قائد الطوفان قائد الطوفان

المحرر الشرحة: مصلحة السجون تؤذي الأشبال

الاسير المحرر أسيد الشرحة
الاسير المحرر أسيد الشرحة

غزة- محمد بلّور- الرسالة نت

 

في تاريخ مهنته كصائغ يعد السبت الماضي لغسان الشرحة أغلى من ثمن جرام الذهب الصاعد هذه الأيام إلى القمة .

الشهور والأسابيع كانت على رب الأسرة ثقيلة بوزن صخرة ضخمة هوت على أحاسيسه الغضة ولوعته الدافئة فكبلتها.

يبدو السيد غسان الشرحة من دورا الخليل متهللا مع زبائنه منذ أفرجت قوات الاحتلال عن ابنه البكر أسيد. لقد صقل الإفراج عنه من خبرته في استقبال طلاب المعدن الثمين .

 

داخل الحرم الإبراهيمي

 

الطريق إلى الحرم الإبراهيمي قبل عامين انتهى باعتقال الطفولة خلف القضبان , حتى صحبة الطريق حطت رحالها في معتقل الأشبال بسجن "هشارون" .

وكانت طفولة أسيد الثائرة وهو في الخامسة عشر من عمره دفعته لمحاولة تنفيذ عملية طعن بسكين خبأها هو وصديقه تامر دودين يوم12-11-2007 لكن خطتهم الصغيرة كشفت قبل أوانها ورحلت بهم إلى أقبية المعتقلات .

يتحدث أسيد الشرحة (18 عاما) عن بداية اعتقاله فيقول: "ذهبت وصديقي للحرم الإبراهيمي فلم نجد أحدا ثم خرجنا وبعد فترة عدنا فوجدنا ضابطا إسرائيليا. شك بوجودنا فأجبرنا على الوقوف قرب جدار وأجرى اتصالا لاسلكيا ثم استجوبنا " .

البحث عن الصيد انتهى بالطفلين داخل القفص فقام الضابط الإسرائيلي بإجبارهم على خلع ملابسهما فظهر السكين من تحت ملابس أحدهما وعندها انطلق 15 جنديا هاجموا الطفلين وضربوهما بشدة فكسرت ضلوع تامر .

 

معتقل الأشبال

 

مراعاة لطفولتهم ومطالبهم الطرية تتعمد إدارة معتقلات الأشبال إيذاء الأسرى الأطفال !! غابة المعتقل هناك محاطة بالوحوش البشرية .

عن معاناة الأشبال يضيف أسيد: سجنت في هشارون قسم الأشبال وهناك العقاب كثير وينفردون بنا لأننا صغار ويتعمد السجانون الاحتكاك بالأشبال لافتعال مشكلة وفرض عقاب.

مبررات العقاب تبدأ عادة عندما يتعمد السجانون تأخير الطعام وفتح الأقفال أو عندما يفاجأ الأطفال بسيل من الشتائم يغمرهم دون مبرر سابق فيصل الاستفزاز لعقاب قاس.

يكرر الجنود مقطعا مؤلما للأطفال عقب الاحتكاك المتعمد. يهجم عشرات الجنود على الضحية ويسحبونه من حجرته وينهالون عليه بالضرب ثم يقيدون يديه ورجليه ويرمونه في زنزانة انفرادية فيحرموه من استخدام الحمام ويقللوا وجبات طعامه وأحيانا يفرضوا عليه غرامة أو ينقلوه لمعتقل آخر .

ويضيف: "إن حاولنا التدخل للدفاع عن أي شبل يهجموا علينا وينهالوا بالضرب بالهراوات ويطلقوا الغاز ثم يخرجونا مقيدين ويلقونا تحت الشمس لساعات طويلة" .

وكانت إدارة المعتقلات نقلت مؤخرا معظم أشبال "هشارون" لمعتقل "ريمونيم"  فيما تمكث نسبة بسيطة منهم في معتقلات "مجدو والدامون" .

