قائمة الموقع

كيف تتجسس واشنطن ولندن على الشرق الأوسط بالألياف البصرية؟

2021-03-04T23:25:00+02:00
صورة "أرشيفية"
لندن- الرسالة نت

نشر موقع "ميدل إيست آي"، تقريرا أعده بول كوكرين، أشار فيه إلى أن التوسع في استخدام شبكات الألياف البصرية "فايبر أوبتك" تحت المياه والتي تمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي سهلت على بريطانيا والولايات المتحدة عمليات جمع البيانات والتجسس على المنطقة.

وأوضح الصحفي الاستقصائي المتخصص بالرقابة منذ 1975 دانكن كامبل: "لا شك أنه وبالحس العام فالمنطقة بين بورت سعيد إلى عمان هي أعظم مناطق حركة الاتصالات وبالتالي التجسس وكل شيء عن الشرق الأوسط يمر منها باستثناء رابطة وحيدة عبر تركيا".

وتتجسس مجموعة “العيون الخمسة” وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزلندا على الشرق الأوسط منذ إنشاء الشبكة أثناء الحرب العالمية الثانية. واللاعبون الرئيسيون في هذه العملية هم وكالة الأمن القومي الأمريكية ومقرات الاتصال الحكومية البريطانية "جي سي أتش كيو" والتي استخدمت الأساليب المعروفة والسرية لجمع المعلومات.

ويعتبر الشرق الأوسط منطقة مهمة للتجسس لأسباب واضحة: لأهميته الاستراتيجية السياسية- الاقتصادية، النزاع العربي- الإسرائيلي والانقسامات السياسية بين حلفاء مجموعة العيون الخمسة وأعدائها من الجماعات المتشددة إلى سوريا وإيران.

وتمارس كل أشكال الرقابة من الجو إلى التنصت على الهواتف إلا أن أهمية المنطقة كرصيد استراتيجي للرقابة نابعة من شبكات الألياف البصرية الحالية.

ويقول آلان مولدين، مدير البحث في شركة الاتصالات بواشنطن "تيليجيوغرافي" إن "أهمية الشبكات لا يعرفها الشخص العادي، ويعتقدون أن الهواتف الذكية لا سلكية وتمر عبر الهواء ولكنهم لا يعرفون أن شبكاتها تمر عبر الكوابل/ الأسلاك".

وتعتمد وكالات التجسس على شبكات الألياف البصرية للتنصت وجمع بيانات ضخمة من المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية والدخول على مواقع الإنترنت والبيانات الوصفية، كما وتمر البيانات العسكرية والمالية الحكومية عبر هذه الكوابل. ويتم تحليل وغربلة البيانات هذه على يد المحللين بناء على 40.000 مدخل بحث تعتمدها كل من وكالة الأمن القومي الأمريكية و"جي سي أتش كيو" البريطانية مثل موضوعات، أرقام هواتف وعناوين إلكترونية حيث يتم النظر فيها عن قرب.

وبحسب التقرير، ينضم نظام شبكات الألياف البصرية إلى الدول الكبرى في العالم والتي تحمل نسبة 95 بالمئة من المكالمات الدولية وحركة البيانات.

ورغم أهمية الكوابل تحت المياه إلا أنها ليست محمية بدرجة كافية بناء على القانون الدولي، حسبما تقول أثينا كاراتزوجياني، الأكاديمية التي تبحث في أهمية الكوابل تحت المياه. مشيرة إلى أنه "ربما كانت المثال الأكثر تطرفا حول خصخصة الدول البنى التحتية والفشل في توسيع الحماية لها". وما بين البحر الأحمر وإيران لا توجد شبكة ألياف بصرية أرضية تقطع شبه الجزيرة العربية، وكل حركة الإنترنت القادمة من أوروبا إلى آسيا تمر إما عبر القوقاز وإيران مستخدمة بوابة أوروبا فارس السريعة أو الخطوط المزدحمة عبر مصر والبحر الأحمر.

وتعتبر مصر منطقة اختناق رئيسية تتعامل مع حركة الاتصالات القادمة من أوروبا إلى آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا والعكس. وتتعامل الكوابل التي تعبر إلى مصر بين البحر والمتوسط والبحر الأحمر ما بين 17-30 بالمئة من حركة الإنترنت العالمية أو ما بين 1.3- 2.-3 مليارات مستخدم.

وقال غاي زيبي، مؤسس شركة الأبحاث الجنوب أفريقية "خلام أنالتيكس"، إن الجغرافيا أدت إلى هذا الوضع "لا يمكنك بناء رابطة بين سوريا أو إيران بسبب النزاع والوضع السياسي. كما أن الحرب في اليمن تستبعد رابطة أرضية أخرى، ولهذا تسير الكوابل في طريق مختلف".

وأضاف: "هناك مناطق قليلة استراتيجية، والبحر الأحمر واحد منها وفي السياق الأفريقي جيبوتي".

والتقرير يشير إلى أن شبكات الكابل التي تسير تحت الماء ثم تقوم بالعبور عبر البر في مصر هي الاستثناء لا القاعدة، فالكوابل تحت المياه تعتبر الخيار الأفضل لأنها أكثر أمنا، وتكون عرضة للمخاطر عندما تكون فوق الأرض.

