بدأت قائمات فلسطينية تتقدّم للترشح إلى الانتخابات التشريعية في أيار/مايو المقبل. ومع انتهاء الحوار الفلسطينيّ الفلسطينيّ في القاهرة، زادت التكهّنات حول توافق بين "حماس" و"فتح" وفصائل أخرى لتشكيل قائمة مشتركة، ما أثار ردود فعل مختلفة في أوساط الشّارع الفلسطينيّ عبّرت عنها وسائل التواصل الاجتماعي، فهل تتجه "حماس" و"فتح" للاتفاق على تشكيل قائمة واحدة بمفردهما أو بمشاركة فصائل أخرى؟
لدى الحركتين عوامل تدفعهما إلى التّفكير في المضي قدماً في تشكيل قائمة وطنية مشتركة، فحركة "فتح" تنهشها الانقسامات الداخلية، وبيئتها التنظيمية مشتّتة بين عدة تيارات، أبرز شخوصها الرئيس أبو مازن والأسير مروان البرغوثي وناصر القدوة ومحمد دحلان، القيادي المفصول منها، والذي سيستنزف جزءاً من قاعدتها لمصلحته في الانتخابات، ولا سيّما في قطاع غزة.
ويعدّ جبريل الرجوب، عضو لجنة "فتح" المركزية ورئيس وفدها للحوار مع "حماس"، أحد أشد المتحمّسين لخيار القائمة المشتركة، وأكثر من يخشى خسارة "فتح" بسبب انقساماتها الداخليّة. وقد نجح في إقناع أبو مازن بصواب رأيه، رغم معارضة شخصيات بارزة قريبة من الرئيس، من مثل عزام الأحمد وحسين الشيخ وماجد فرج الدين.
ما زال الرئيس أبو مازن متمسّكاً بموقع الرئاسة، وهو يدرك صعوبة فوزه في حال دعمت "حماس" مرشحاً منافساً، ويسعى من خلال بوابة التوافق معها في انتخابات المجلس التشريعي إلى استكمال مسار التوافقات، بما يضمن له كرسي الرئاسة.
تدرك "حماس" التحدّيات التي تواجه حركة "فتح" في مسار الانتخابات، ولديها جملة أهداف تسعى إلى تحقيقها من بوابة ترشيح قائمة وطنية تضمّ الحركتين وفصائل أخرى وازنة، أبرزها ضمان استكمال المسار الانتخابي، لينتهي بدخولها المجلس الوطني الفلسطيني، وإتاحة المجال لها للعمل التنظيمي في الضفة الغربية، وإنهاء عقوبات السلطة على قطاع غزة، وهي أهداف دفعتها بالمجمل إلى الذهاب إلى مسار الانتخابات، وتسعى لتحقيقها عبر انتخابات تنافسية أو توافقية، ولكنها تدرك أن نافذة الفرص من خلال القائمة الوطنية أوسع من القائمة الحمساوية.
المرجعية السياسية للقائمة المشتركة لا تشكّل عائقاً، باعتبار أن وثيقة الوفاق الوطني في العام 2006 ومخرجات مؤتمر الأمناء العامين للفصائل في تشرين الأول/أكتوبر 2020، تمثل الحد الأدنى المشترك لبرنامج الفصائل عموماً.
رغم الفرص المتاحة أمام خيار القائمة الوطنية، فإنَّ التحديات كبيرة، ولعلَّ أبرزها عدم قدرة "فتح" على معالجة التصدعات التنظيمية، وضغوط العدوّ على الرئيس لعدم التحالف مع "حماس"، ومعارضة قواعد الحركتين.
خيارات حركة "حماس" تبدو مريحة أكثر من "فتح"، فهي تقبل المشاركة مع قائمة تشمل الأخيرة وفصائل وطنية وازنة، ولكنها ترفض قائمة تضمّ الحركتين فقط. وفي حال تعذر تشكيل قائمة وطنيّة تشمل حركة "فتح"، فستعمل على تشكيل قائمة مع فصائل وطنية مختلفة ومستقلين أو الذهاب بقائمة حمساوية خالصة.