لقد أصبح هدم المنازل وتشريد أهلها أحد أنواع الضغط على المقدسي لإجباره على المغادرة، وذلك الضغط الذي يكون مرهونا على الدوام بمكانة المقدسي ومدى قربه وارتباطه بالأقصى.
وهذا ما حدث لفادي العيساوي مسؤول الحراس في المسجد الأقصى، عندما أفاق اليوم على جرافات الاحتلال تهدم منزله، بحجة حاضرة على الدوام: البناء بدون تراخيص.
الاحتلال يمنع إعطاء التراخيص لأهالي القدس متعمدا، وحينما يباشرون ببناء بيوتهم يهدمها بحجة البناء دون تراخيص، أما إذا كان البيت يخص حارسا من حراس الأقصى أو سدنته، فالأمر يصبح مختلفا حتما، لأن الأقصى هو المستهدف هذه المرة.
ويخيرك المحتل، إما أن تهدم بيتك بيديك، وإما أن يرسل لك معاوله وجرافاته ثم يجبرك على دفع تكاليف الهدم التي تكون أضعافا مضاعفة!
لم تستطع عائلة عليان العيساوي هدم منزلها بنفسها، فشقاء العمر لا يهون على صاحبه، واكتفت بالبكاء فجرا إلى جانب الحجارة التي تساقطت بأدوات المحتل، وفرّغت البيت مما استطاعت إخراجه من قطع أثاث ومستلزمات شخصية فردتها في العراء البارد فجرا وجلس كل أفرادها يتأملون المشهد بصمت.
وقال العيساوي إنهم ابلغوا رسميا بنية البلدية هدم بيتهم اليوم رغم قرار تجميد الهدم في بلدة العيساوية ووجود بنايتهم ضمن الخارطة الجديدة للبلدة.
ويعقب العيساوي: لقد تلقيت تهديدا من أحد ضباط المخابرات، وخيروني بين عملي بالأقصى وهدم البيت، ورغم أن هناك عريضة ضد القرار ومحام لا زال موكلا بالاستئناف، ولكن الاحتلال الذي رفضت عرضه فورا قرر هدم البيت، لافتا إلى أن عمله في الأقصى هو السبب الأساسي للهدم.
من الجدير ذكره أن العيساوي اعتقل لمدة عام في وقت سابق وأبعد عن الأقصى لعدد من المرات، ويعتقد أن هذا الهدم يأتي ضمن الخطة الممنهجة للمحتل لملاحقة موظفي الأقصى التابعين للأوقاف.
بدوره، يقول المختص بقضايا القدس زياد بحيص: "المحتل يصنف ما سيفعله اليوم في خانة "الخدمات"، وسيرسل لعائلة عليان العيساوي لاحقاً فاتورة جرافاته ودورياته وكلابه البوليسية لأنهم رفضوا هدم بيتهم بأيديهم؛ فاضطرت بلديته العتيدة لتقديم هذه "الخدمات" لهم، وربما يقضون سنين من الزمن وهم يسددون أقساط تلك "الخدمات" الجليلة.
ويتساءل ابحيص: "فإلى متى يترك المحتل يتغول بكل تلك الوقاحة؟ وإلى متى نترك المرابطين والمدافعين عن الأقصى يدفعون ثمن رباطهم منفردين؟!
وتتعرض العيسوية إلى حملة انتهاكات ممنهجة من القمع والتنكيل، ويحرم الاحتلال أهاليها من التوسع العمراني في أراضيهم.
ويقول الكاتب راسم عبيدات تعليقا على الحملة التي ينهجها الاحتلال ضد أبناء العيساوية: "اقتحامات يومية ومداهمات وتفتيش وقمع وإذلال واعتقالات وإبعاد، ضمن سياسة الاحتلال واجهزة مخابراته لسان حالها يقول من لا يخضع بالقوة، يخضع بالمزيد منها.
1300 مواطن ما بين طفل وفتى وشاب جرى اعتقالهم من العيساوية خلال العام الماضي وبداية العام الحالي، وهو ما يدلل على أن جميع عوائل العيساوية تعرضوا للاعتقال، بالإضافة إلى أن خمسة عشر مواطنا فقدوا عيونهم نتيجة استخدام الاحتلال للرصاص الحي والمطاطي ضد المواطنين.
ويضيف عبيدات: "الهدف واضح: كسر إرادة أهالي العيساوية وتحطيم معنوياتهم لمنعهم من أن يشكلوا نموذجا مقدسياً يحتذى به في المقاومة الشعبية".
المختص بقضايا القدس محمد الجلاد لفت إلى أنه إذا كان صاحب المنزل من موظفي المسجد الأقصى فهو مستهدف من الاحتلال لتحقيق هدف استراتيجي وهو محاولة السيطرة الإدارية على المسجد الأقصى المبارك لذلك يسعى لكسر شوكة العاملين فيه.
ويرى الجلاد أن الاحتلال يريد كسر شوكة أهالي العيساوية لقربها من الأقصى، ولمواقفها المتعددة في حماية الأقصى، لذلك فقد أصبحت مصدر خوف للمحتل يسعى لتدميره.
ويؤكد المختص بقضايا القدس أن الاحتلال لا يرى أمامه إلا صمود المواطن المقدسي، ويسعى لكسر شوكته بالهدم والاعتقال والابعاد عن الأقصى. مؤكدا أنه على مدار الهبات الجماهيرية السابقة: هبة مصلى باب الرحمة أو باب الأسباط أو جريمة حرق أبو خضير، كان لأهالي العيساوية البصمة الأكبر في الحضور ومواجهة الاحتلال.
كما أن قرب العيساوية من الأقصى جعل كثيرا من المرابطين من العيساوية كما أن معظم الموظفين من هناك لذلك يسعى الاحتلال للتضييق عليها أكثر من خلال محاولة إبعاد أهالها عن الأقصى، كما يقول الجلاد.