قائمة الموقع

"شباك المطبخ".. طريق البشيتي لتجاوز قيود دخول الأقصى

2021-03-01T21:13:00+02:00
ارشيفية
الرسالة نت-مها شهوان

حين تعيش بعيدا عن المسجد الأقصى يفوتك الكثير من الروحانيات والتمتع بقدسية المكان، فهذه القبة الذهبية التي تعكس خيوط الشمس وقت الشروق، وهناك المصلون الذين يأتون من كل حدب وصوب متلهفين للصلاة في المسجد وباحاته.

تخيل أن تعيش داخل المسجد الأقصى، نعم تُعرف بين الناس أنك من ساكني المسجد، تستيقظ على صوت اذان الفجر دون منبه، ترى من شرفتك، حين تنتهي من صلاتك وتحتسي فنجان قهوتك، المصلين يجلسون في باحاته يتلون القران حتى شروق الشمس ومن ثم يتناولون الكعك المقدسي والفول والفلافل بالنكهة المميزة.

طقوس كثيرة وأجواء رائعة تحكيها المقدسية بنار البشيتي التي تسكن في بيت داخل المسجد الأقصى قبالة باب "المجلس، وهو واحد من سبعة أبواب للمسجد الأقصى في حائطه الغربي، وأنشأت أولى قواعده في العهد الأموي، ومن الأسماء التي أطلقت على الباب باب الوليد، وباب الناظر، ثم باب المجلس لوجود بناء قريب اتخذه المجلس الإسلامي في عشرينيات القرن الماضي مقرا له.

ويتميز الباب بكثرة عدد سكانه المحليين وكثرة الزوار الذين يسلكونه من خارج القدس نحو المسجد الأقصى.

سألت "الرسالة نت" البشيتي كيف يكون بيتها داخل الأقصى؟ فأوضحت أنه من البيوت القديمة المجاورة لبعضها ويسمون المكان "حوش" فكل واحد يضم أكثر من منزل والشبابيك تطل على باحات الأقصى مباشرة.

وتتابع: بيوتنا مقابل الأقصى مباشرة، وحين يقف جنود الاحتلال متعمدين عرقلتنا لمنعنا من دخول الأقصى من باب المجلس، أدخل وأفراد عائلتي عبر شباك المنزل المطل على المسجد بكل سهولة لنصلي ونتلو القرآن".

وتصف معيشتها في مكان حساس بالصعب والجميل على حد سواء، فالصعوبة تكمن حين يطرق جنود الاحتلال بابها في أي لحظة لاعتقال زوجها أو صغارها لمجرد أن استفزهم الجنود وحاولوا أن يردوا عليهم ولو بنظرة.

أما الجانب المفرح بمكان سكنها تقول عنه: "شعور البهجة عند رؤية قبة الصخرة وسماع اذان الأقصى والمصلين بمختلف جنسياتهم، ورغم أن تلك المشاهد اعتدنا عليها، لكن مع كل مرة تكون بنكهة مميزة وكأننا نرى ذلك لأول مرة"، متابعة: حب الناس ومساعدتهم يهون علينا منغصات الاحتلال.

وتحكي البشيتي عن أن أجمل الأيام التي تعيشها وجيرانها قرب الأقصى تكون في شهر رمضان، فالتفاصيل الصغيرة تبهجهم كرؤية المصلين والدعاء كثيرا، وتسعد وجيرانها بمساعدة المارين للصلاة سواء بتقديم الماء لهم أو فتح بيوتهم لمن يريد قضاء حاجته خاصة حين يأتون متعبين من أماكن بعيدة.

مناسبات كثيرة لها رونق خاص في الأقصى وفق البشيتي كذكرى المولد النبوي والاسراء والمعراج التي يحيها المقدسيون بالابتهالات والدعاء والروحانيات.

