عبّر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، عن أسفه لقرار تأجيل الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في الثاني والعشرين من الشهر المقبل، داعيًا إلى لقاء وطني جامع لتدارس كيفية تجاوز هذه المحطة.
وقال هنية خلال كلمة له بثتها فضائية الأقصى مساء الجمعة، إن تأجيل الانتخابات قرار مؤسف، وضعنا كفلسطينيين في منطقة تشبه الفراغ، مشيرًا إلى أن هناك قضايا كبيرة كان يجب أن نعالجها من خلال المؤسسات التي كانت ستتشكل بعد الانتخابات.
ولفت هنية إلى أن قرار التأجيل فيه من التعقيدات ما يمكن أن يعيد الوضع الفلسطيني إلى مربع المناكفات، مؤكدًا أن حركة حماس لا تريد أن تحول هذا الوضع إلى صراع داخلي، بل تريد أن تستمر لغة الحوار مع الكل الفلسطيني.
وأضاف: اليوم هناك خارطة جديدة نتجت عن التحضير للانتخابات وتشكيل القوائم، بالتأكيد لا بد أن تؤخذ في الاعتبار في رسم ملامح المستقبل.
وأوضح هنية أن مسار الوحدة لم يكن مقتصرًا على الانتخابات فقط، مشيرًا إلى أننا اتفقنا على انتخابات وقيادة موحدة ومقاومة شعبية وشراكة في كل النظام السياسي الفلسطيني (منظمة التحرير، والرئاسة، والحكومة، والمجلس التشريعي).
وبيّن أنه خلال الفترة الماضية استطعنا أن نحقق لأهلنا في الضفة وغزة إنجازات بما فيها الحرية السياسية لكل أبناء شعبنا، مضيفًا أننا نريد أن نحافظ على هذه الإنجازات، ولا نريد مجددًا أن ننقض عليها، لأن هذه القضايا أصيلة من حقوق شعبنا وخاصة أهلنا في الضفة.
وتابع هنية أنه برغم الظروف الصعبة التي عاشها أهلنا في الضفة إلا أنهم وقفوا موقفًا عظيمًا من خلال الجهود وتشكيل القوائم والتحركات والتفاعل مع القدس، والتفاعل مع متطلبات الوحدة.
لا نفرط بحقوق شعبنا
وأكد هنية أنه لم يكن مطروحًا على الطاولة بيننا وبين حركة فتح في أي فترة من الفترات أن هذه الانتخابات مرهونة بالموافقة على متطلبات الشرعية الدولية.
وأضاف أن حماس حريصة كل الحرص على العلاقات مع المجتمع الدولي، وهي حريصة على تطوير علاقتها بما يحقق مصالح شعبنا، وبما لا يلحق الضرر بشعبنا، مردفًا أننا نحن نسير وفق متطلبات شعبنا وحقوقه.
وتابع هنية: حقوق شعبنا هي التي تمثل لنا الأساس والمنطلق، أما الشرعية الدولية التي تريد شطب حق العودة لسبعة ملايين فلسطيني، شرعية دولية على حساب حقوقنا وحقوق شعبنا، فبالتأكيد نحن لا نتعامل مع هذا الموضوع.
وأردف: لقد اتفقنا مع الجميع على أن وثيقة الوفاق الوطني، ومخرجات الأمناء العامين، إلى جانب تفاهمات اسطنبول، هي المرجعية السياسية والإطار السياسي لكل فصائلنا المشاركة في الحوارات والانتخابات.
وشدد هنية على أن حركة حماس لا يمكن أن تضحي بحقوق شعبنا مقابل انتخابات مرتبطة بشرعية دولية على حساب حقوق شعبنا.
أسباب غير مقنعة
وقال هنية إنه جرى تأجيل الانتخابات الفلسطينية لأسباب غير مقنعة إطلاقًا ولأسباب كثيرة يعرفها شعبنا، مشددًا على أن حماس ما زالت مع إجراء الانتخابات التشريعية في مواعيدها المحددة، ثم الانتخابات الرئاسية والمجلس الوطني.
وأوضح هنية، طالما أن القرار الفلسطيني يريد أن يكون مرهونًا للإرادة الإسرائيلية، وأننا نرفض الدخول في اشتباك سياسي وميداني، معنى ذلك أن التأجيل يعني الإلغاء ومصادرة حق الشعب الفلسطيني في أن يمارس حقه الطبيعي المكفول له في كل الأعراف والقوانين الدولية.
