فتح تناقض نفسها باختيارها شعار العاصفة لقائمتها الانتخابية!

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت- محمد عطا الله

على وهم الماضي، مازالت تعيش حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" بعد عقود من تركها الكفاح العسكري المُسلح، وسيرها في مسار التسوية والانتقال كما تقول إلى المقاومة الشعبية السلمية.

تُناقض "أم الجماهير" نفسها في اختيارها شعار العاصفة والذي يحمل وسما للبندقية كرمزا لقائمتها الانتخابية، في ظل اكتفائها بغصن الزيتون.

ويمكن القول إن المتتبع لمسيرة "فتح" يدرك تماما، أن ثمة فرقا جوهريا طرأ على مسار الحركة التي تصف نفسها أنها صاحبة الطلقة الأولى، والعمل العسكري الذي بدأته في الأول من يناير/كانون الثاني 1965، بعد أن باتت اليوم لا تجد طريقا سوى المفاوضات.

ورغم انطلاق الحركة بروح ثورية نضالية لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، إلا أن دخولها وحل التسوية والمفاوضات مع الاحتلال حمّلها أوزارا لا طاقة لها بها، وحوّلها من حزب يقود سلطة إلى حزب يعيش على السلطة.

وأعلنت الحركة تأسيسها للسلطة الفلسطينية، بعيدا عن العمل المُسلّح، فانتقلت من خطابات وبيانات العهد والوفاء للشهداء والأسرى والشعب الفلسطيني وقضاياه الثابتة، إلى الاستجداء بالمفاوضات وتقديس التنسيق الأمني وحماية أمن المستوطنين.

وكان رئيس حركة فتح محمود عباس أعلن في مايو من العام 2014 خلال لقائه وفدا من الشبيبة الإسرائيلية بأن التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال الإسرائيلي "مقدّس" وسيستمر فيه سواء اختلف أو اتفق مع الحكومة الإسرائيلية.

مفارقات كبيرة في تاريخ حركة "أم النضال الوطني" التي انحدرت كسرعة البرق وتبنت خيارا واحدا كان يصفه مؤسسها صلاح خلف "أبو إياد" بعبارته الشهيرة متسائلا: مين الحمار اللي بوقف سلاحه وبرميه وبروح يفاوض؟

وحتى بعد الإعلان عن قائمتها الانتخابية التي تحمل شعار العاصفة بيومين، فإن الحركة لا تتورع عن اثبات الولاء في تمسكها بخيار التسوية والتنسيق الأمني المقدّس، فتسارع أجهزتها الأمنية إلى تسليم مجموعة من المستوطنين الذين دخلوا دوار التحرير في مدينة الخليل المحتلة لجيش الاحتلال.

وتصر أجهزة السلطة التي كانت بنادقها موجهة في ثمانينات القرن الماضي نحو الاحتلال ومستوطنيه، على ممارسة دور "الحارس" لهم، في تناقض كبير وواضح لمسيرة الحركة وتاريخها عبر السنوات الماضية.

وفي الوقت الذي تجد فيه تلك الأجهزة نفسها ملزمة بإعادة أي (إسرائيلي) يدخل إلى مناطق حكمها بالضفة والمصنفة (أ) ودون أي مقابل، فإن الأجهزة ذاتها تلتزم مقراتها وتغلق الأبواب على نفسها فور اقتحام جيب (إسرائيلي) واحد لأي مكان في الضفة الغربية المحتلة.

ويقدّر عدد الجنود والمستوطنين (الإسرائيليين) الذين أعادتهم أجهزة أمن السلطة إلى الاحتلال (الإسرائيلي) آمنين سالمين بعد دخولهم إلى الضفة منذ عام 2007 وحتى بداية العام 2019 قرابة الـ 300 جندي ومستوطن، يضاف إليهم العشرات خلال العامين الماضيين.

خداع ونفاق

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن حركة فتح بهذا الأسلوب تظن أن المواطن يجهل ما وصلت إليه من تخلٍ عن المقاومة، إلى الحد الذي وصل بها أن يصف رئيسها عباس المقاومة بـ "الإرهاب".

ويوضح الصواف في حديثه لـ"الرسالة نت" أن فتح تحاول من خلال الشعار الذي يحمل البندقية خداع الناس بأنها لازالت تؤمن بالمقاومة، مشددا على أن هذا الخداع لا يمكن أن يمر على المواطنين.

انفصام سياسي

ويرى الكاتب عماد زقوت أن اختيار قائمة فتح-عباس لشعار العاصفة، يعبر عن حالة الانفصام السياسي والتزوير الكفاحي، متسائلا: "كيف لقائمة انتخابية مرجعتيها محمود عباس الذي يرفض كل أشكال العمل المسلح الكفاحي ولطالما أكد أنه يعيش تحت بساطير الاحتلال والتنسيق بالنسبة له مقدس! حمل شعار العاصفة".

ويؤكد زقوت في منشور له على أن هناك خللا في البنية الفكرية لحركة فتح- عباس "بل قل إنه لا يوجد أي نوع من أنواع المبادئ الوطنية وأن هذا النهج تعبير واضح عن حالة التزوير الوطني الذي نعيشه في ظلال أبو مازن".

ويشير إلى أن قائمة فتح- عباس تستغل مؤسسات السلطة الرسمية وعلى رأسها مقر المقاطعة، فاجتماعات لجنتها المركزية تتم في مقر المقاطعة واختيار قائمتها الانتخابية كان في المقاطعة.

البث المباشر