أكد إعلاميون وتربويون ومختصون في علم النفس الإعلامي، على دور التربية الإعلامية في تحقيق الأمن النفسي والفكري وتشكيل حصانة مجتمعية؛ لمواجهة محاولات الإخلال بأمن واستقرار المجتمع وسلامته، من خلال ثقافة إعلامية تسهم في بناء وعي إعلامي مستنير للفرد، وتنمي شعوره بالانتماء الوطني.
جاء ذلك في لقاء إلكتروني عبر تطبيق "زوم"، نظمه منتدى الأصالة والتجديد في بحوث الإعلام العربية - شعبة علم النفس الإعلامي، وذلك بحضور حشد أكاديمي من مختلف الدول العربية.
وقدم أستاذ فلسفة الإعلام والاتصال في كلية الدراسات المتوسطة –جامعة الأزهر– فلسطين الدكتور يحيى المدهون، ورقة بحثية جاء فيها: أن "العصر الحالي فرض تحديات تربوية كبيرة تتطلب تضافر الجهود بين مكونات المجتمع؛ لمواجهتها"، مؤكداً أن مساهمة التربية الإعلامية في تعزيز الأمن الفكري والتصدي للانحرافات الفكرية، تعد مطلبًا حيويًا في ظل التحديات المعاصرة.
وقال المدهون: إن "الأمن الفكري يحتل أهمية عالية في التربية الإعلامية ويتم تحقيقه من خلال ترسيخ قيم المواطنة؛ لفهم العملية الإعلامية والمشاركة فيها ضمن أخلاقيات المجتمع، ومراعاة مصالحه العليا، وحماية الفرد من الإشاعة والأخبار الزائفة وحملات التضليل الإعلامي"، لافتا لخطورة انحراف الفرد عن قيم المجتمع الذي يعيش فيه وانعكاس ذلك على هدم المجتمعات وتدميرها.
ونوّه المدهون إلى أهمية نشر الأمن والراحة والطمأنينة ودعم استقرار المجتمع وحماية أفراده من الأفكار الضالة والانحرافات الفكرية والسلوكية، مضيفًا: "تحقيق الأمن الفكري يتطلب جهودًا جماعية من مختلف المؤسسات التربوية والإعلامية والدينية؛ لاتخاذ تدابير وقائية وإجراءات تربوية تحمي أفراد المجتمع من الانحرافات الفكرية والنفسية، وتبعدهم عن السلوك العدواني المنحرف، وتجنبهم المؤثرات الفكرية الضالة".
وأوضح أن التربية الإعلامية تحقق الأمن الفكري، من خلال دورها في تمكين الأفراد للتعامل مع وسائل الإعلام والوعي بالأداء الإعلامي، وزيادة قدرتهم على التحليل الناقد للمحتوى الإعلامي المنشور؛ لتقييمه وتجنب تأثيراته السلبية، وكذلك تنمية مهارات حسن الانتقاء والاختيار الواعي لوسائل الإعلام والمحتوى الإعلامي المنشور؛ إلى جانب المشاركة في إنتاجه والتفاعل معه بصورة إيجابية وفعالة.
كما شدد على حاجة المجتمعات للتربية الإعلامية في مختلف المراحل الدراسية؛ لمنع الانحرافات الفكرية والتصدي لكل محاولات استهداف العقول وضرب استقرار المجتمعات، وأردف قائلاً: "تستطيع التربية الإعلامية أن تسهم في تعزيز الأمن الفكري، من خلال تكوين الشخصية السوية للإنسان وتأمين فكره من الانحراف والغلو والتطرف، وذلك عبر تزويده بالأفكار السليمة في شتى المجالات الدينية والثقافية والسياسية؛ لمواجهة الأفكار المنحرفة التي تتعارض مع الفكر الصحيح".
واقترح المدهون مرتكزات ودعائم أساسية للتربية الإعلامية من شأنها أن تحقق الأمن الفكري، أبرزها: تأصيل قيم المواطنة وتعزيز الانتماء للوطن والإخلاص له والحفاظ على أمنه، ترسيخ مبدأ الإحساس بالمسؤولية والرقابة الذاتية، وغرس الوعي الأمني وبيان أهمية التعاطي العقلاني والمتبصر مع المجريات والأحداث التي تتناولها وسائل الإعلام، ربط الأجيال بقضايا المجتمع ومشكلاته، إرساء ثقافة النقاش والحوار الهادف وإبداء الرأي والنقد البناء، ورفض التعصب بكافة أشكاله، وتعزيز مفاهيم الأمن والطمأنينة والاستقرار وإشاعة روح المحبة والإخاء والتعاون، وتنمية روح التسامح وقبول الآخر والانفتاح الآمن على الثقافات الأخرى.
وفي ختام اللقاء، طالب المدهون بضرورة التوعية بما يبث من انحرافات فكرية عبر وسائل الإعلام، وحماية الفكر من خلال التحذير من الإعلام المشبوه، والتوعية بأخطار الأفكار المغرضة والمضللة، والاستفادة من وسائل الإعلام في تأصيل الفكر السليم لأفراد المجتمع، وتعزيز مهاراتهم في التعامل الفعال مع الإعلام الرقمي، وتوظيفه بشكل إيجابي لخدمة قضايا المجتمع.