هكذا يقرر الجندي الإسرائيلي على الحاجز أن يتسلى، فيقتل! وكأن أرواحنا أصبحت لعبة في الضفة الغربية، لا قتل أسهل من قتلنا على مشانق الحواجز التي شرذمت أراضي الضفة وأرعبت أهلها.
كان الشهيد أسامة منصور وزوجته في خروج عادي، ربما كان للتسوق، أو لزيارة أصدقاء، لم يكن في حسبانهم ألا يعودوا معا لأن جنديا قرر أن يفرقهما.
تقول زوجته: "كنا عائدين وكان جيب الجيش على الحاجز، طلبوا منا الوقوف وإطفاء محرك السيارة، وبعد سؤال عادي عن طريق سيرنا ووجهتنا، سمحوا لنا بالمرور، وحينما تحركت السيارة بدأ الرصاص يلاحقنا من كل صوب".
تكمل زوجته في ملامح مكلومة: "بدأت السيارة تترنح، وسقط زوجي في حجري، وأنا حاولت أن أقود السيارة بكل سرعتي وأطلق بوقها بشكل متكرر، والعتمة تلف المكان، حتى وصلت إلى شبان على الطريق ساعدوني في الوصول الى مستشفى الكرمل، وكان زوجي قد استشهد".
ويقول شهود عيان في رواية القصة أنه، بحدود الساعة الثالثة فجرا، انتشر جنود الاحتلال على الطريق بالقرب من بيت نبالا غرب القدس المحتلة، وفي الطريق الذي تلتقي فيه ثماني بلدات مقدسية متجاورة شقت سيارة الشهيد طريقها عائدة إلى المنزل، حينما أطلق الجنود النار صوبها.
وفي بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الانسان أكد فيه الرواية قائلا: "عند الساعة 2:45 فجراً تقريبا، أوقفت قوات الاحتلال مركبة المواطن أسامة محمد صندوقة منصور، 42 عاماً، وفحصت بطاقة هويته وهوية زوجته سمية عزت عبد النبي الكسواني، 36 عاماً، من سكان بلدة بدو.
وحسب البيان سمحت قوات الاحتلال للمركبة بالمرور، وعقب ابتعادها عن الحاجز نحو 50 متراً، فتح جنود الاحتلال النار باتجاهها، ما أدى إلى إصابة سائق المركبة بعدة أعيرة نارية، من بينها رصاصة فجرت أسفل رأسه، وأصيبت زوجته بشظايا الرصاص في ظهرها".
أسامة منصور شاب في الخامسة والأربعين، وأب لخمسة أطفال، له أربعة أخوة هو أكبرهم، ووالداه المسنان مصابان بفيروس كورونا، ويعالجان في مستشفى هوغو تشافيز في رام الله.
لم يحصل منصور حتى على حقه من المعرفة لماذا قتل! وأمه تنظر إلى جثمانه وتتساءل: "ماذا فعل ابني، لماذا لم يخبروه، أو يسألوه، هكذا قتل على الطريق بدون أن يسعفه أحد، لهذه الدرجة دم ابني رخيص" ؟
وهكذا شيعت الضفة شهيد الطريق من قرية بدّو شمال غرب القدس المحتلة، في ظل غضب كبير عبر عنه أهالي الضفة خلال التشييع، مطالبين بالثأر.
وبعد صلاة الجنازة، انطلق موكب تشييع جثمان الشهيد، الذي تم لفّه بالعلم الفلسطيني، إلى مقبرة بلدة بيت دقو، مخترقاً شوارعها الرئيسية، حيث ووري الثرى، وأقيم تأبين على قبره، ندد فيه المتحدثون بجريمة الاحتلال، ووصفوها بأنها "إعدام بدم بارد".
وتنتشر عشرات الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، تقسمها إلى كانتونات للقتل، تتصيد الموت للمواطنين الفلسطينيين لمجرد الشبهة أو حتى لمجرد التسلية.