تشكل الانتخابات العامة المقرر أن تبدأ يوم 22 مايو المقبل فرصة طال انتظارها بالنسبة لتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح (تيار دحلان)، فقد انتظل دحلان طوال السنوات الماضية اللحظة التي سيقتنصها لإثبات وجوده وثقله في الساحة.
وتبدو الانتخابات فرصة لتيار الإصلاح الديمقراطي يستخدمها ورقة ضغط على حركة فتح للتراجع عن قرارات فصل النائب محمد دحلان وأتباعه، والدخول في قائمة موحدة لضمان تركيز أصوات الفتحاويين من كل التيارات، ما يسمح بدخول فتح بقوة في الانتخابات والخروج بأقل الخسائر الممكنة.
وفي حال رفض رئيس السلطة محمود عباس المصالحة مع دحلان وهو الوضع القائم حتى الآن وكل المؤشرات تقول إنه لا مصالحة بين الرجلين في الأفق، سيدفع التيار باتجاه خوض الانتخابات بقائمة خاصة به سيعمل على أن تكون وطنية متنوعة وستكون فرصتها كبيرة في المنافسة.
ورغم حالة الارتياح والترحيب بمرسوم الانتخابات فإن القلق يساور البعض من الخطوات التي سبقت إعلانه، ومنها إجراؤه لتعديلات جوهرية على قانوني السلطة القضائية والانتخابات العامة، لما تمثله هذه التعديلات من إقصاء محتمل لخصومه لخوض الانتخابات، تحديداً دحلان وتياره السياسي، من المشاركة فيها.
وعلى كل الأحوال قد يكون تيار دحلان الرابح الأكبر من الانتخابات القادمة داخل حركة فتح بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصل عليها، فهو من ناحية سيثبت حضوره وقوته في الساحة الفلسطينية، وسيشكل فوزه مدخلا قويا للعمل السياسي في الأراضي الفلسطينية.
يشار إلى أن المخيمات ذات الكثافة السكانية العالية في الضفة المحتلة الثقل الأكبر فيها لدحلان، وأبرزها: بلاطة في نابلس، والأمعري في رام الله والبيرة، وجنين، بالإضافة إلى أنصاره في غزة.
ويُعزّز هذا الثقل وجود شخصيات محورية لعبت دوراً سابقاً في "فتح" خلال الانتفاضات السابقة، ولم تُسجّل بحقها أي أحكام قضائية، ومنهم نواب أو قادة أمنيون أحيلوا إلى التقاعد.
ويبدو أن أبو مازن الذي يرى في خصمه دحلان خطر البديل الذي قد يفرض عليه قد أقر تعديلات على قانون الانتخابات فصلت على مقاس دحلان وتياره لتضع العديد من التحديات امامه.
التحديات القانونية قد تكون الأهم والأخطر أمام التيار فمن ناحية القانون فإنه لا يسمح لدحلان بالترشح بسبب الحكم القضائي الصادر بحقه بالسجن ثلاث سنوات لإدانته في عام 2016 باختلاس 16 مليون دولار.
وفي ذات السياق فإن القانون يشترط على مرشح في حال كان يعمل موظفا بالسلطة أن يرفق طلب ترشحه بكتاب الموافقة على استقالته وليس كما كان سابقاً كتاب استقالة فقط، وهو أمر قد يشكل فخا لبعض أتباع دحلان الراغبين في الترشح ويعملون موظفين حيث أن حكومة رام الله قد تمتنع عن منحهم كتاب الموافقة على الاستقالة لقطع الطريق عليهم للترشح.
كما أقرّ التعديل في المادة 68 من قانون الانتخابات بعنوان (مصادر تمويل الحملة الانتخابية)، بحظر أي مرشح أو قائمة انتخابية من المشاركة في الانتخابات بعد ثبوت الحصول على أموال لحملته الانتخابية من أي مصدر أجنبي أو خارجي غير فلسطيني بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا أيضا بند واضح أنه خصص لمحاولة منع تيار دحلان من الترشح للتشريعي والمجلس الوطني، وهو المعروف بدعم وتمويل دولة الامارات له.
عماد محسن، المتحدث الرسمي باسم تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يقوده دحلان قال في تصريحات صحفية إن تيار محمد دحلان عبّر عن موقفه الثابت منذ البداية بخوض الانتخابات في قائمة موحدة مع حركة فتح، "وفي حال رفض الرئيس ذلك، سنخوض الانتخابات بقائمة تضم قيادات التيار والعمل الوطني، وتتكون من شخصيات ذات كفاءة وطنية ومهنية وشبابية، كي تكون على قدر التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية التي عصفت بها في السنوات الأخيرة".
وأضاف "نحن جزء من المشهد الفلسطيني، ولا يمكن لأي طرف أن يقصينا أو يحرمنا من خوض هذا المسار الديمقراطي، لذلك فإن تيارنا سيشارك في كل الانتخابات، بما فيها الرئاسية، بالصيغة التي يراها ملائمة مع متطلبات الحالة الراهنة".
ومع إدراك دحلان بأن الشروط التي وضعها عباس ستحرمه من خوض الانتخابات الرئاسية، ولكن سيناريو دعمه لأحد المرشحين مثل القائد الأسير مروان البرغوثي للمنافسة على منصب الرئاسة هو الأقرب.