تشدد السلطات الأميركية إجراءات الأمن في واشنطن بصورة غير مسبوقة؛ استعدادا لتنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن الأربعاء المقبل، وسط مخاوف من هجمات لمتطرفين يمينيين، في حين يغادر الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب البيت الأبيض بمستوى شعبية هو الأدنى خلال 4 سنوات.
وقال مراسل الجزيرة ناصر الحسيني إن المشهد السائد حاليا في واشنطن بعد نحو 10 أيام من اقتحام الكونغرس من قبل مؤيدين لترامب ربما لم يره الأميركيون حتى خلال هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وأضاف أن العاصمة الأميركية تخضع لحصار أمني مشدد من الخارج والداخل، حيث تنتشر قوات الأمن بكثافة عند المداخل المؤدية إليها، وحول الكونغرس والمقرات الفدرالية الحساسة، مشيرا إلى انتشار آلاف من جنود الاحتياط وعناصر الحرس الوطني مع قوة نارية هائلة للتعامل مع أي حدث أمني قبل وخلال وبعد تنصيب بايدن.
وتابع مراسل الجزيرة أنه سيكون من الصعب على أيّ من المجموعات الاحتجاجية المؤيدة لترامب أو غيرها دخول واشنطن من خارجها، وفي حال كانت هناك مجموعات بالمدينة فلن تتمكن من التحرك إلا في حي واحد أو حيين.
وفي وقت سابق، أفاد مراسل الجزيرة بأن قائد الحرس الوطني في واشنطن أمر بتدريب عناصر حماية مراسم تنصيب الرئيس الأميركي الجديد على التعامل مع العبوات الناسفة.
وكانت السلطات الأميركية أكدت عقب انتهاء اقتحام الكونغرس العثور على متفجرات في محيط مقري اللجنة الوطنية للحزبين الجمهوري والديمقراطي.
هجمات محتملة
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس أنها وافقت على نشر 25 ألف جندي لتأمين حفل التنصيب، بالإضافة إلى نشر أفراد الحرس الوطني في جميع الولايات والعاصمة واشنطن.
وحذر مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" (FBI) من احتمال وجود عبوات ناسفة خلال المظاهرات المرتبطة بتنصيب بايدن.
ويأتي هذا التحذير في وقت تحاول فيه وكالات الأمن الأميركية رصد أي إشارات على تحضير جماعات يمينية متطرفة لهجمات خلال مراسم التنصيب.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في الاستخبارات ووكالات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة تخوفهم من صعوبة رصد محادثات مجموعات محلية متطرفة عبر منصات التواصل قبل أيام من التنصيب.
من جهته، أفاد موقع "بوليتيكو" (POLITICO) بأنه تم تأجيل التدريبات على المراسم من الأحد إلى الاثنين بسبب المخاوف الأمنية.
كما أفاد موقع "بلومبيرغ" (Bloomberg) بأن شركات الطيران الأميركية وسعت نطاقَ حظر حمْل المسافرين أسلحة نارية على متن طائراتها المتوجهة إلى منطقة واشنطن العاصمة قبل حفل تنصيب الرئيس.
ورغم التوترات والمخاوف من هجمات محتملة أثناء التنصيب، قال بايدن أمس إنه يشعر بالأمان.
وكان مايك بنس نائب الرئيس الأميركي تعهد بضمان الأمن خلال مراسم التنصيب.
وفي السياق، قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إنه يجب إجراء تدقيق أمني شامل مع اقتراب هذا الحدث، مشيرة إلى أنها طلبت من الجنرال المتقاعد راسل هونوري أن يشرف على مراجعة فورية للبنية التحتية الأمنية والعمليات المشتركة بين الوكالات والتحكم والسيطرة.
معلومات جديدة
في الأثناء، تتكشف المزيد من التفاصيل بشأن أحداث اقتحام الكونغرس التي أثارت صدمة في الولايات المتحدة والعالم.
وقال مراسل الجزيرة ناصر الحسيني إن المقتحمين بينهم عسكريون سابقون حاولوا الوصول إلى رئيسة مجلس النواب. وأضاف أن بنس كان على بعد 60 ثانية من التعرض للاعتداء أو الاختطاف.
من جهتها، قالت وكالة أسوشيتد برس إن 22 على الأقل ممن شاركوا في اقتحام الكونغرس تلقوا تدريبا عسكريا داخل الجيش الأميركي أو خارجه.
وفي السياق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خبراء أن مقاطع الفيديو والصور والاتصالات التي تم تحليلها توحي بمستوى مقلق من التحضير لاقتحام الكونغرس، والذي خلف قتلى ومصابين.
وفي وقت سابق، أفادت تقارير بأن بعض المقتحمين ربما خططوا لقتل أو اختطاف مشرعين داخل الكونغرس، لكن المدعي العام بالإنابة للعاصمة واشنطن قال إنه المحققين لم يتوصلوا بعد إلى أدلة تثبت ذلك.
وكانت أجهزة الأمن الأميركية اعتقلت عشرات الضالعين في عملية الاقتحام، وتوجه لبعضهم تهمة التمرد، في حين ذكرت وزارة العدل الأميركية أنه تم فتحُ 275 قضية جنائية في تلك الأحداث.
تحقيق ومحاكمة
في الأثناء، ذكرت شبكة "سي إن إن" (CNN) أن رئيسة مجلس النواب الأميركي سترسل مذكرة عزل ترامب إلى مجلس الشيوخ الأسبوع القادم.
وقالت بيلوسي -في مؤتمر صحفي مساء أمس- إنه إذا ثبت تورط أعضاء بالكونغرس في الأحداث الأخيرة فستتخذ إجراءات ضدهم.
وأضافت أن المسؤولين يقومون بالتحضير لمحاكمة ترامب التي ستنقل إلى مجلس الشيوخ، لكنها امتنعت عن تحديد موعد لنقل المحاكمة، وقالت إن ذلك سيعرف في الوقت المناسب.
شعبية ترامب
على صعيد آخر، أبدى 64% من الناخبين الأميركيين موقفا إيجابيا من الرئيس المنتخب جو بايدن وسلوكِه، وهو يستعد لدخول البيت الأبيض.
وأظهر استطلاع أجراه معهد "بيو" للأبحاث أن 58% من الأميركيين راضون عن العمل الذي قام به بايدن في شرح خططه وسياساته.
كما وافق 57% على الشخصيات التي اختارها الرئيس المنتخب لتقلّد المناصب الرفيعة في إدارته.
في المقابل، بيّن الاستطلاع أن الرئيس دونالد ترامب يغادر البيت الأبيض وهو يحظى بنسبة تأييد لا تتخطى 29%، وهي نسبة التأييد الأكثر انخفاضا له منذ توليه الرئاسة.
وتضاعفت نسبة مؤيدي ترامب الذين يصفون سلوكه بأنه سيء خلال الشهرين الماضيين، حيث ارتفعت من 10 إلى 20%.
وقال 68% من الذين استطلعت آراؤهم إنه ينبغي ألا يكون ترامب شخصية سياسية وطنية رئيسية للأعوام المقبلة.
وقال 52% إن ترامب يتحمل مسؤولية كبيرة عن العنف والتدمير اللذين أحدثهما مؤيدوه خلال أحداث اقتحام مبنى الكابيتول.
كما قال 54% إن من الأفضل أن تتم تنحية ترامب من منصبه، وأن يكمل نائبه مايك بنس الأيام المتبقية من فترته الرئاسية.
المصدر : الجزيرة + وكالات