يُقال إن ريادة الأعمال ترتكز على الابتكار، ولكن إذا كنت تدير مشروعك الصغير الخاص لفترة من الوقت، فليس من الغريب أن تشعر بأنك عالق في نفس المكان.
وتقول الكاتبة بيا سيلفا -في تقرير نشرته مجلة "فوربس"(forbes) الأميركية- إن التعب والإرهاق هما من المشاكل المستمرة في هذا النوع من العمل، ومن السهل جدا أن تفقد شرارة الابتكار التي كانت دافعك ذات مرة، والخبر السار هو أنه -مثل أي مهارة أخرى- يمكن تعلم الابتكار، وقد يستغرق الأمر قليلا من الممارسة، ولكن يمكنك تعزيز طريقة تفكيرك أو استعادة القدرات الإبداعية التي تشعر أنك تفتقر إليها مؤخرا.
ابتعد عن المعتاد
غالبا ما تكون العظمة نتاج اتباع طريق مخالف للوضع الراهن في مجال عملك، خذ خطوة إلى الوراء وانظر إلى الممارسات القياسية والحكمة التقليدية التي يتبناها العاملون في نفس مجالك.
وصحيح أن الحكمة التقليدية عادة ما تكون ذات قيمة لسبب وجيه، بيد أنها -في كثير من الأحيان- قد تكون عالقة في تصور شكل السوق قبل 20 أو 30 عاما، فالزمن يتغير والتكنولوجيا تتطور، وهذا يعني أن توقعات العملاء يمكن أن تتغير بدورها بشكل كبير، ويمكن أن يؤدي هذا بسهولة إلى وضعية لم تعد فيها الحكمة التقليدية -التي كانت ناجحة إلى حد كبير في الماضي- توفر النتائج التي تحتاجها حاليا.
ولذلك ابحث عن أوجه القصور في الوضع الراهن، وابتكر شيئا مختلفا، وإن احتمال الفشل -من خلال التعارض مع أفضل الممارسات المقبولة في مجالك- يظل قائما، ولكن الانتصارات التي تحققها هي التي ستؤدي إلى ابتكار واسع النطاق.
تقبل الشعور بعدم الارتياح
إن الرغبة في التوافق متأصلة فينا بسنّ مبكرة، وتكمن المشكلة في أن هذه الرغبة -إلى جانب تجنب المواقف غير المريحة- يمكن أن تمنعنا من محاولة الابتكار لاحقا في الحياة.
ويدرك رواد الأعمال الناجحون والمبتكرون أنه يتعين عليهم تحمل الشعور بعدم الراحة من خلال التشكيك في كل شيء وتعلم أشياء جديدة، والأهم من ذلك أنك تحتاج إلى القيام بالأمور بشكل مختلف عن ذي قبل، ومع أن هذه الإجراءات قد تكون غير مريحة أو صعبة، فإنها تؤدي في النهاية إلى النمو الشخصي الذي يحفز الابتكار.
ولعل ذلك ما أكده بن كوفاليس -الشريك المؤسس لـ "آرت إيه آي" (Art AI)، وهي شركة ناشئة فريدة من نوعها تبتكر الفن حصريا باستخدام تكنولوجيا الكمبيوتر- بقوله لقد "كان أول ما أدركناه عند دخولنا عالم الشركات الناشئة أنه إذا لم نبحث عن الأفكار الأكثر إثارة والفريدة من نوعها، فسوف يتفوق علينا شخص آخر".
ويضيف "هذا يعني أنه كان علينا تحدي أنفسنا باستمرار لجعل فكرتنا ومنتجنا أفضل، ويتطلب هذا أحيانا طرح أسئلة صعبة حول أعمالنا، ما إذا كنا حقا على الطريق الصحيح، وإن التشكيك بما فعلناه في الماضي يتطلب تحولا كبيرا في العقلية، ولكنه أيضا ساعدنا في جذب العملاء والمستثمرين".
وكذلك تكشف تعليقات كوفاليس أن إجراء تقييم داخلي لممارسات عملك قد يكون غير مريح، لكن هذا يجبرك أيضا على توسيع نطاق تفكيرك من خلال مواجهة نقاط ضعفك بشكل مباشر وتحديد الفرص التي يمكن أن تأتي من التغيير المبتكر، وقد يجعلك البحث عن عدم الراحة في الواقع أكثر راحة مع الابتكار.
استمع للمبتدئين
رغم أن الأعوام الطويلة في العمل هي بالتأكيد قوة في حد ذاتها، فإن هذا قد يجعلنا منغلقين أحيانا أمام الأفكار الجديدة، ويمكن أن تدفعنا تجاربنا الخاصة إلى فرض قيود على ما نعتقد أنه ممكن أو مربح.
وهل تعلم من هم الذين لا يملكون نفس التصور للحدود؟ إنهم المبتدئون في المجال، أولئك الشباب المتحمسون الذين تخرجوا للتو من الكلية، والذين يبحثون عن وظيفة جديدة يمكنهم من خلالها إحداث تأثير على العالم.
وعندما يدخل المبتدئون مجال العمل، فإنهم يجلبون معهم أيضا طرقا جديدة لحل المشكلات، وقد لا يعرفون كل شيء، لكن هذا يمكن أن يكون في الواقع نقطة قوة رئيسية، فتفكيرهم ليس مقيدا بالحدود التي يفرضها عليهم القدامى في الصناعة أحيانا دون وعي.
وبالتأكيد لن تكون كل فكرة يقدمونها ناجحة، لكن خذ أفكارهم على محمل الجد وعاملهم باحترام، وستتعلم منهم، فقد يكون الاقتراح غير المألوف هو ما تحتاجه لبدء فكرتك العظيمة التالية.
دعونا نبتكر الابتكار
مثل أي مهارة أخرى، لكي تصبح رائد أعمال أكثر ابتكارا يتطلب ذلك جهودا متسقة ومتضافرة، ولكن عندما تنفتح بنشاط على الأفكار ووجهات النظر الجديدة -بدلا من الالتزام بالمعايير الآمنة المجربة في مجال عملك- ستندهش مما قد تكتشفه، ومن خلال احتضان الابتكار واتخاذ خطوات جريئة في عملك ستكون في طريقك لإعادة تشكيل صناعتك.
المصدر : الصحافة الأميركية