لحق الإعلان عن تشكيل قائمة حركة التحرير الوطني فتح، حالة من الفلتان الأمني في مخيمات الضفة المحتلة، وعادت ظاهرة السلاح وإطلاق النار للمشهد من جديد في الشوارع وداخل المخيمات.
وبعد الإعلان عن الأسماء التي شملتها القائمة الرسمية لحركة "فتح" للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في مايو المقبل، خرج مسلحون في مخيم جنين وقباطية واليامون وبلدات في الخطين الغربي والجنوبي؛ احتجاجًا على تهميش مناطقهم في القائمة، وصاحب تلك الاحتجاجات إطلاق نار كثيف ترافق مع قراءة بيان حذّر من تهميش المنطقة التنظيمية ومرشحها.
وفي مدينة القدس أطلق عناصر من حركة "فتـح" في مخيم قلنديا وسميراميس وكفر عقب الرصاص بشكل كثيف أثناء توزيعهم بيانات تطالب قيادة الحركة باختيار قيادات وزانة وعليها إجماع من المنطقة ضمن القائمة المرشّحة للانتخابات.
ويمكن القول إن تصاعد حالات الفلتان وإطلاق النار يأتي في الوقت الذي تغض أجهزة أمن السلطة الطرف عن انتشار السلاح في أيدي عناصر يتبعون لفتح ويستغلون مكانتهم التنظيمية في المخيمات، فيما لا تكف تلك الأجهزة عن ملاحقة ومصادرة أي سلاح للمقاومة في الضفة.
فوضى وفلتان
حالة الفوضى تلك لم تقف على الصراع الانتخابي داخل "فتح" وحسب؛ بل امتدت لمدينة نابلس حيث أظهر مقطع فيديو عشرات العناصر المسلحة وهي تطلق النار بشكل عشوائي وكثيف أثناء استقبال طلعت صايل مدير أمن جامعة النجاح بعد شفائه من فايروس كورونا وخروجه من المشفى، في ظل غياب واضح لأجهزة أمن السلطة.
إزاء ذلك، حذّر ضبّاط في جيش الاحتلال من حالة الفلتان في الضفة، حيث يَسعى طرف في السلطة إلى إظهار سيطرته وقوته، في وقت لا تتدخّل فيه الأجهزة الأمنية، وهو ما يُظهر تآكل مكانة السلطة.
ولفت هؤلاء الضباط إلى أن الجيش رفع حالة التأهُّب، وأنه يُجري الاستعدادات لحشد قوات أخرى قبيل الانتخابات «تحسُّباً لهجمات فلسطينية»، مشيرين إلى أنه في حال قرَّر عباس إلغاء الانتخابات بذريعة انتشار فيروس «كورونا» أو بسبب تدخُّل من الاحتلال، فإن هذا قد يؤدي إلى موجة تصعيد في أنحاء الضفة.
مرحلة صراع
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، أن المتتبع للمشهد الفتحاوي يدرك أن "فتح" تعيش مرحلة صراعات لم تمر فيها الحركة من قبل.
ويوضح الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أنه حتى على المستوى السياسي تعيش "فتح" أزمة داخلية انعكست على سلوك الأفراد والمجموعات المسلحة المحسوبة عليها، والتي عبرت عن حالة غضب ورفض لكل القرارات والخيارات التي ذهب إليها عباس، وهو مؤشر يدلل على عمق الأزمة المستفحلة وحالة الانشقاق والتصدع داخل الحركة.
ويبين أن ما يجري نتيجة متوقعة من شخصيات فتحاوية تحركها المصالح فقط، متوقعا أن نشهد نماذج مماثلة لإطلاق النار في ظل حالة الفصل لقيادات بارزة ألقت بظلالها على كل مفاصل الحركة.
ويشدد الغريب على أن استخدام السلاح مؤشر خطر، خاصة أن الفصائل وقعت على ميثاق شرف يجرّم استخدامه في الخلافات الداخلية، وهو مشهد له تداعيات وخيمة على الحالة الفلسطينية.
ويشير إلى أن استمرار حالة الفوضى والفلتان قد يلقى بظلاله على العملية الانتخابية وخاصة أن عوامل التأجيل باتت اليوم واضحة ويعززها تصاعد الخلاف الفتحاوي أكثر فأكثر.
وفي النهاية فإن حالة الفلتان وفوضى السلاح التي شكلت حالة عامة خلال اليومين الماضيين بمخيمات ومناطق الضفة والقدس تنذر بكارثة من شأنها أن تهدد حالة السلم المجتمعي وقد تضر بنزاهة وشفافية العملية الانتخابية وتصل لحد تعطيل إجرائها في بعض المناطق، وهو ما يستوجب التدخل الفوري لوقف هذه الحالة.