وأكد هنية على أنه لا يوجد خلاف مع حركة فتح ولا أي جهة على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس، ولكن الخلاف مع أبو مازن حينما رهن قرارنا الفلسطيني وإرادة شعبنا بقرار الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع، كان يجب علينا أن نخوض هذه العملية، وأن نجري الانتخابات في القدس، ولدينا شعب في القدس قادر على انتزاع هذا الحق.
وشدد هنية على أنه "لا انتخابات بدون القدس أولًا وقبل كل شيء، فلا شيء بدون القدس، ولا دولة فلسطينية ولا معنى للتحرير وفلسطين بدون القدس، فالقدس مرتبطة بأبعاد كثيرة سياسية واجتماعية ووطنية وفكرية، وهي ضمير وهي عاصمة سياسية".
وأضاف هنية، حينما وقعنا على وثيقة وميثاق الشرف في حوارات القاهرة كنا نعرف أن الاحتلال ربما لا يسمح بإجراء الانتخابات في القدس، وأن الحكومة الصهيونية المتطرفة تتمسك بصفقة القرن، وترى أن القدس عاصمة موحدة للكيان، ومع ذلك كل الفصائل الفلسطينية وكل المشاركين في الحوار أكدوا أننا سنمضي في هذه المعركة، وأن القدس معركة وطنية واشتباك سياسي، وأننا سنجري الانتخابات فيها مهما كانت التحديات والعقبات.
وأردف هنية، في الفترة الماضية جرت اتصالات مع الأخ أبو مازن وقلت له يجب أن نستمر في هذا المسار، ويجب أن نعيد الاعتبار لهذا الخيار الشعبي الفلسطيني، لا سيما مع بدء تردد فكرة التأجيل في بعض الدوائر، ويجب أن نخوض معركة القدس موحدين، وإذا رفض الاحتلال وضع صناديق الاقتراع داخل مراكز البريد فسنضعها في باحات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وإذا قام الاحتلال ببلطجة سياسية ومنع أهلنا فليكن اشتباك سياسي وميداني، ولينظر العالم إلى هذا الكيان الذي يعتبر نفسه واحة للديمقراطية وهو يحرم شعبنا من ممارسة حقه الديمقراطي الطبيعي.
اجتماع رام الله
وحول موقف حركة حماس من اجتماع رام الله، أوضح هنية: لقد أبلغنا السلطة أن هذا الاجتماع يجب أن يكون مخصصًا للحوار والنقاش الفلسطيني الداخلي في آليات تطبيق الانتخابات في القدس، لا أن نؤجل الانتخابات، ولا أن نخرج القدس من هذه العملية في إطار الاشتباك السياسي مع الاحتلال الصهيوني.
اقتحام الأقصى
وأكد هنية أن التلويحات الصهيونية باقتحام القدس والأقصى يوم 28 رمضان هي لعب بالنار، مشددًا على أن شعبنا لا يمكن أن يقبل بهذه العربدة، ولا يمكن أن نترك أهلنا في القدس وحدهم.
ودعا شعبنا في كل أماكن وجوده وأحرار أمتنا والعالم أن يكونوا على مستوى المسؤولية، وأن يقفوا إلى جانب القدس، مردفًا يجب أن ننتصر في معركة القدس.
وتوجه هنية بالتحية إلى أهالي مدينة القدس المرابطين الذين ينوبون عن شعبنا وأمتنا في الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، وخاضوا ملحمة بطولية في باب العامود، وأعادوا القدس والقضية الفلسطينية مجددًا إلى واجهة الأحداث وإلى واقعها الحقيقي.
وشدد هنية على أن أهالي مدينة القدس أكدوا بصدورهم العارية أن شعبنا قادر على أن ينتزع حقه، وأن ينتصر بمعركة الإرادات، وأن يحافظ على هوية القدس والأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
كما توجه هنية بالتحية إلى أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة والـ48 ومخيمات اللاجئين الذين هبوا إلى جانب إخوانهم في القدس بمسيراتهم وتظاهراتهم وصواريخهم، ليؤكدوا حقيقة واضحة أن معركة القدس هي معركة الجميع.