قبل قرابة أسبوعين على مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض، قرر أن يغلق إحدى أبرز التحديات التي عصفت بالمنطقة العربية خلال فترته، وهي النزاع السياسي في منطقة الخليج بعد القطيعة التي جرت عام 2017، وما ترتب عليها من تدهور في العلاقات الخليجية بشكل غير مسبوق.
وكان هناك مؤشرات قوية أن زيارة صهر ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر للسعودية وقطر آخر محاولات لرأب الصدع في البيت الخليجي، خاصة مع ما نقلته رويترز عن أن كوشنر التقى قبل أيام في البيت الأبيض بوزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح.
وتعدّ الكويت الوسيط العربي الأبرز في محاولة الصلح بين قطر والسعودية وحلفائها.
لذا فإن القمة الخليجية الـ 41 لمجلس التعاون الخليجي بدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وبحضور قطر، لم يكن مفاجأ وجاء لتتويج جهود المصالحة التي تمت وسط ترحيب عربي.
الموقف الفلسطيني جاء سريعاً حول المصالحة وعبرت عنه حركتي فتح وحماس حيث بارك عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ اتفاق المصالحة الخليجية، وقال الشيخ في تصريح مقتضب:" نبارك لإخوتنا في قطر والسعودية نجاح جهود المصالحة بينهما وعودة العلاقات".
بينما هنأت حماس، دول مجلس التعاون الخليجي بتقدم جهود المصالحة، والتي أسفرت عن فتح الحدود بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر.
ودعت حماس إلى إطلاق أوسع حوار إقليمي لإنهاء مختلف عوامل وعناصر الخلاف بين جميع الدول العربية والإسلامية في المنطقة.
كما أعربت الحركة عن أملها بأن يكون العام 2021 عام تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ووحدة مكونات الأمة ودولها الرئيسة، في ظل هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها.
تأثيرات المصالحة الخليجية ستطال الوضع الفلسطيني بالتأكيد كما كان للأزمة التي اشتعلت في العام 2017 تداعيات هامة.
ورغم أنه من المبكر الحديث عن تداعيات المصالحة الخليجية على الشأن الفلسطيني إلا انها تحتمل الوجهين، فمن ناحية قد تساهم في ترتيب البيت الفلسطيني ودعم جهود المصالحة الفلسطينية واتمام عملية اجراء انتخابات خاصة في ظل اجماع عربي على ضرورة تجديد الشرعيات الفلسطينية وعقد انتخابات تشريعية ورئاسية لضخ دماء جديدة في القيادة الفلسطينية تتماشى مع الرؤية الجديدة للصراع في المنطقة.
ومن جانب اخر فإن تداعيات الأزمة الخليجية لم يسلم منها الفلسطينيين الذين عانوا من التضييق والاعتقال، وتحديداً في السعودية التي لم تنكر أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمة مع قطر هو دعمها لحركة حماس التي صنفتها في ذلك الوقت المملكة بأنها "إرهابية".
وقد شهدت العلاقة بين حماس ودول الخليج وخاصة السعودية تحولا حادا وأن العهد الذي كانت تحظى فيه المقاومة الفلسطينية بدعم سعودي قد ولّى وحلَّ محله نوع من التوتر في ظل الصعود السريع لولي العهد محمد بن سلمان.
ولم تقتصر الحملة السعودية على حماس في إطار الاعتقالات، وإنما تجاوزتها إلى القضية الفلسطينية برمتها، وفرضت حالة حصار سياسي وقطع شرايين الدعم المالي عنها.
ترافق ذلك مع انفتاح غير مسبوق على إسرائيل وانخراطٍ محموم في ترويج وتسويق خطة السلام الأميركية، وصولا إلى تشويه القضية الفلسطينية وعدالتها ما دفع البعض للقول إن السعودية تصفي علاقتها لحماس نهائياً.
التوتر لم يقتصر على حماس فقد كان لفتح والسلطة نصيب من التحول المفاجئ في السعودية ولكن الطرفين حافظا على الحد الأدنى منه وابقاءه خلف الكواليس، لكن المؤشرات كانت واضحة بأن التوتر يسود العلاقة بين السلطة والخليج عامة نتيجة تماهي دول الخليج مع الخطة الأمريكية للتسوية، ومحاولة الضغط على الفلسطينيين للقبول بها، ومن ثم وقف كل أشكال الدعم المالي للسلطة والمؤسسات الفلسطينية.
وتوجت الأزمة باتفاقات التطبيع المعلنة التي افتتحها الخليج وخاصة الامارات وتبعها دول أخرى لكنها لم تكن لتجري دون ضوء أخضر سعودي تمهيداً للحاق الرياض بها.
وهنا يكمن التأثير الأخطر للمصالحة الخليجية التي يرى البعض أنها مدخل لضم الحظيرة الخليجية بالكامل تحت عباءة الاحتلال وتوقيع اتفاق تطبيع شامل يجلب مجلس التعاون كله نحو الاحتلال كي يظهر الأمر وكأنه اجماعا خليجيا وعربيا ويرفع الحرج عن المملكة السعودية.
وفيما يتعلق بالدعم القطري الكبير الذي يقدم شهرياً لغزة فمن غير المتوقع أن يتأثر في المدى المنظور بالمصالحة ولكن الشهور القادمة ستكشف عن مدى التوافق الخليجي وصمود المصالحة.
جابر الحرمي الكاتب والمحلل السياسي القطري قال في تصريحات لإذاعة الأقصى حول المصالحة الخليجية وتأثيرها على القضية الفلسطينية "ما نشأ من اتفاقيات وعلاقات وشراكات بعد الخامس من يونيو عام 2017 وهو التاريخ الذي تعرضت له قطر للحصار، ليس عليه مساومة ولا تغيير وستبقى الاتفاقيات والعلاقات قائمة وستمضي قطر في تعزيزيها والتواصل مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية".
واعتبر أن موقف قطر تجاه غزة ثابت وراسخ ولا يقبل التغيير.
وكان أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة أول الزعماء في كسر حصار غزة عام 2012 والشيخ تميم بن حمد الحالي يسير على ذات النهج، مؤكداً ان علاقة قطر مع القضية الفلسطينية سواء أكان بالدعم المالي أو السياسي لن تتأثر.