لطالما كانت منطقة سلوان جارة المسجد الأقصى نموذجا في الثبات والمقاومة، ورغم كل ما تتناقله الأخبار من تهريب عن عقارات وقيام بؤر استيطانية هنا أو هناك، ومصادرة أراض وبيوت بحجة قانون أملاك الغائبين إلا أن أهالي سلوان ما زالت لديهم القدرة على الصمود.
قبل أيام وتحت عتمة الليل، سيطرت جمعية عطيريت كوهييم على قطعة أرض مسربة تبلغ مساحتها 400 متر. أفاق أهالي الحي على أصوات المستوطنين وهم يحاولون بناء غرفتين فوق الأرض وفتح مدخل بين البنايتين، في كل منهما أربع شقق سكنية غير مأهولة.
ويذكر السكان أن البنايتين هما ملك لعائلة مقدسية باعتها قبل ثلاثة أشهر لعائلة فلسطينية مع اشتراط مراجعة العائلة الأصلية قبل عملية أي بيع لضمان عدم بيعها لمستوطنين.
وقد اندلعت مواجهات فور الإعلان عن بيع العمارتين بين المستوطنين والسكان المحليين والجيران، وأطلقت فيها قنابل الصوت، عبر فيها أهالي سلوان عن غضبهم في بيان نشروه عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
كما أصدرت 3 عائلات من سلوان ثلاث بيانات براءة من بعض أفراد عائلاتها ممن يعتقد تورطهم في صفقة التسريب، جاء فيها وبصياغة متقاربة: "نعلم أن تلك البيانات لا تقدم ولا تؤخر في مثل هذه الجرائم، ولكنه الموقف الذي يوجبه علينا الدين والانتماء من إعلان للبراءة.. وأن أي تساهل أو تبرير في هذه المواقف يعد جريمة أكبر لأنه سيكون سببا في تشجيع تسريب عقارات أخرى.. ونرفع الغطاء العائلي والشرعي والعشائري عن المتورطين، ويشمل الأمر جميع المتعاونين معهم أو من يشاركونهم في الأفراح والأتراح".
زياد ابحيص الكاتب المختص بقضايا القدس علق على ثبات أهالي سلوان رغم كل ما يواجهونه يوميا من تهويد قائلا: "من جديد ومن وسط الجرح والألم لهذه الخسارة في سلوان على يد متواطئين من أبنائها العاقين، رغم ذلك يجب ألا نتجاهل أنها قضية مهمة".
وفسر ابحيص كلامه مضيفا:" الوجود الاستيطاني اليهودي في سلوان بدأ قبل ١٣٩ سنة، ووضعت تحت المجهر الصهيوني كجزء مما يسميه الصهاينة "الحوض المقدس" عام ١٩٧٢ أي منذ ٤٩ سنة، وتعمل فيها جمعيات إلعاد وعطيرت كوهانيم منذ ٣٥ سنة في المتوسط مع تفاوت بينهما، ورغم كل ذلك ما يزال للوجود الصهيوني بؤر تشكل اختراقات وليس الحالة السائدة.
ويلفت ابحيص: "نسب السكان بحسب المصادر الصهيونية ٩٦٪ عرب مقابل ٤٪ مستوطنين"
هذا يعني حسب ابحيص، أن سلوان كانت بالإجمال نموذجاً لجدوى الصمود، والقدرة على التمسك بالأرض.
كما يرى ابحيص أن النظر إلى زاوية البيع من قبل " ثلاث عائلات من سلوان" هو أمر قد يكون ظالما، فسلوان لا زالت رمزا للثبات والصمود، مضيفا: نخطئ كثيراً بحقها وبحق أنفسنا إن نظرنا لتجربتها من زاوية اليومين الأخيرين فقط.