أعلنت وزارة داخلية إقليم كردستان بشمالي العراق أن الهجوم على مطار أربيل بكردستان مساء الأربعاء، حيث يتمركز عسكريون أميركيون، نفّذ للمرة الأولى عبر طائرة مسيرة، في فصل جديد من فصول التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق.
ويأتي الهجوم الذي سمع دوي انفجاره في كل أرجاء المدينة، بعد حوالي شهرين من هجوم صاروخي استهدف مجمعا عسكريا في المطار، تتمركز فيه قوات أجنبية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لدعم العراق لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وسقط فيه قتيلان بينهم متعاقد مدني أجنبي يعمل مع التحالف.
وتبنت الهجومَ مجموعة تطلق على نفسها "سرايا أولياء الدم" بالعراق، وقالت إنه استهدف مركزا لعمليات الموساد بأربيل، وخلف خسائر في الأرواح والمعدات.
وفي أعقاب الهجوم، أغلقت القوات الأمنية كلّ مداخل مطار أربيل، حسب ما أفاد به شهود في المكان، لكن المحافظ أكد استمرار الرحلات الجوية.
تصعيد خطير
وأكدت وزارة داخلية إقليم كردستان الأربعاء أنه "تبين أن الهجوم نفذته طائرة مسيرة مفخخة بمادة "تي إن تي" (TNT) ووجهت إلى قاعدة قوات التحالف داخل المطار". وأضافت "لحسن الحظ لم تقع إصابات، ولم تلحق سوى أضرار مادية بمبنى".
من جهته اتهم السياسي الكردي ووزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري في تغريدة "مليشيا" بأنها خلف الهجوم، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران في العراق.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أحرق مئات من مؤيدي الحشد الشعبي مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد بعد انتقادات وجهها زيباري العضو في الحزب.
لكن زيباري ندّد الأربعاء بهجوم "إرهابي بصاروخ وطائرة مسيرة، يهدف إلى تقويض أمن كردستان العراق"، معتبرا أن الجهة التي تقف خلفه هي نفسها التي نفذت هجوم 15 فبراير/شباط الماضي الصاروخي على المطار.
وكتب "يبدو أن المليشيا نفسها التي استهدفت المطار قبل شهرين تعاود الكرّة. هذا تصعيد ملموس وخطير"، في وقت تضاعف فيه الفصائل الموالية لإيران من تصريحاتها المنددة بالأميركيين، متوعدة بمزيد من الهجمات لطرد "الاحتلال"، تطبيقا لقرار برلماني قبل أكثر من عام ينص على انسحاب كافة القوات الأجنبية من العراق.
اعلان
ومساء الأربعاء، تحدّث الناطق باسم "النجباء"، وهو فصيل موالٍ لإيران، عن أن "تحديد الخطر على العراق وكيفية التعامل معه هي وظيفة أبناء العراق الذين خرجوا بالملايين مطالبين برحيل احتلالكم البغيض وإنهاء تدخل مركزكم التجسسي في بغداد المسمى (تجاوزا) السفارة"، في إشارة إلى الأميركيين.
مقتل عسكري تركي
في الأثناء، أكد مصدر أمني عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية أن صواريخ سقطت في أكثر من مكان، أحدها أصاب قوات تركية منتشرة منذ 25 عاما في عشرات القواعد في شمالي العراق لقتال حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردا ضد الدولة التركية منذ عقود وتصنفه أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه "تنظيم إرهابي".
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن عسكريا تركيا قتل في الهجوم على قاعدة تركية في محافظة الموصل، مشيرةً إلى أن 3 صواريخ استهدفتها إلا أن واحدا منها فقط أصاب الهدف، في حين أصيب طفل عراقي في قرية مجاورة جراء سقوط أحد الصواريخ فيها.
وبينما لا يوجد رابط واضح بين الهجومين، دان رئيس وزراء إقليم كردستان بتغريدة الهجوم الجديد، وأعلن فيها أنه تحدث هاتفيا مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أغلو بشأن "الهجوم الإرهابي الذي وقع الليلة على مطار أربيل الدولي والمعسكر التركي في بعشيقة".
ودان "الجماعة الإرهابية التي تقف وراءه"، من دون أن يحدد هويتها، مؤكدا أنه يجب "محاسبة هذه الجماعات الخارجة عن القانون".
في وقت سابق الأربعاء، انفجرت قنبلتان عند مرور موكبين لوجستيين عراقيين يقلان معدات عسكرية للتحالف الدولي في محافظتي ذي قار والديوانية في جنوبي العراق، بحسب مصادر أمنية.
وبالمجمل، استهدف 20 هجوما، بصواريخ أو قنابل، قواعد تضمّ عسكريين أميركيين أو مقرات دبلوماسية أميركية منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، في حين وقع العشرات غيرها قبل ذلك على مدى أكثر من عام ونصف العام.
وقبل أسبوع فقط، استأنفت الإدارة الأميركية "الحوار الإستراتيجي" افتراضيا مع الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي الذي يتعرض أيضا لتهديدات من الفصائل الموالية لإيران.
وتملك كلّ من الولايات المتحدة وإيران حضورا عسكريا في العراق، إذ تقود الولايات المتحدة التحالف الدولي الذي يساعد العراق في محاربة تنظيم الدولة منذ 2014، وتنشر نحو 2500 عسكري في البلاد. من جهتها تدعم إيران قوات الحشد الشعبي المنضوية في إطار مؤسسات الدولة العراقية.
وفي 26 فبراير/شباط الماضي، استهدف قصف أميركي كتائب حزب الله -وهو فصيل عراقي موال لإيران- عند الحدود السورية العراقية، ردا على استهداف مصالح أميركية في العراق. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن حينها إن الضربات الجوية الأميركية في شرق سوريا يجب أن تنظر إليها إيران على أنها تحذير.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أقرّ بأن ذلك الرد الأميركي لم يكن له الأثر الرادع الذي كان متوقعا، لكن شدّد على أن "لا أحد يرغب في حصول تصعيد".
ووصل التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران ذروته في يناير/كانون الثاني 2020، حينما استهدفت مسيّرة أميركية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد، مما أدى إلى مقتله، الأمر الذي أثار المخاوف من حصول مواجهة مباشرة بين الطرفين.
المصدر : الجزيرة + وكالات