الرسالة نت – رائد أبو جراد
ينتظر الحاج أبو طارق رجب شروق شمس العاشر من ذي الحجة للتوجه إلى "المسلخ البلدي" بغزة بعد أدائه صلاة العيد في العراء، كما هي العادة في منطقتهم وامتثالاً لسنة النبي "صلى الله عليه وسلم".
واشترك الحاج رجب في العقد الخامس من عمره مع عدد من إخوانه وجيرانه في شراء الأضحية التي ارتفع ثمنها في أسواق المواشي بقطاع غزة هذا العام بشكل كبير مسجلة أعلى قفزات ماراثونية، يؤكد لـ"الرسالة نت" أنه رغم الظروف المادية الصعبة إلا أنه مصر على النحر تقرباً إلى الله.
كبش الفداء
وبعد صعود حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفات الطاهر، يقوم كل قادر من المسلمين بتقديم الأضاحي بكل أنواعها كل حسب مقدرته المالية، لكن الأضحية باتت عبئاً اقتصادياً يشغل بال معيل العائلة، وبين مطرقة فرض الأضحية وسندان غلاء أسعارها تكمن معضلة الغزيين خلال عيد الأضحى المبارك.
ويقول المواطن أبو طارق لـ "الرسالة نت" :"رغم الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي لهذا العام وجدت لدي قدرة كافية رغم الضائقة المالية لأشارك إخوتي وجيراني حصة في أضحية طمعاً في الثواب العظيم والأجر الكبير وامتثالاً لسنة النبي وسنة سيدنا إبراهيم"، مشيراً إلى اعتياده على التضحية في كل عام.
وبين أنه جهز وأسرته كافة الأمور المتعلقة بالأضاحي ابتداءً من الذبح وانتهاءً بتوزيع اللحوم على الفقراء والمحتاجين والجيران والأقارب.
وألقى ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام بظلاله على نسبة المضحين في قطاع غزة، وتزامن ذلك مع زيادة تردي الأوضاع الاقتصادية، وكانت أسعار الأضاحي ارتفعت هذا العام بشكل مطرد وزاد سعر كبش الفداء المتوافق مع شروط الأضحية قرابة المائة دينار عن العام الماضي.
فيما ارتفع سعر الحصة الواحدة في ذبائح "العجول والبقر" ليتراوح بين 1900 و 2200 شيكل ما يعني زيادة في سعر الأضاحي في كلا النوعين الأغنام والبقر بنحو 400 شيكل عن العام الماضي.
ولم يختلف حال أبو أحمد في العقد الرابع من عمره عن سالفه بقوله :"تعودت في كل عام على شراء الأضحية وذبحها بعد الانتهاء من صلاة العيد أمام منزلي بمساعدة أبنائي ومن ثم التجهيز لتوزيع اللحوم على العائلات الفقيرة والمستورة وهي كثيرةً في بلادنا".
وأشار أبو أحمد إلى شروعه بالنحر في كل عام بعد تهيأه لأداء صلاة العيد، وقال :"إن زوجته تنتظر موسم الأضاحي لعمل العديد من الطبخات والأطعمة الشعبية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من اللحوم".
فقه الأضحية
فقه الأضحية وأحكامها كان سؤال "الرسالة نت" للدكتور ماهر السوسي أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية بغزة والذي أوضح أن للأضحية شرطان رئيسان ينبغي توفرهما قبل الشروع في النحر وهما يتعلقان بسن الأضحية وسلامتها من العيوب.
ويؤكد السوسي أن كثير من الناس يعتقدون أن الأمر يتعلق بالوزن لا بالسن، معللاً الخطأ في ذلك بقوله :"هناك لغط في هذا الأمر يظهر جهل الناس وترويج بائعو العجول والمواشي بفتاوي خاطئة".
وأضاف أستاذ الفقه :"الأضحية هي قربة لله تعالى وإذا أردنا أن نتقرب لله فعلينا التقرب إليه بشئ طيب لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ويجب أن تكون الأضحية سالمةً، مستشهداً بقول الله تعالى "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم".
وأشار السوسي إلى أن البقر والمعز يجب أن يكون سنها سنتان ودخلت في السنة الثالثة وبالنسبة للبهيمة الطعن يجب أن يكون سنه سنة ثالثة أو سقطت مقدمة أسنانه فإنه يجزأ ذبح الأضحية، داعياً المواطنين المقبلين على التضحية لتجنب العيوب الموجودة في المواشي.
وبين أن وقت الأضحية يبتدأ من يوم طلوع شمس العاشر من ذي الحجة وينتهي بغروب شمس آخر أيام العيد، وأضاف :"بمجرد أن يبدأ دم الأضحية بالسيلان فإن الله يغفر ذنوب المضحي لقول النبي
وتابع السوسي:"هناك أناس يتسابقون على أيهم يذبح أولاً"، واصفاً ذلك الأمر بالعجلة والخطأ الكبير واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء".
مراحل الذبح
وتمر عملية الذبح بعدة مراحل تبدأ بالكشف علي البهائم ومن ثم السلخ والتقطيع كما يتم مراعاة راحة الحيوان المذبوح عند الذبح والتي تؤدي إلي سرعة خروج الدم الذي يكون بيئة غنية لنمو البكتيريا مما يؤدي إلي نضوج اللحوم عند الطهي كما أن تفكيك الألياف بعد الذبح يحافظ علي لون اللحم الوردي ويمنع فسادها.
وفي غزة جرت الاستعدادات كل عام لاستقبال الأضاحي وذبحها في الأماكن المخصصة لها بعد الكشف الطبي عنها، وقد أعلن المسلخ البلدي الحديث التابع لبلدية غزة جهوزيته الكاملة لاستقبال الأضاحي غداً الثلاثاء.
وفي هذا الصدد، دعا مسلخ البلدية المواطنين وأصحاب محلات الجزارة لذبح الأضاحي داخل المسلخ البلدي لتوفر الأطباء البيطريين أصحاب الخبرات والفنيين المتخصصين و الوقاية السليمة والفحوصات الطبية لتلك الذبائح.
ويستوعب المسلخ البلدي أعداد كبيرة من الأضاحي ويعمل حسب أحدث النظم البيطرية والفنية ضمن قيام طواقمه بعمل الصيانة الدورية اللازمة للمعدات.
وتصل الطاقة الإنتاجية للمذبح إلي 150 رأس من الأبقار و300راس من الضان والماعز في فترة العمل الواحدة، لكنها تتضاعف في أيام عيد الأضحى المبارك.