 

"أبو شهاب"

 

عندما يستذكر أسيد تجربته الاعتقالية تتصاعد خفقات قلبه تأثرا بذلك اليوم حين أتت أمه لزيارته بعد عام من منعها رؤيته فيضيف:"لم أكن رأيتها من عام فأتت هي وشقيقي الصغير حاولت أن اكلمها في الممر قبل أن تصل للمكان الذي أحدثها فيه عبر الهاتف فهاجمني الجندي وعاقبوني واعتقلوا أمي وأخي وألقوا بهم في زنزانة" .

وتعرض الشرحة لموقف مماثل حين حاول الحديث مع أمه في ذات المكان فتطور الموقف لمشكلة مع نائب مدير المعتقل ويضيف: "يومها هددني الجندي بإدخالي الزنزانة إن حاول الشباب التضامن معي فأدخلونا الزنزانة وهاجمنا 25 جنديا حشروا أنفسهم مرة واحدة في زنزانتنا وجاءوا بمدير المعتقل فقال لي: راح تعملي أبو شهاب ثم بدؤوا بالشتائم وضربونا ووضعوني بزنزانة مقيدا ثم رحلوني إلى معتقل عوفر" .

 

شاليط في عوفر

 

المجتمع مختلف في معتقل عوفر فوجود معتقلين من الوزن الثقيل وطنيا يعطي جوا خاصا للماكث والقادم للمعتقل .

هناك التقى الشرحة بالنائب عزام سلهب ونزار رمضان ونايف الرجوب مضيفا:"نزار رمضان مريض ويأخذ أنواع كثيرة من العلاج والشيخ الرجوب رأيته مرة في المحكمة وعشت في عوفر أجواء خاصة واستفدت منها فالكل هناك متماسك ومتضامن" .

صعد سهم معنويات الأسرى يوم تحرير الأسيرات الفلسطينيات قبل أسبوعين للقمة كانت مناسبة تستحق الاحتفال وتنظيم أمسية حاضر فيها الشيخ نزار رمضان وأبو نعمان سلهب , آخرون تبرعوا بتمثيل مسرحية عن الجندي الأسير "شاليط" في فصول المسرحية يظهر أهل الجندي وقد جاؤوا لزيارته .

 

حاجز بيتونيا

انتهت 4 شهور في معتقل عوفر يصفها أسيد بالمفيدة وبأنها تجربة من نوع خاص , ولمن عاش هذه الأجواء يدرك مذاق الفرحة حين تختلط بمرارة الفراق وعيون المودعين ترقبك من خلف الأسلاك .

 

يقول أسيد: "لا أستطيع أن أصف ذلك كنت فرحان وزعلان لأني تركت خلفي شباب كثير وفرحتي ناقصة حزنت لفراقهم كانت علاقتنا أخوة جيدة جدا وحياة تعاون ولا أنسى أميرنا إبراهيم التلاحمة المعتقل بحكم إداري" .

شقت عربة السجن طريقها من عوفر إلى حاجز بيتونيا في 15 دقيقة وعند بوابة الحاجز أجرى جندي درزي حوارا مصطنعا مع أسيد فقال:"تكلم معي الجندي وقال انسى السجن ولا تتدخل في أحد وخليك في شغلك ودير بالك على حالك" .

على الحاجز هذا بالذات يتكرر المشهد بصورة أسبوعية نفس المشهد باختلاف الشخصية أباء وأمهات زوجات أو أقارب يعانقون معتقل حريته طازجة .

ويصف أسيد تجربته الاعتقالية رغم قسوتها بالمفيدة حيث تعلم رغم صغر سنه كثيرا من المعتقلين وصقلت شخصيته في المعتقل .

ويقلب أسيد هذه الأيام خياره بين أمرين هل يعود لاستكمال دراسته التي انقطع عنها خلال الاعتقال لأكثر من عامين أم يشق طريقه فيبدأ العمل في محل والده لتجارة الذهب ,ذلك الذهب الذي يعلم أنه لن يكون يوما أغلى من رفقة إخوته في معتقل عوفر .

 

 

 

 

 

البث المباشر