ما هي خيارات عباس أمام انشقاقات "فتح"؟

محمود عباس
محمود عباس

الرسالة نت - محمد عطا الله

يزيد تزاحم القوائم الانتخابية والتصدعات داخل جدران حركة فتح، من التحديات أمام رئيس السلطة محمود عباس؛ كونها تضعف نسبة قائمة الحركة التي انشقت إلى عدة قوائم مختلفة ستنافس في الانتخابات وهو ما يقلل من حظوظ تقدمها تحت قبة البرلمان.

هذه التعقيدات من شأنها أن تدفع رئيس السلطة إلى البحث عن خيارات؛ قد تشكل طوق نجاة بالنسبة له وتنزله عن الشجرة التي تسلقها، من خلال الهروب باتجاه تأجيل الانتخابات تحت ذرائع مختلفة، لا سيما على وقع تشعب الخلاف داخل حركته.

ومن خلال هذا التوجه يكون قد تخلّص عباس من كابوس الانتخابات وتدافع القوائم التي ستشتت أصوات حركته، إلى جانب أنه سيكسب الرضى الإسرائيلي والإقليمي الذي حذره مرارا من عقد الانتخابات في الوضع الراهن؛ خشية من فوز حركة حماس.

وكان قياديان في حركة فتح أكدا أن عباس يتعرض لضغوط إسرائيلية وعربية لإلغاء الانتخابات العامة المقرر أن تنطلق تباعا خلال شهرين، فيما قال عضو اللجنة المركزية لفتح صبري صيدم إن التهديدات التي تستهدف الانتخابات الفلسطينية أصبحت مباشرة.

وانعكس هذا التخبط داخل حركة فتح على تأخير تسجيل الحركة لقائمتها لدى لجنة الانتخابات المركزية حتى الساعة الأخيرة من إغلاق باب التسجيل، فيما تتضارب الأنباء حول عدد القوائم التي ستخوض الانتخابات باسم حركة فتح.

وتقدم أنصار القيادي المفصول من فتح محمد دحلان بقائمة مستقلة، فيما توحد القيادي المفصول ناصر القدوة في قائمة واحدة مع القيادي الفتحاوي الأسير في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي، إلى جانب العديد من قوائم المستقلين الأخرى.

ومن المفترض أن تجري انتخابات المجلس التشريعي في 22 أيار المقبل، والانتخابات الرئاسية في 31 تموز، على أن تستكمل المرحلة الثالثة الخاصة بالمجلس الوطني الفلسطيني.

وتعد نتائج انتخابات التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس يوم 31 أغسطس.

انقسام وتشظي

ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن الحالة التي عليها حركة فتح من انقسامات وتشظٍ ستدفع عباس وفريقه إلى تأجيل الانتخابات كون أن الظروف تشير إلى أن قائمة "فتح عباس" لن تحظى بأغلبية.

ويوضح الصواف في حديثه لـ"الرسالة" أن أبو مازن قد يدفع للتأجيل من خلال عدة أسباب أبرزها التذرع بانتشار فايروس كورونا في الأراضي الفلسطينية، أو من خلال حجة أن الاحتلال لا يريد إجراء الانتخابات في مدينة القدس وهي ذريعة باتت مكشوفة لدى الجميع.

ويشدد على أن الذهاب للتأجيل يجب أن يجابه بموقف واضح ورافض من الكل الفلسطيني، خاصة وأن المضي في الانتخابات بات ضرورة وطنية مُلحة.

ويبين الصواف أن مواقف حركة حماس لم تترك لعباس أي ذريعة لاتهامها بتعطيل الانتخابات، وسيجد الطريق الأسهل هو الهروب نحو التأجيل.

وعن مدى قبول الدول الأوروبية بتأجيل استحقاق الانتخابات، يلفت الصواف إلى أن عباس سيذهب إلى إقناعهم بالتأجيل من أجل لملمة حركة فتح وحتى لا تفوز حركة حماس بنصيب الأسد، وهو ما تخشاه الجهات الأوروبية.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن الواقع الفتحاوي العباسي يسير من سيئ إلى أسوأ، وأن فرضية الخسارة المروعة له حتمية إن أقدم على المنافسة وهو في هذه الحالة المتشظية والمتناحرة والمتعارضة تنظيمياً.

ويضيف محيسن في مقال له أن الأمر لم يعد متوقفا على الخلاف العباسي الدحلاني، أو مع "البرغوثي" أو "القدوة، والذين تم فصلهم من التنظيم بحجج مختلفة، ولكن بات الخلاف ممتدا إلى الأقاليم والمناطق التنظيمية المختلفة سواء في الضفة أو القطاع، أو السجون، حيث يجري الآن نوع من الصراعات التي تتخذ أشكالاً متعددة كإصدار البيانات والتظاهرات وإطلاق الاتهامات والشتائم إلى حد إطلاق النار والتهديد والإرهاب.

ويشير محيسن إلى أن احتمالات التأجيل قائمة لبقاء أسبابها والمتمثلة في الحالة التنظيمية المزرية التي بات عليها تنظيم "فتح محمود عباس"، ولن يكون أبو مازن في مأمن من الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على عملية التأجيل أو الإلغاء.

في نهاية المطاف، فإن الأيام القليلة المقبلة ستكشف ما ستؤول إليه الأمور، فإما الاستمرار نحو انجاز الاستحقاق الديمقراطي، أو العودة إلى المربع الأول من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.

البث المباشر