شهدت اللحظات الأخيرة قبيل اغلاق باب الترشح أمام القوائم الانتخاببة حالة ارباك كبيرة في المشهد الفتحاوي.
وقبل انتهاء الموعد المحدد للتسجيل بساعتين توجه وفد فتح لتسجيل قائمتهم بعدما حملت عملية تشكيلها الكثير من الصراع والخلافات بين أقطاب وكوادر حركة فتح.
الأزمة ما قبل تشكيل القائمة أخدت منحا خطيرا حيث أثارت الآلية التي جرى بها تشكيل قائمة فتح غضب عارم في شتى المحافظات، خاصة أن عددا منها لم تحظ بمرشح في الأسماء المتقدمة في قائمة فتح وبعضها تم استثناؤه تماماً مثل قباطية وجباليا والوسطى.
الأزمة لم تنته بعد تسجيل القائمة بعدما أعلن أكثر من عشرة مرشحين انسحابهم من القائمة خلال الليل، احتجاجا على ترتيبهم في القائمة وعلى الآليات التي تمت بها عملية اعتمادها.
أبرز المنسحبين الأستاذ في جامعة الأزهر بغزة، رياض الأسطل، حيث انسحب "احتجاجا على الاختيار اللامسؤول الذي تجاهل حجم الناخبين في خان يونس، كما تجاهل رأي القاعدة الجماهيرية، ورأي التقارير المرفوعة، السلوك الذي لا يمثل روح حركة فتح"، حسب قوله.
حالة الغضب والانقسام أكبر من أن تحاول فتح اخفائها أو التقليل من شأنها، فقد شهد عدد من المحافظات مظاهرات واطلاق نار واحتجاجات، عدا عن عدد من البيانات الصحفية التي أصدرتها عدة أقاليم تابعة للحركة.
الضربة الكبيرة التي توجهت لفتح الممثلة بلجنتها المركزية كانت تحالف القيادي الأسير مروان البرغوثي مع القيادي المفصول من فتح ناصر القدوة ليشكل هذا التحالف في اللحظات الأخيرة التحدي الأبرز لفتح عباس خلال الانتخابات المقبلة.
ويختبر تحالف البرغوثي والقدوة قدرة عباس على السيطرة على حركة فتح منذ أن ترأسها عام 2005، خاصة ان تحالفهما لا يمكن لقيادة فتح أن ترفضه بسهولة، ولديهم مخزون عميق جدا من الشرعية في الحزب ويمثلون تحديا كبيرا لسيطرة عباس على السلطة فيه.
وكان رئيس السلطة محمود عباس قد أعلن عن نيته اجراء انتخابات فلسطيينة عامة وأصدر المرسوم في 15 يناير المنصرم على أمل أن تفضي هذه الانتخابات إلى مصالحة مع حماس وانهاء حالة الانقسام القاسية التي تعاني منها الساحة الفلسطينية، وكان يخشى ان يخسر أمام حماس كما خسرت حركته في انتخابات 2006.
لكن ما لم يكن بالحسبان أن صراع عباس الاشرس جاء من داخل البيت الفتحاوي، بتمرد عدد كبير من القيادات والكوادر الذين تجاهلهم لسنوات طويلة ولم يسمح لهم بالحديث أو الانتقاد، طوال 16 عاما، تحت اطار لا صوت يعلو فوق صوت الرئيس.
الرئيس ومن حوله ظنوا أنهم تمكنوا من الهيمنة على القرار في فتح، وأن عناصر وكوادر الحركة سينصاعوا للتعليمات كما في السابق، لكن يبدو ان الانتخابات شكلت الفرصة النادرة لكل الفتحاويين الغاضبين لمحاسبة عباس ومن حوله، على سنوات من الاقصاء والهيمنة والتفرد.
المشهد المتفجر داخل فتح هو نتاج سياسة عباس التي دمرت فتح، عبر الاقصاء والتفرد عدا عن العقوبات التي شنها الرئيس ضد فتح غزة، والتي تشكل كتلة تصويتية كبيرة لا يمكن أن تنجح فتح دونها.
هذه الكتلة المهمشة منذ سنوات ومن دفعت ثمن الانقسام وخسارة فتح أمام حماس، ستحاسب عباس اليوم أمام الصندوق، وجزء كبير منهم سيلجأ للقيادي المفصول محمد دحلان، حيث من المتوقع أن يحصد عددا كبيرا من كتلة فتح التصويتية في غزة.
وعقب تحالف البرغوثي والقدوة ستخسر فتح المزيد من أصوات ناخبيها لصالح هذه القائمة التي يرى فيها البعض البديل الفتحاوي الأنسب.
انسحابات بالجملة وأزمة طاحنة داخل فتح
غزة- الرسالة نت