يُثير تعيين رئيس السلطة محمود عباس، لوزير الشؤون المدنية حسين الشيخ مسؤولا عن ملف المفاوضات؛ خلفا للراحل صائب عريقات، حالة من الغرابة في ظل تجاوزه لقوانين منظمة التحرير من جهة وتعثر مسار التسوية من جهة أخرى.
وذكرت مصادر فلسطينية قريبة من رئيس السلطة أن عباس كلّف عضو مركزية فتح حسين الشيخ باستلام ملف المفاوضات، ومنصب المنسقلدائرة شؤون المفاوضات.
وقالت المصادر إن التكليف جاء تأكيدا لممارسة عملية منذ فترة، حيث يقوم الشيخ بالاتصالات الخاصة بالمفاوضات، والتي بدأت بزيارة إلى موسكو التقى خلالها وزير الخارجية الروسي لافروف ونائبه بوغدانوف.
وبتسلّم الشيخ ملف المفاوضات خلفا للراحل صائب عريقات الذي أدار الملف منذ عام 1991 وحتى رحيله في نوفمبر 2020م، فإن رئيس السلطة يخالف قوانين المنظمة والتي تشترط أن يكون مسؤول هذا الملف فيها عضوا بالمنظمة ويتم تعيينه بإجماع الأعضاء.
ويبدو أن عباس بتعيينه للشخص الأكثر قربا من (إسرائيل) يحاول تحريك المياه الراكدة في ملف مفاوضات التسوية التي تعثرت منذ سنوات، فيما يرى الشيخ "عراّب التنسيق الأمني" الشخصية الأنسبلهذا المنصب.
مخالفة القانون
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن قرار تعيينعضو اللجنة المركزية بفتح حسين الشيخ إن كان صحيحا هو أمر مخالف للقوانين والقواعد كونه في الأساس ليس من اختصاص السلطة، وإنما منظمة التحرير التي لا يتمتع الشيخ بعضويتها.
ويوضح الصواف في حديثه لـ"الرسالة" أن التعيين مخالف لكل القواعد والأعراف المتبعة لدى المنظمة ولا يمكن لأحد أن يوافق على التفرد بالقرار الفلسطيني خاصة فيما يتعلق بالمنظمة، وهي مسألة خطيرة تحتاج لوقفة طويلة من فتح.
ويبين أن عدم الإعلان بشكل رسمي يبدو أنه يأتي كمحاولة لجس النبض وقياس رد فعل الشارع والفصائل الفلسطينية، وضمن استفراد عباس بالقرار والسلطات الفلسطينية التي يعتبرها ملكا له.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد أن هذا التعيين متوقع كون عباس لا يجد شخصا مناسبا لهذا المنصب غير الشيخ الذي يسعى إلى تحويل هذا الملف السياسي إلى أمني مدني وتفاوض مباشر مع الاحتلال من أجل البقاء.
ويقول العقاد في حديثه لـ"الرسالة" إنه لم يبق شيء سياسي ليتم التفاوض عليه وما يجري الآن هو تفاوض مع الاحتلال حول الامتيازات والمصالح الشخصية وبطاقات الـVIP لقيادات السلطة، وهو يأتي ضمن حالة التفرد بالقرار ومحاولة جمع الصلاحيات في يد شخص واحد.
ويشدد على أن تعيين الشيخ يأتي كمحاولة لإنقاذ مسار التسوية وإحيائه مجددا، ضمن مساعي التنسيق الأمني واللعب على الجانبين لمحاولة الحفاظ على بقاء السلطة أكبر قدر ممكن من الوقت.
ويشير العقاد إلى أن المنظمة أصبحت مقتصرة على شخص واحد وهو محمود عباس الذي يعتبر نفسه الوحيد فيها والذي يقرر ما يراه مناسبا، وبالتالي هي شكل من أشكال عقلية التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني.
ورحل عريقات بعد 3 سنوات من إجرائه عملية وصفت بالناجحة لزراعة رئة، لكن وضعه تدهور على نحو خطير مؤخرا إثر إصابته بفيروس كورونا، فيما كان الراحل يعد كبير المفاوضين الفلسطينيين والأرشيف الحي لملف التفاوض، بعد توليه ملف المفاوضات مع (إسرائيل) أواسط تسعينيات القرن الماضي.