قبل أيام توجهت السيدة بار البشيتي بصحبة عائلتها إلى محكمة الصلح في القدس لاستقبال ابنها آخر العنقود عبد الرحمن -16 عاما- بعد أسبوعين من اعتقاله، لكنهم صدموا حين أبلغوا بأنه سيبقى في زنازين 20 بالمسكوبية.
كانت العائلة جهزت صورا وملابس شتوية لاستقبال ابنهم عبد الرحمن لرفع معنوياته رغم أنه اعتاد على الاعتقال في سنه الصغير هذا، فهو بات يحفظ زنازين المسكوبية جيدا خاصة أنه تم اعتقاله 21 مرة.
تقول الأم "للرسالة": "توقعت حيروح لكن تفاجئت بالتأجيل، وضع ابني الصحي صعب فهو مصاب بالسكري ويتعرض داخل المسكوبية لإهمال مقصود".
وتصف الأم حالتها حين شاهدت ابنها على الشاشة بأنها فقدت اعصابها وراحت تصرخ، فملامحه تبدلت وبات وجهه وعيناه منفوخة، مرجعة ذلك إلى عدم حقنه بإبر الانسولين التي يحتاجها.
تعرض للاعتقال اكتر من 21 هذا الأصعب، يقبع في العزل الانفرادي، إلا أن ذلك لم ينل من عزيمته، كما يقول محاميه.
ورغم تردي الوضع الصحي للفتى "عبد الرحمن" والقهر الذي عاشه لعدم الافراج عنه، إلا أن محاميه لم يتوقع أن تكون معنوياته عالية، ويقول "حجج الاحتلال بعدم الافراج عنه بأن هناك ثلاثة إجراءات تحقيق لا بد من تنفيذها".
**** زنزانة انفرادية
من العادي أن تعيش في مدينة القدس ويتم اعتقالك، لكن غير العادي أن يكون بيتك داخل المسجد الأقصى وفي كل يوم يُقتحم، ويُعتقل أبناؤك وتتعرض لأبشع الانتهاكات غير الإنسانية على يد الاحتلال (الإسرائيلي) كما يحدث مع عائلة البشيتي.
تحكي والدة عبد الرحمن أنه يتم اقتحام بيتها بشكل شبه يومي، واعتادت على اعتقال زوجها وأولادها، لكن ما يزعج هو اقتحام كتيبة اليمار وهي الأقوى وتستخدم للتفتيش عن المخدرات، معتبرة في ذلك إهانة لعائلتها.
وعن التهمة الأخيرة التي وجهت لصغيرها عبد الرحمن عند اعتقاله، ذكرت أنهم ادعوا القاءه مفرقعات نارية على الجنود خلال أحداث شهدتها البلدة القديمة في 24 ديسمبر، مؤكدة في الوقت ذاته أن كاميرات المراقبة أظهرت أن ابنها لم يشارك بالمواجهات، لكنها اعتادت دوما تعرض أولادها لاستفزازات من جنود الاحتلال.
واقعة الاعتقال الأخيرة كانت في الرابع من الشهر الجاري، حين داهمت قوات إسرائيلية مدججة بالسلاح وبرفقة كلاب بوليسية، ليلا، منزل البشيتي في حي باب المجلس بالبلدة القديمة في القدس المحتلة.
ولم يكن الاعتقال أو الضرب فقط ما تعرض لها عبد الرحمن، فقد صدرت بحقه عدة قرارات إبعاد وحبس منزلي ودفع غرامات مالية، واليوم يعاني من العزل الانفرادي، وآلام المرض المزمن، وسط مخاوف كبيرة على حالته الصحية.
الاعتقال الأخير شكل صدمة كبيرة للفتى مما أدى لارتفاع منسوب السكر في الدم عنده، وقتها طلب من والدته كوبا من الماء، وسارعت بالاتصال بالإسعاف لنقله للمستشفى، لكن جنود الاحتلال منعوا اسعافه.
وسرعان ما حول الفتى عبد الرحمن إلى التحقيق داخل زنزانة انفرادية، فتدهور وضعه الصحي أكثر ووصل منسوب السكر إلى 650 حتى نقل لمستشفى هداسا عدة ساعات، وقتها حضرت والدته وكان وضعه سيئا، ومع ذلك بقي مقيد اليدين والقدمين وهو على السرير وسط حراسة أمنية مشددة.
15 ساعة متواصلة قضاها عبد الرحمن في التحقيق، فور نقله للمعتقل، رغم علامات الإعياء والتعب التي بدت واضحة على كافة أنحاء جسده.
ويتعرض البشيتي منذ 16 يومًا، إلى تحقيق مطول، وعمليات تنكيل وتعذيب وشبح داخل زنزانة انفرادية، وحرمان من الزيارة والنوم والدواء.