعي والرئاسة على قاعدة التوالي والترابط في مدة أقصاها 6 أشهر.
المؤشرات الأخيرة تأتي بعد أن توقف الحوار بين الحركتين عند لقاء القاهرة الأخير في نوفمبر الماضي نتيجة الخلاف على جدولة الانتخابات ولكنه انهار عقب إعلان السلطة استئناف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وتحاول الحركتان إشاعة أجواء من التفاؤل بإمكانية اجراء الانتخابات نتيجة التوافق على عقدها بالتتالي وليس بالتزامن، وهي المسألة التي أعاقت التوافق سابقاً، لكن لم تقدم الحركتان حتى الان أجوبة لجملة من التساؤلات التي تحتاجها قضية الانتخابات حتى تجري.
أبرز تلك التساؤلات:
الرفض الإسرائيلي: كيف سيتم التعامل مع الموقف الإسرائيلي الذي أعلن مراراً أنه لن يقبل انتخابات في القدس المحتلة وربما يعيقها في عدة مناطق في الضفة المحتلة التي يسعى لضمها وبات يتعامل معها على أنها جزء من دولة الاحتلال، وهذه معضلة كبيرة لا بد من تقديم أجوبة واضحة ووضع آليات حول كيفية مواجهة هذا التحدي.
تهيئة الأجواء: المشكلة الثانية تتلخص في أن الحركتين اختزلتا مسالة الديمقراطية في الانتخابات فقط دون مراعاة الأجواء المصاحبة لها والتهيئة التي يجب أن تسبقها.
فالتجارب السابقة لا تشجع على الثقة فقد شهدت الانتخابات البلدية، التي كانت يجب ان تجري في العام 2016، مظاهر تتعارض مع الديمقراطية من حيث تهديد مرشحين في الضفة الغربية وتدخل الأجهزة الأمنية في المسألة والتي انتهت بإلغائها في غزة وعقدها في الضفة فقط.
لذا من الضروري افساح المجال أمام الحرّيات، وتحييد السلطة السياسية وأجهزتها المتعدّدة، والتي تكرّست خلال فترة الانقسام، عن التحكّم في العملية الانتخابية.
الضمانات: وهنا تشمل أمرين الأول هو الأطراف والدول التي من المفترض أن تلعب دورا مهما في ضبط الحركتين ودفعهما لتمرير مسألة الانتخابات حتى النهاية، مع وجود تجارب عديدة لا تشجع على الثقة بين الطرفين.
وهنا يجري الحديث عن دور لعدة دول بذلت جهود سابقاً لتحريك مسار المصالحة وضمان تطبيق الاتفاقات والتفاهمات الوطنية، وخاصة مصر وقطر وتركيا وروسيا.
الثاني: هو الضمان بقبول نتائج الانتخابات والتعامل الإيجابي معها والالتزام بها لتجاوز الازمة الراهنة، وعدم تكرار تجربة انتخابات عام 2006 والتي نتج عنها الانقسام الفلسطيني بعدما رفضت فتح القبول بفوز حماس.
كسب الوقت: السؤال الأهم في مسألة الانتخابات يدور حول دوافع الحركتين لعقدها وهي المعطلة منذ 15 عاماً، ففي الوقت الذي يتمسك كل فصيل بموقفه وبرنامجه السياسي، فإن أزمة الثقة لا تزال قائمة وتعززها التجارب السابقة.
وتؤكد التجارب أن السلطة لا تراهن إلا على الاحتلال والجانب الأميركي فقد ضربت عرض الحائط بتفاهمات إسطنبول وأعلنت العودة للتنسيق الأمني أثناء اجتماع الحركتين في القاهرة بمجرد فوز جوزيف بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وهناك مؤشرات تقول إنها تتجه اليوم للحديث عن الانتخابات في انتظار نتائج الانتخابات الإسرائيلية الرابعة التي ستعقد في مارس القادم لمجرد كسب الوقت وإحداث حراك وهمي في الساحة الفلسطينية وهي سياسة اعتادت السلطة استخدامها.