قرب الباب الشرقي لمدخل الحرم الابراهيمي في الخليل، يصطف العشرات من المواطنين أمام بوابة التكية الابراهيمية لنيل حصتهم من شوربة الجريشة الساخنة، ليس لفقرهم فحسب بل لأخذ البركة منها فهم يعتبرونها ارث سيدنا إبراهيم عليه السلام المعروف بكرمه.
التكية ليست حديثة العهد فقد تجاوز عمرها الــ 1128 سنة، فهي تأسست زمن صلاح الدين الأيوبي لخدمة المسلمين الذين كانوا يأتون معه لفتح بيت المقدس، وكانت تسمى "بالرباط أو الطبلانية" لأن العاملون كانوا يطبلون عند تجهيز الطعام فيأتي الفقراء لأخذ نصيبهم من الطعام.
وكانت التكية عبارة عن 20 غرفة وفرن للخبز واصطبل للخيول، ويعد فيها 15 ألف رغيفا من الخبز، وفي عام 1963 هدمتها الحكومة الأردنية لتوسعة ساحات الحرم، فجرى نقلها إلى بركة السلطان لكن ضيق المكان ووجود الاحتلال وقطعان المستوطنين دفع القائمين عام 1984 لنقلها إلى مكانها الحالي.
تفاصيل كثيرة للتكية الابراهيمية يرويها لؤي الخطيب وهو المسئول عنها، حيث يقول "للرسالة" : تعمل التكية على مدار العام عدا يومين "عيد الفطر والأضحى"، والأكل الذي يعد يكون خمسة أيام قمحا مجروشا ويومي الاثنين والجمعة يكون الدجاج أو اللحم.
أما عن شهر رمضان ذكر أن له ميزته الخاصة فتكون اللحوم حاضرة طيلة الشهر، ويتسابق المواطنين لأخذ الشوربة والطعام، مشيرا إلى أن رجال الاعمال والمحسنين يتسابقون للتبرع طيلة الشهر.
ويوضح أن هناك اشخاص من أصحاب المال يأتون للتكية لأخذ الشوربة كونهم يعتبرونها مباركة لأنها حساء سيدنا إبراهيم، ويرددون " بدنا ناخود البركة"، مشيرا إلى أن هناك عائلات محتاجة وتخجل من أن تأتي وتطلب فيسارع العاملون بإيصالها لبيوتهم لأن أساس العمل هو الحفاظ على النسيج الاجتماعي.
ويحكي الخطيب موقفا لرجلا كان من أصحاب المال لكنه أفلس وبات محتاجا لا يستطيع اعالة اسرته، جاء وطرق باب التكية وهو يبكي، شرحنا له وضع التكية وأن الغني والفقير فيها متساويان حينها هدأ من روعه وخرج متسللا لبيته وهو يحمل الطعام.
وبحسب المسؤول عن التكية فهي ليست لأهل الخليل، بل يزورها الكثير من الوفود المسلمة والأجنبية التي تتبارك بشرب الحساء، فوجودها في الخليل لم يجعل أي فقير ينام جائعا.
ويعمل متطوعو الإبراهيمية كخلية نحل، رغم كل الصعوبات التي فرضتها جائحة فيروس "كورونا"، ضمن معايير الصحة والسلامة والاحتياطات الوقائية اللازمة داخل التكية وخارجها.
ويقول الخطيب إن وجبات التكية في شهر رمضان تتضمن لحوماً مطهية، إضافة إلى الخبز والأرز والخضار، مضيفا أنهم أعدوا رمضان الماضي 900 كيلو من الدجاج الطازج في اليوم الأول، والتي وزعت على مختلف مناطق محافظة الخليل، ومن لم يستطع الوصول إلى مقر التكية، بسبب الإغلاقات المفروضة للحد من انتشار فيروس "كورونا"، وصلته الوجبات عبر طرود غذائية، فمدينة الخليل عرفت بأنها لا يبيت فيها جائع.