ومن المواقف التي تذكرها حين فتحت بيتها لوفد تركي جاء لزيارة الأقصى، وقتئذ كان الاحتلال يمنع دخول المقدسيين فامتنع الوفد عن الدخول تضامنا مع الفلسطينيين، لكن زوجها أدخلهم البيت لرؤية المسجد.

وتروي أن كل يوم في المسجد الأقصى جديد بالنسبة لها فتحب جميع الطقوس فيه خاصة الربيع والصيف فترة العصر حتى المغرب حين يجلس المصلون يستظلون بأشجار الأقصى ويلهو الصغار في الباحات، ومع جمال الشتاء في الأقصى إلا أنه يترك حسرة في قلب البشيتي خوفا على الأسرى المحرومين من التدفئة، تعقب: لا يهون علي أن أفرح وهناك من يعاني البرد.

*****يتلاشى الخوف

بنار البشيتي الضفاوية من رام الله تسكن المسجد الأقصى منذ زواجها أي قبل 21 عاما، حين تقدم لها المقدسي "محمد البشيتي" تغيرت حياتها رأسا على عقب ومع كل موقف صعب يمر عليهما يزداد تمسكها وحبها للقدس.

تؤكد أم هشام أن أولادها الثلاثة "هشام وحاتم وعبد الرحمن"، وصغيرتها "بيلسان" يزداد تعلقهم بالقدس والمسجد الأقصى خاصة مع كل اعتداء عليهم أو على المسجد، قائلة: أولادي متعلقون بالدار وبالأقصى بشكل كبير رغم أنه اعتقلوا كثيرا وضُربوا أكثر من الجنود".

اليوم تسكن البشيتي في منطقة شعفاط بالقدس بشكل طارئ بعد اعتقال ابنها الفتي عبد الرحمن ثم الافراج عنه، وأمر المحكمة ابعاده عن البيت دون تحديد المدة، مما اضطرها لاصطحاب عائلتها والاستئجار في تلك المنطقة لتكون قريبة من صغيرها، بينما ابنها البكر لايزال في سجون الاحتلال وينتظر محكمته منتصف الشهر المقبل.

تقول: "أردت أن أفرح بتخرج بكري من المدرسة لكن الاحتلال حرمني ذلك فتخرج من الثانوية العامة داخل السجن، حينها اشتريت له روب التخرج وبقيت انتظر خروجه ليرتديه لكن ذلك لم يحدث والتحق بالجامعة وسرعان ما اعتقل".

وتضيف: لا يوجد مبرر لاعتقال أولادي سوى سكنهم بجانب المسجد الأقصى، مؤكدة أن كل مرة يعتقل فيها أبناؤها يزدادون قوة ويتلاشى الخوف من قلوبهم، رغم الضرب والاعتقال وتلفيق التهم.

وعن الحياة الطبيعية للبيوت العتيقة التي تسكن "الحوش" خاصة في الافراح، تحكي البشيتي أن الاحتلال لا يسمح بإقامة السهرات، ومن يريد الاحتفال يستأجر قاعة بعيدة كون الاحتلال يخشى التجمعات، متمنية أن يدخل الفرح بيتها بعيدا عن الاحتلال.

ومن المواقف التي أحبت أن تنهي بها حديثها "للرسالة" حين سردت ما حدث معها كحال الكثير من المقدسيين الذين يحبون غزة أنها عانت كثيرا خلال الحرب الأخيرة 2014، وحين تزامن ذلك مع عيد الفطر صنعت الكعك ثم حمله زوجها وأصحابه ووزعوه على المصلين في الأقصى عن روح شهداء غزة.

وطيلة أيام الحرب بقيت تعاني الكثير حتى ذهبت إلى أخصائي نفسي كونها لم تتحمل ما يحدث في القطاع من قصف وتدمير وقتل للأبرياء، مع أنه لا أقارب لها في غزة لكنها ترتبط بقوة مع الغزيين.

اخبار ذات صلة