يسعى الاحتلال الإسرائيلي لتغيير معالم المدينة المقدسة ليبدو المشهد "تلموديا توراتيا" وليس عربيا إسلاميا، وذلك من خلال استهداف المسجد الأقصى وتطويقه بالحدائق التوراتية التي تعد من أخطر المشاريع التهويدية على القدس.
في السنوات الأخيرة، ارتفعت وتيرة انشاء الحدائق التوراتية بهدف تزوير التاريخ والجغرافيا في المدينة المقدسة، ومحو الآثار الفلسطينية، وتغيير طابعها التاريخي، لأجل إحكام السيطرة على أهم المناطق الاستراتيجية بالمدينة.
وقبل يومين اقتحمت طواقم سلطة الآثار الإسرائيلية وبلدية الاحتلال "كرم المفتي" – منزل أمين الحسيني مفتي القدس السابق- وشرعت بأعمال تمهيدية لإنشاء حدائق توراتية على أرضه، بحجة البحث عن آثار في المكان.
منذ وقت قريب، عمدت سلطات الاحتلال وجمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية إلى تحويل قصر بيت المفتي لكنيس يهودي، واليوم بشكل فعلي تعمل على انشاء الحدائق التوراتية لتخدم المستوطنين.
ويعتبر إنشاء الحدائق التوراتية من أهم الأدوات التي سيطر الاحتلال من خلالها على مساحات واسعة من مدينة القدس، حيث اختيرت بعناية لتشكل سلسلة متصلة لتطويق المناطق المهمة والتي طعمت فيما بعد بالمستوطنات الإسرائيلية.
ومنذ احتلال الشق الشرقي لمدينة القدس في العام 1967 حرصت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على السيطرة على الأرض والمكان والفضاء في إطار ما يعرف بمخططات تهويد المدينة المقدسة، ولم تدخر هذه السلطات أي وسيلة للوصول إلى هذا الهدف والذي وضع له عام 2020 كإطار زمني على حد أقصى ضمن ما عرف بمخطط القدس الكبرى 2020.
وفي العام 1967، صادرت سلطات الاحتلال أراضي "كرم المفتي"، البالغ مساحتها 3 آلاف و345 دونمًا في تلك الفترة، وأصبحت حاليًا 32 دونمًا.
ومع بدايات احتلال شرقي القدس، وتحديداً عام 1970، انطلقت فكرة الحدائق، لكن حدتها تصاعدت في السنوات الأخيرة، وتركزت في المحيط الملاصق للمسجد الأقصى وسور القدس التاريخي، وحول البلدة القديمة والمناطق المطلة عليها من الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية.
وتنتشر الحدائق التوراتية في مدينة القدس المحتلة بشكل مكثف، ويجري بين الحين والآخر توسيعها وتعديل مساحاتها على حساب المساحة المتبقية للمقدسيين أصحاب الأرض الأصليين، ومن تلك الحدائق، التلمودية المحيطة بالقدس القديمة (1100 دونم)، والحديقة التلمودية وادي الصوانة (170 دونم)، والحديقة التلمودية السفوح الشمالية الشرقية لجبل المشارف-العيسوية/الطور (730 دونما)، و'حديقة الملك' التلمودية – حي البستان/وسط سلوان (50 دونما)، وحديقة جبل الزيتون (470 دونما)
حديقة ‘شمعون هتصديق'- الشيخ جراح (120 دونما)، وحديقة ‘باب الساهرة'- (40 دونما).
وتجدر الإشارة إلى أن الحدائق التوراتية المزمع انشاؤها ستقام على مساحة 2 دونم و300 متر مربع من إجمالي المساحة الكلية لكرم المفتي والبالغة 32 دونمًا، والتي سيتم مصادرتها لتنفيذ المشروع التهويدي عليها، كما سيتم وصلها مع الحدائق المقامة في جبل الزيتون وحي الصوانة وبلدة سلوان، لإيجاد حزام من الحدائق التوراتية في محيط المسجد الأقصى المبارك.
وستتضمن تلك الحدائق مسارات تلمودية ويافطات إرشادية وتعليمية، وسلاسل حجرية قديمة جدًا كُتب عليها "أنها كانت منطقة يعيش فيها يهود من حقبة الهيكل الأول أو الثاني".