ويقول زيبي: "من الصعب الغطس تحت البحر وتدمير الكوابل"، وتتعرض الكوابل التي تمر عبر مصر من خلال قناة السويس لمخاطر التخريب إما بسبب المياه الضحلة أو التدخل الإنساني.

وتقول كاراتزوجياني: "في 2013 قام ثلاثة غطاسين وبمعاول يدوية بقطع الكابل الذي يربط مصر مع أوروبا مما خفض من قدرة الإنترنت في مصر بنسبة 60 بالمئة".

ولا يعطي مرور الكوابل من مصر الحرية للدولة المصرية للتجسس نيابة عن مجموعة العيون الخمسة، رغم ما يضعه عبد الفتاح السيسي وابنه محمود مدير المخابرات العامة على عملية الرقابة الجماعية للمصريين.

ويرى كامبل أن "المصريين في وضع جيد (للحصول على بيانات من الكوابل) ولكن لا يمكن الثقة بهم ولا يعتبرون شريكا مستقرا. وليست المكان الذي تريد أن تضع فيه جهاز رقابة متقدما". ورغم أهمية مصر إلا أنها ليست من شبكة العيون الخمسة الواسعة. فهذه تتحالف في مجال التشارك بالمعلومات مع بعض الدول الأوروبية واليابان وكوريا الجنوبية وذلك للتنصت على البيانات من الصين وروسيا.

ولدى وكالة الأمن القومي الأمريكية علاقات مع السويد لأنها نقطة هبوط كل الاتصالات القادمة من منطقة البلطيق الروسية. وبالمقارنة لدى الولايات المتحدة علاقات رسمية وإن بشكل متدن مع دول شرق أوسطية مثل مصر والأردن والسعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة و"إسرائيل".

ويقول هيو مايلز، مؤسس "اراب دايجست": "لدى المصريين علاقات تشارك استخباراتي مع الولايات المتحدة، ولكنها ضعيفة لأن الهدف منها مالي (من مشغلي الكوابل) وبعض التشارك في الاستخبارات والتي تأتي في المعظم من الجانب الأمريكي".

وتستطيع العيون الخمسة مراقبة الكوابل في مصر أو مياهها الإقليمية لكن الوثائق التي سربها إدوارد سنودين في 2013 أشارت إلى قاعدة وكالة الأمن القومي الأمريكية السرية في الشرق الأوسط المعروفة بـ "دانسينغ أوايسسس". وقال كامبل: "وهي سرية جدا، وتم إنشاؤها بدون معرفة الدولة المضيفة لها وتحمل مخاطر حقيقية لأمريكا". و"أين تقع أمر محله التخمين، والدول المرشحة هي الأردن، السعودية ومصر. ومن الناحية الجغرافية فيمكن أن تكون عمان والبحرين في الخليج".

ويمر الكابل الذي يربط أوروبا بأفريقيا وآسيا عبر مصر ومرورا بالبحر الأحمر حتى باب المندب بين اليمن وجيبوتي، والخط المتجه نحو الشرق يميل نحو عمان. ويوجد لجي أسي أتش كيو البريطانية قاعدة تنصت في السيب غرب مسقط واسمها "سيركيت"، وهي قريبة من الكوابل التي تمر تحت الماء وكلها تصل إلى سيب ومسقط حسب كامبل. وأضاف أن أفضل طريقة لمراقبة حركة الإنترنت بين عمان وأوروبا هي من خلال نقاط تنصت في البحر.

وكشفت تسريبات سنودين أن عمليات التنصت تحت البحر تقوم بها فقط غواصة جيمي كارتر. وقال كامبل "هناك قدر عال من الشك حول قيام الأمريكيين أو دول أخرى باستخدام الغواصات من أجل التنصت على الكوابل".

ويقول كامبل إن "إسرائيل" لديها قدرات تكنولوجية يمكنها التنصت على الكوابل تحت الماء ولكنها ليست مرتبطة حاليا بشبكات الشرق الأوسط. ولا يوجد كوابل أبعد من الكوابل التي تصل إلى تل أبيب وحيفا والمرتبطة بأوروبا وقبرص. وقد يتغير هذا لو حققت غوغل مشروعها "بلو- رامان" الذي يبدأ من أوروبا إلى الهند عبر الأردن وعمان وإسرائيل والسعودية. وتم تقسيم الخط إلى قسمين، الأول "بلو" يبدأ من إيطاليا إلى ميناء العقبة الأردني. والثاني، رامان يبدأ من الميناء الأردني إلى مومباي.

وقال كامبل: "ولأن الخط هو لغوغل فهم يعرفون كيفية تأمين الكوابل من البداية للنهاية. وعليهم الأخذ في خطتهم نقاطا على اليابسة أو قرب تل أبيب وسيأخذون بالحسبان قيام إسرائيل بنسخ البيانات في نقاط الوصول وعليهم تشفير البيانات ضد هذا. ولا يعني ألا يحول الإسرائيليون مسار البيانات ويحاولون الحصول على ما يستطيعون منها". ولا يعرف متى سيتم مشروع بلو- رامان نظرا لاعتماده على التطبيع بين الاحتلال والسعودية.

اخبار ذات صلة